الوطن

التشريعيات تحول غرفة البرلمان إلى ساحة مزايدات

تلاوة مطالب ولائية من الأرشيف، وتقرب من الوزراء، وضحك متبادل

النواب يتذكرون الولايات التي جاؤوا منها في آخر لحظات نهاية العهدة

 في جلستين متتاليتين لمناقشة أهم قانون في البلاد، سجلت قاعة المجلس الشعبي الوطني "حضور قرابة 80 نائبا فقط" من بين 462 نائبا، وكل الحاضرين كانوا مبرمجين لإلقاء كلمتهم في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2017. ومن جهة ثانية، سادت الفوضى بين النواب بسبب تبادل التحيات والقبل والضحك، وحتى تشكيل تجمعات بين النواب داخل القاعة، ما جعل رئيس المجلس الشعبي الوطني يطلب في كل مرة الهدوء واحترام تدخلات زملائهم، إضافة إلى خروج النواب عن موضوع المناقشة وتلاوتهم لتقارير طلبات التنمية في ولاياتهم الأصلية. كل هذه المؤشرات تبعث على التساؤل: هل غياب الفتور في تدخلات النواب أساسه نهاية العهدة التشريعية ودخولهم في مرحلة الجري وراء عهدة جديدة؟

من جهة نواب المعارضة، تمحورت مجمل التدخلات حول ثلاث نقاط، هي انتقاد الحكومة وقانون المالية، وثانيها تلاوة طلبات للتنمية لولاياتهم الأصلية، وثالثا تجديد طلب تقليص أجور النواب والوزراء. فبالنسبة لنقطة انتقاد الحكومة وقانون المالية، فنواب تكتل الجزائر الخضراء ركزوا مجمل مداخلاتهم حول التقشف وفشل سياسات الحكومة المتعاقبة، وكذا ضعف القدرة الشرائية للمواطن، في حين وجه نواب الأفافاس سهامهم للانسداد السياسي الذي هو أساس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. أما النائب الطاهر ميسوم (المعروف بالنائب سبيسيفيك) فقد صب جام غضبه على الحكومة ودعمها لمستثمرين وهميين على حساب الحقيقيين، في حين كانت تدخلات نواب حزب العمال أكثر موضوعية، وتنتقد بدقة ما جاء من إجراءات في مشروع قانون المالية لسنة 2017.

أما نقطة تلاوة طلبات تعود إلى سنوات سابقة متعلقة بالتنمية للولايات الأصلية للنواب، فقد حاول نواب ولايات المسيلة وميلة والبيض وتيسمسيلت وورڤلة، وغيرها من الولايات الداخلية والشرقية، لفت الانتباه خصوصا أن جلسة المناقشة كانت منقولة مباشرة على التلفزيون العمومي. أما النقطة الأخيرة المتعلقة بتجديد مطلب تقليص أجور النواب والوزراء، فقد أعاد اقتراحها النائب عن حركة حمس، حمدادوش، ما جعل زملاءه من الأفلان والأرندي وحتى من التكتل الأخضر يضحكون بشكل هستيري ويتبادلون الغمزات، وكأن "الاقتراح متعلق بنكتة رغم أنه يصب في خانة التقشف لمواجهة أزمة اقتصادية متوقعة إلى غاية 2019".

ومن جهتهم، نواب الموالاة، فقد ارتكزت مداخلاتهم على ثلاثة أمور هي مدح السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية والحكومة ودعمها، وثانيا تقديم التهاني للأمين العام الجديد للأفلان والشكر للوزراء، وثالثا تلاوة طلبات تنمية لولاياتهم الأصلية، ففي النقطة الأولى لم يسجل نواب الأفلان والأرندي وبعض الأحزاب من صف الموالاة أي اقتراح أو ملاحظة في قانون المالية، وأطلقوا عبارات مجاملة للحكومة ورئيس الجمهورية، بينها "لولا السياسة الرشيدة لفخامة رئيس الجمهورية لكان الشعب الجزائري يعيش حاليا الجوع ولا يجد ما يأكله"، في حين تناولت النقطة الثانية المتعلقة بتقديم التهاني لولد عباس ووزراء في الحكومة، على غرار وزير السكن ووزير المالية ووزير الفلاحة، فقد حاول بعض النواب توجيه خطاب الود لأمين عام الأفلان الجديد ولد عباس، وكأن (البرلمان صار حزبا سياسيا)، ما جعل الكثير من الحضور يعلقون: "ولد عباس تمّ تعيينه منذ شهر، فما المقصود من التهنئة في البرلمان؟". وفي النقطة الثالثة، سابق بعض النواب الذين يطمحون لعهدة جديدة، على غرار نواب المعارضة، في "قراءة طلبات تنمية لولاياتهم الأصلية".

هذه بعض أصداء يومين اثنين من المناقشة العامة لأهم مشروع قانون يمرّ عبر البرلمان، ويقرر سياسة دولة بأكملها ويحدد يوميات المواطن بشكل دقيق (ضرائب، أسعار، توظيف، خدمات، أكل، شرب، صحة، سكن، تربية وتعليم، إلخ). ورغم أن بعض المراقبين يجزمون أن "اقتناع نواب المعارضة والموالاة بعدم جدوى اقتراحاتهم وتعديلاتهم هو السبب الحقيقي وراء خروجهم عن انتقاد مشروع القانون"، إلا أن الواقع يعكس "ضعفا في الأداء البرلماني للنواب منذ بداية العهدة إلى نهايتها، وانتقادها للحكومة ما هو إلا "محاولة فاشلة لتغطية ضعفها السياسي والتشريعي".

يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الوطن