دولي

اليوم العالمي للمعاق.. على من تقع المسؤولية؟!

القلم الفلسطيني

 

 

في اليوم العالمي للمعاق الثالث من كانون الأول (ديسمبر)، الذي كرسه المجتمع الدولي يومًا لتأكيد ضرورة احترام وتعزيز وحماية حقوق المعوقين في أنحاء المعمورة كافة، وهي الحقوق المستندة إلى المبادئ العامة لحقوق الإنسان، ومنها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، التي تنص على ضرورة تحقيق المساواة التامة بين جميع أفراد البشر، دونما أي نوع من التمييز القائم على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو الأصل الاجتماعي، أو أي شكل آخر من أشكال التمييز.

وفي هذه المناسبة نؤكد حجم المعاناة الخاصة التي يعيش فيها المعاقون الفلسطينيون في مدن وقرى ومخيمات الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة على صعيد تزايد حجم الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في قطاع غزة خلال الحروب المدمرة المتكررة التي شنتها، فقد أدت تلك الجرائم ضد الفلسطينيين إلى وقوع مزيد من الضحايا المدنيين، نتيجة استهدافهم، أو استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة المفرطة، دونما اعتبار لأهمية الحق في الحياة والحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء الذين لم يشكلوا أي نوع من الخطر الحقيقي على حياة جنود قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي.

إن إعلان وزارة الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة أن أعداد ذوي الإعاقة في القطاع بلغت نحو ٥٠ ألف معوق يدعو إلى القلق جراء هذا العدد الكبير، خاصة أنه لا توجد مراكز رعاية أو علاج لهذه الحالات إلا ما ندر، وإن وجدت هذه المراكز فإنها بحاجة للكثير من المستلزمات التي يحتاج لها المعاقون. ولاشك أن معظم حالات الإعاقة هذه -إن لم نقل كلها- ناجمة عن الحروب العدوانية التي شنها الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، وأدت إلى استشهاد الآلاف وإصابة عشرات آلاف المواطنين، ما أوجد عند آلاف الجرحى حالات إعاقة.

ولو رجعنا قليلًا إلى الوراء لوجدنا أن هذه الجرائم لم تكن بمنأى عن الأشخاص المعاقين من الفلسطينيين، إذ طالتهم شأن بقية السكان الفلسطينيين الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووفقًا لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: استشهد 56 من المعاقين الفلسطينيين، بينهم 9 أطفال و3 نساء، وذلك منذ بداية الانتفاضة في التاسع والعشرين من أيلول (سبتمبر) 2000م حتى 30/11/2003م، ومن بين الشهداء المعاقين 17 شهيدًا كانوا يعانون من إعاقة عقلية، و10 شهداء كانوا يعانون من إعاقة حركية، و10 شهداء كانوا يعانون من إعاقة سمعية، و7 شهداء كانوا يعانون من إعاقة مزدوجة، و11 شهيدًا كانوا يعانون من إعاقة نفسية، وشهيد كان يعاني من إعاقة بصرية، وقد ارتقى ثلاثة شهداء معاقين نتيجة اغتيالهم خارج نطاق القانون على أيدي قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي.

إن ارتقاء هذه الأعداد الكبيرة من الشهداء بين صفوف المعاقين يؤكد أن قوات الاحتلال لم تكن تبذل أي جهد لتجنب إيقاع مزيد من الضحايا بين صفوف المدنيين الفلسطينيين عمومًا، والمعاقين منهم على وجه الخصوص، أي ممن كانوا في أمس الحاجة للمساعدة الإنسانية، وتوفير الخدمات الطبية المناسبة لحالاتهم المختلفة. إضافة إلى ذلك ذاق المعاقون الفلسطينيون الاعتقال على أيدي قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، وقاسوا أصنافًا شتى من المعاملة السيئة والعقوبة القاسية والحاطّة من الكرامة الإنسانية، وأشكالًا مختلفة من التعذيب، وذلك باحتجاز المئات منهم عدة ساعات على الحواجز العسكرية التي عزلت بها تلك القوات المدن والقرى الفلسطينية بعضها عن بعض.

وأيضًا تقع على عاتق القطاعين الخاص والعام وأيضًا المؤسسات الوطنية والسلطة مسؤولية توفير مراكز تأهيل، ومصانع أطراف صناعية، لسد احتياجات المعاقين من أبناء شعبنا في قطاع غزة، وتقع على القطاعين الخاص والعام أيضًا مسؤولية إيجاد فرص عمل لهؤلاء المعاقين بعد تأهيلهم، لكي يصبحوا منتجين في المجتمع، وليسوا عالة على أسرهم وذويهم؛ فقانون العمل الفلسطيني وقانون المعاق يؤكدان ضرورة توفير فرص العمل للمعاقين، لتمكينهم من العيش بكرامة، سواء أتسبب بإعاقتهم الاحتلال الإسرائيلي أم نتجت عن أمراض عادية أو أمراض وراثية.

 

 

د. أيمن أبو ناهية

من نفس القسم دولي