دولي

مصير عباس ما بعد المؤتمر السابع

القلم الفلسطيني

 

يواجه رئيس حركة فتح الفلسطينية استحقاقاً مهماً في التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وسط حالة انقسام وتدافع داخلي شديدة، تشبه كثيراً الحالة التي سبقت انقسام 1983. 

المؤتمر السابع الذي تنوي فتح "عباس" تنظيمه لم يعد شأناً فتحاوياً، ولا فلسطينياً، بل يتعداهما إلى شأن إقليمي وربما دولي، والحاضر الغائب الأبرز هي "إسرائيل". 

وسط هذا الاهتمام، والجدل الكبير الذي يسبق المؤتمر، أظن أن ما بعد المؤتمر أهم من قبله، ومصير الرئيس الفلسطيني محمود عباس أهم حلقة من حلقات المؤتمر المستقبلية، فمن ناحية، الجميع يعلم جيداً أن عصر الرجل قد ولّى سياسياً، ولعلّ هو أول شخص كان قد عرف بذلك، وأن مساعيه لعقد المؤتمر السابع لفتح، ربّما يأتي من منطلق قناعته الشخصية بأنه أصبح بحكم الماضي، لأنه أولاً أصبح كبيراً في السن، وثانياً أن برنامجه فشل فشلاً ذريعاً، وثالثا لأنه على علم بأن من أتى به يريد أن يأتي بآخر يحمل هذا البرنامج الفاشل، رابعا لأن طبيعة المرحلة محليا وإقليميا تتطلب التغيير في رأس هرم السلطة، بالتالي، القضية الأساسية هي خلافة عباس، والشخصية التي يمكن أن تخلفه، أي أن نقطة الخلاف المحورية هي حول اسم هذا الرجل، وليس البرنامج الذي سيأتي به الخليفة، لأنه على أية حال لن يختلف مع برنامج عباس شكلا ومضمونا.

لا بد من التأكيد أن أيا كان أسباب الخلاف بين السيد محمود عباس وبين السيد محمد دحلان، إلا أنه ليس على البرنامج الذي أصبح معروفا لدى الجميع، هما ربما يختلفون على شكل تنفيذ هذا البرنامج أما لا خلاف بينهما على المضمون.

وفي هذا الإطار، لابد من التأكيد أن أيا كانت أسباب الخلاف بين السيد محمود عباس وبين السيد محمد دحلان، إلا أنه ليس على البرنامج الذي أصبح معروفا لدى الجميع، هما ربما يختلفان على شكل تنفيذ هذا البرنامج أما المضمون فلا خلاف بينهما عليه. 

على أي حال تمثل مرحلة ما بعد "عباس" الهاجس الأكبر الذي يشغل نفسه، وغريمه الدحلاني، وداعميهما الإقليميين في الوقت الحاضر.

وفي هذا السياق، ربما التساؤل المنطقي الذي يُطرح، يدور حول مصير الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد المؤتمر السابع، الذي قد يسعى عباس أن يرسمه بنفسه داخل المؤتمر، ولعلّ من هذا المنطلق يأتي إصراره على تنظيم هذا المؤتمر وسط هذه الحالة الانقسامية الشديدة داخل حركة فتح، متجاهلاً حتى الآن الرباعية العربية ومساعيها، التي كانت تريد أن ترسم هي، عنوان الخطوط العريضة في مرحلة ما بعد محمود عباس من خلال فرض شخصية محببّة لديها، ولدى الطرف الإسرائيلي والغربي وعلى وجه الخصوص الأمريكي.

الآن، والجميع بانتظار المؤتمر السابع لحركة فتح في 29 نوفمبر القادم ومخرجاته التي قد تحمل مفاجئات ثقيلة للجميع، يمكننا وضع تصورات وسيناريوهات حول مصير الرئيس محمود عباس بعد المؤتمر السابع، في حال عقده وعدم استسلام عباس في اللحظات الأخيرة، لأن التجربة العباسية أثبتت أنه عندما يقرر فعل شيء، لا يمكن التأكد من وقوع هذا الفعل، خاصة إذا ما كان القرار مجرد مناورة، والأمثلة كثيرة على هذا الصعيد، ولعلّ قراره تنظيم انتخابات البلديات وثم عدوله عن هذا القرار في أيام معدودة سبقت هذا الاستحقاق خير دليل على ذلك، لذلك ونحن على بُعد أيام فقط عن عقد المؤتمر السابع لحركة فتح، لا يمكننا القطع بأنه سيُعقد في موعده المحدد والمعلن، بسبب المزاجية العباسية التي تحدثنا عنها.

أما السيناريوهات والتصورات حول مصير محمود عباس بعد المؤتمر السابع إن انعقد بالفعل، يمكننا اختصارها فيما يلي:

السيناريو الأول، "البقاء المؤقت"، وهو أن يمتنع الرئيس عباس عن تعيين النائب، مع الاكتفاء باختيار أعضاء اللجنة لمركزية والمجلس الثوري، امتناع عباس عن تعيين الخليفة وفق هذا السيناريو ربما يأتي نتيجة استلامه لضغوط وتهديدات إقليمية ودولية في لحظات تسبق المؤتمر، أو وعود محسنّة يتلقاها، أو نتيجة شعوره بالمخاطر الكبيرة التي يتوقف عليه تعيين النائب خارج سياق التفاهمات الإقليمية والدولية.

السيناريو الثاني، "التفويض المؤجل"، أن يقوم المؤتمر وفق مخطط عباسي مسبق باختيار نائب لرئيس ولجنة مركزية ومجلس ثوري.

السيناريو الثالث، "الاستقالة والتفويض"، أن يُفجّر محمود عباس قنبلة شديدة الانفجار، معلناً في المؤتمر استقالته، وتفويض رئاسة فتح لنائب يُعيّن في المؤتمر نفسه، مع اختيار أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري.

السيناريو الرابع، "الانقلاب الأمني"، بحيث تقوم مجموعات مسلحة مؤيدة لمحمد دحلان من داخل الأجهزة الأمنية بالانقلاب على محمود عباس وفق خطة إسرائيلية، ومصرية، وإماراتية وبعلم أمريكي. بسبب المخاطر التي تترتب على هذه الخطوة على الأمن الإسرائيلي، لا بد أن تكون هي محكمة ومدروسة جداً لإنهاء الأمر خلال ساعات، وإعادة الأمور إلى سياقها الأمني الطبيعي كأنه لم يحدث شيء.

 

 

 

صابر كل عنبري 

 

من نفس القسم دولي