الوطن

البرلمان يشتكي "غياب النواب" و"عدم الفعالية"

كل تدخلاتهم ترتكز على البهرجة الإعلامية والسياسية

 

  • حزب العمال ينقذ العهدة البرلمانية السابعة لتيار المعارضة 
 
قبيل أربعة أشهر عن اختتام العهدة التشريعية السابعة، تناقش وتمرر مشاريع القوانين في المجلس الشعبي الوطني عبر "كراس فارغة" ودون تعديلات، وفي بعض الحالات "دون بلوغ النصاب القانوني"، حسب مصادر برلمانية، وبغض النظر عن ندرة مساهمة الأغلبية (الأفلان والأرندي بمجموع 287 نائبا) بتعديلات جوهرية وطرح انشغالات المواطن، فإن بعض النواب من المعارضة يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه بتسجيل تدخلاتهم الخارجة عن إطار الموضوع محل النقاش، أما البعض الآخر، على غرار نواب حزب العمال (22 نائبا) فكل تدخلاتهم في صميم الموضوع وبتعديلات تفوق نواب الأغلبية، فيما تشكل بعض التدخلات "بهرجة إعلامية وسياسية"، على غرار النائب الطاهر ميسوم المعروف بلقب "سبيسيفيك"، وأخرى تستغل الكلمة لانتقاد السلطات المحلية والحكومة على غرار النائب حبيب زقاد، فأي دور يضطلع به 397 نائبا في البرلمان.
فمنذ افتتاح الدورة العادية للبرلمان، في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الفارط، لا تزال الجلسات العلنية تشهد غيابا كبيرا، خصوصا بالنسبة لنواب الأغلبية (الأفلان والأرندي) ونواب الأفافاس وبعض نواب التكتل الأخضر، ويضع هذا الغياب رئيس المجلس الشعبي الوطني في "حرج" أمام الحكومة، خصوصا في جلسات التصويت التي لا تنعقد إلا بحضور ثلثي الأعضاء، وفي كثير من الأحيان، يتم تأجيل الجلسات لأكثر من ساعتين، على غرار ما حدث، أمس، في جلسة التصويت على مشروع قانون يحدد قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية التي تشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، وحتى افتتاحها دون توفر النصاب القانوني، مثلما كشف عنه مصدر برلماني ليومية "الرائد" على هامش جلسة أمس.
 
النائب "سبيسيفيك" والخرجات الفلكلورية المزعجة
لا يكتفي النائب عن حزب التجديد الوطني، الطاهر ميسوم، المعروف بالنائب "سبيسيفيك"، وكذا النائب حبيب زقاد عن كتلة الأحرار، بانتقاد الحكومة وإطلاق اتهامات وسهامه ضد السلطات الولائية والمصالح المركزية في الوزارات، بل تعدى ذلك في كثير من تدخلاته إلى خرجات "فلكلورية" وأخرى "مزعجة" أمام الوزير الأول ومع كثير من الوزراء. ففي آخر الخرجات في جلسة مناقشة قانون "مزدوجي الجنسية"، أخرج النائب "سبيسيفيك" من جعبته "كفنا وبخورا ومسكا" وقدمها لرئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة ووزير المالية، تعبيرا عن سخطه لما تفعله الحكومة ومصالحها الولائية مع المواطنين، وقبل يومين، خلال جلسة علنية لمناقشة قانون التقاعد، ارتدى النائب "عجار" (برقعا) لتغطية وجهه مرددا "لبستوا لنا عجار أصبحنا نخجل من أنفسنا بسياساتكم الفاشل".
ورغم أن هذه الخرجات تعتبر "موقفا سياسيا" بطريقة هزلية وتندرج ضمن المواقف السياسية الديمقراطية في منبر دستوري، إلا أن الكثير من المتابعين يرون أن "انتقادات النائب ميسوم أقحمته في صراعات مع عدة وزراء، على غرار غلق مصنعه للحليب ومشتقاته بولاية المدية"، واتهامه لوزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب بالوقوف وراء التضييقات الممارسة ضده بولايته، فيما يقول متتبعون أن "الحصانة البرلمانية للنواب قد تكون في بعض الأحيان نقمة وليس نعمة لأنها تمنحهم هامشا من الحرية يتم استغلاله في التجريح بأعضاء الحكومة وشخصيات وطنية".
 
نواب التكتل والأفافاس "معارضة شكلية" دون فعالية
يسجل نواب التكتل الأخضر (الإصلاح، النهضة، حمس) البالغ عددهم 50 نائبا، "تدخلات محدودة" في مناقشة القوانين وتعديلاتها، مقارنة بعدد نواب حزب العمال (24 نائبا) أو جبهة العدالة والتنمية (8 نواب)، وتتركز معظم مداخلات نواب التكتل حول قضايا محلية في الولايات وأخرى بعيدة عن الموضوع محل النقاش، فيما لم يسجل التكتل سوى تعديل أو تعديلين في التعديلات المقترحة عند مناقشة المشاريع، رغم أنها هي الأساس في العمل البرلماني، رغم ما تمارسه الأغلبية داخل اللجنة وداخل المجلس في إسقاط التعديلات وإعادة صياغتها في بعض الأحيان بما يتوافق مع توجهاتها السياسية الموالية للحكومة.
أما نواب الأفافاس (28 نائبا) فحدث ولا حرج، فالغياب التام عن الجلسات منذ بداية العهدة "صار مبدأ راسخا" لدى المجموعة البرلمانية للحزب، ورغم بعض التدخلات المركزة التي يلقيها بعض نواب الحزب في مواضيع محلية إلا أن المجموعة البرلمانية للأفافاس لا تناقش ولا تصوت، ومع ذلك تقاطع كل جلسات مناقشة القوانين "بمبرر الأزمة السياسية المنعكسة اقتصاديا واجتماعيا وحتى تشريعيا"، ولإنقاذ وجودها داخل الهيئة التشريعية "تسارع المجموعة البرلمانية عند مناقشة قوانين هامة، على غرار قانون المالية لسنة 2017 بإصدار بيان مكتوب يتم إلقاؤه على هامش الجلسة"، ما جعل الكثير من المتتبعين يتساءلون "أين الدور البرلمان للأفافاس الذي انتخب من أجله في البرلمان"؟.
 
حزب العمال ينقذ "العمل البرلماني" أمام الحكومة
منذ بداية العهدة التشريعية السابعة (2012-2017)، تسجل المجموعة البرلمانية لحزب العمال "حضورا لافتا" في كل جلسات مناقشة القوانين والتصويت عليها بمعدل تعديلات وتدخلات يفوق في كثير من الأحيان نواب المجلس الشعبي الوطني "كاملا"، وكمثال على ذلك، سجلت لجنة المالية والميزانية عند مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2017 مجموع 66 تعديلا، بينها 31 تعديلا للمجموعة البرلمانية لحزب العمال، وعند جلسة التصويت بعد سحب نواب الأفلان والأرندي لكل تعديلاتهم "ما جعل جلسة التصويت تتحول إلى تدخلات منحصرة في حزب العمال".
ورغم أن الجهاز التنفيذي يقوم باقتراح مشاريع القوانين، إلا أن الهيئة التشريعية لا تجد في كثير من الحالات "سوى تعديلات سطحية من النواب"، ما يجعلها تصادق على مشاريع القوانين كما وردت لها من الحكومة، وذكر أحد النواب أن "بعض الوزراء صاروا يتباهون أمام زملائهم بعدم تغيير أي حرف من مشاريع القوانين المعروضة أما البرلمان"، ما اعتبره النائب "إهانة للهيئة التشريعية وعدم قيامها بالدور المنوط بها".
 
الأفلان والأرندي "يختبئون" وراء إنجازات الرئيس
في كثير من تدخلات نواب حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي (387 نائبا) لا تخرج كلمتهم "عن المدح والثناء على إنجازات رئيس الجمهورية والحكومة"، ورغم أن الوزير المقترح لمشروع القانون يصر في كلمته التمهيدية على حاجة المشروع إلى تعديلات وأفكار لإثرائه، إلا أن "نواب البرلمان يستغلون الوقت الممنوح لهم المقدر بخمس دقائق" في إطلاق مجاملات والخروج عن الموضوع محل النقاش".
في ظل هذه المؤشرات، يقول مراقبون إن التشريعيات المرتقبة شهر أفريل المقبل، ستكون نسبة المشاركة فيها "انعكاسا حقيقيا" للدور البرلماني لنواب هذه العهدة، فبعد مطالب رفع الرواتب وجواز السفر الدبلوماسي واختتاما بمنحة نهاية العهدة، قد تجد الحكومة "نفسها محرجة" للبحث عن شرعية ومصداقية للتشريعيات المقبلة، خصوصا أن المشاركة في تشريعيات 2012 لم تتجاوز حسب أرقام رسمية نسبة 40 في المائة.
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن