الوطن

محللون: دور المعارضة هو "شرعنة" قرارات السلطة

بسبب ضعف أدائها البرلماني وفشل مبادراتها السياسية

 
  • رزاقي: لا وجود لأي معارضة، فالدستور منح الرئيس سلطة تعيين الحكومة
  • خبابة: المواطن واعٍ بمشاركة المعارضة في الانتخابات من أجل المال والحصانة 

 

 

ترك تمرير مشروع قانون المالية لسنة 2017 مثلما ورد من الحكومة "انتقادا حادا" لدور المعارضة البرلمانية. وبعيدا عن تركيبة الهيئة التشريعية التي تحوز فيها أحزاب الموالاة أكثر من ثلثي المقاعد، فإن مجمل التعديلات (31 تعديلا من بين 66) التي جاء بها نواب المجلس الشعبي الوطني، كانت لـ"حزب العمال"، وباقي التعديلات تم سحبها من قبل نواب الأرندي والأفلان عشية جلسة التصويت، دون تبريرات واضحة. وفي السياق، يعتبر المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن "ما يحدث حاليا في قبة البرلمان يؤكد بصفة مطلقة أن تشريعيات 2017 ستكون من أجل المال والحصانة، ولا وجود فعلي واقعي لأي معارضة أو موالاة".

ووفقا لأصداء مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2017 والتعديلات التي جاءت بها المعارضة، وكذا مشاركة أحزاب الأفافاس وحزب العمال والتكتل الأخضر وجبهة العدالة والتنمية في جلسات المناقشة، فإن "دور المعارضة اقتصر فقط على انتقاد القانون مجملا وانتقاد سياسات الحكومة المتعاقبة"، في حين قدم نواب حزب العمال "تعديلات ملموسة ومدروسة" تم قبول بعضها ورفض البعض الآخر خلال جلسة التصويت"، فما دور الأحزاب الأخرى الموجودة في البرلمان؟

 

رزاقي: لا وجود لأي معارضة، فالدستور منح الرئيس سلطة تعيين الحكومة 

 

اعتبر المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، أن الأحزاب السياسية في الجزائر كلها في صنف واحد: "لا وجود لمعارضة ولا لأحزاب الموالاة"، مضيفا: "المعارضة بطبيعتها تسعى للوصول إلى السلطة، لكن الدستور الجديد فصل في كيفية الوصول إلى السلطة ومنح الحق لرئيس الجمهورية لتعيين الحكومة وأعضائها وليس من الأغلبية". وأضاف: "مادام الدستور الجديد لا يعطي الحق للأغلبية لقيادة الحكومة، فلا معنى لوجود معارضة وموالاة". وقال الأستاذ رزاقي: "في قانون المالية لسنة 2017 الذي تمّ تمريره على البرلمان، هناك إجماع على تركه كما ورد من الحكومة ولا معنى للمناقشة إذن، فما دور المعارضة إذن؟".

وعن تشريعيات 2017 ودور المعارضة في تغيير موازين القوى، قال رزاقي: "التشريعيات القادمة محسومة مسبقا، وستكون الحكومة وفق ما يريد الرئيس، ولن تكون هناك أغلبية إلا كما تريد السلطة"، مضيفا: "الانتخابات القادمة سيكون طابعها هو الحصول على المال بالنسبة للأحزاب والنواب وكذا الحصانة، أما الهدف للوصول لقيادة الحكومة فلا أثر له"، وأضاف رزاقي: "حتى إذا اتفقت أحزاب المعارضة على التكتل والتحالف لدخول التشريعيات، فلن يمنح لها سوى كوطتها مجتمعة أو منفردة، وحسب الدوائر الانتخابية".

 

خبابة: المواطن واعٍ بمشاركة المعارضة في الانتخابات من أجل المال والحصانة 

 

من جهته، يرى المحلل السياسي، عمار خبابة، أن "مشاركة أحزاب المعارضة في تشريعيات 2017 سيكون فقط من أجل المال والحصانة، وحتى المواطن واع تمام الوعي بذلك". وأضاف: "خروج أحزاب المعارضة على أرضية مزفران ومشاركتها في تشريعيات 2017 يعطي انطباعا سيئا لدى الشعب، ويفضحها ودورها في العمل السياسي من أجل التغيير". وقال خبابة: "مقاطعة حزب واحد لا حدث، كما حدث مع الأرسيدي في تشريعيات 2012، لكن الأجدر اتفاق كل أحزاب المعارضة على مقاطعة الانتخابات حتى يرضخ النظام لإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات". وذكر الناشط السياسي أن "دور المعارضة حاليا في البرلمان صار شرعنة وتزكية قرارات السلطة"، مضيفا: "بهذا الفعل سيكون في تشريعيات 2017 منح النظام السلطة الشرعية، ونحن قلنا أن البرلمان ليس الآلية الوحيدة لممارسة المعارضة".

ومن جهة ثانية، اعتبر خبابة أن "القبول بالأساليب التي تمارسها السلطة هو فشل للمعارضة ورضوخ، ويمنح الاستمرار للنظام القائم". وذكر المتحدث أنه "لو كانت هناك نية لانتخابات غير منتقدة وحقيقية وقانونية، فالشعب يختار ممثليه، والشعب يقيم دور المعارضة، لكن ما يحدث من نظام الكوطات، وبالتالي فعلى أحزاب المعارضة الحفاظ على مصداقيتها". وعن دور المعارضة خلال مناقشة قانون المالية لسنة 2017، قال خبابة: "المعارضة صار لها موقف كاريكاتوري، وكلامها لتبرير ذلك غير معقول"، مضيفا: "نعيب على إخواننا أن تتفرج على ما يحدث حاليا في البرلمان، ثم تقرر مرة أخرى المشاركة في التشريعيات، رغم علمها أنها وجه من وجوه الانتخابات السابقة".

ويظهر من قراءات متتبعين أن الحاصل في دور المعارضة حاليا على مستوى الساحة السياسية وداخل أطر المؤسسات المنتخبة (خاصة البرلمان) "صار دورا كاريكاتوريا"، وأنه على المعارضة التوجه نحو "موقف موحد للحفاظ على مصداقيتها أمام الشعب". في حين ذكر عدة قياديين في أحزاب المعارضة، في تصريحات سابقة ليومية "الرائد"، أن "المشاركة في التشريعيات هو خيار حتمي لعدم ترك المكان شاغرا واستغلاله ضد مصالح الشعب"، واعتبروا أن "تحرك المعارضة رغم التضييق إلا أنه في حدود المتاح من وسائل وإمكانيات سياسية ونضالية وإعلامية".

يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن