الوطن

مراقبون: فوز ترامب لن يؤثر على العلاقات الجزائرية الأمريكية

البعض توقع أن يعبر عن أسوأ ما في أمريكا من العنصرية والإقصاء للآخر بصوت مرتفع

في الوقت الذي عاش العالم، أمس، تحت صدمة نتائج الانتخابات الأمريكية، كانت المواقف بين مرحب ومنتظر، وأيضا المستنكر، واختارت المؤسسات السياسية والمنظمات الإقليمية كلماتها بعناية فائقة تضمنتها رسائل تهانيها الدبلوماسية.

وعلى عكس هذه التعليقات والتصريحات التي أطلقها مختلف السياسيين والرسميين في العالم، لم يكترث رجال السياسة في الجزائر بالتعليق على فوز دونالد ترامب للأمر، فيما قال آخرون أن هذا الأخير يعبر عن مواقف أمريكا الحقيقية بصوت مرتفع، ويخرج أسوأ ما فيها من العنصرية والإقصاء للآخر.

قال القيادي في حركة مجتمع السلم، في تصريح لـ"الرائد"، أن فوز دونالد ترامب يعبر عن الوجه الحقيقي للسياسة الخارجية لأمريكا، بعيدا عن الماكياج الخادع والازدواجية بين الخطاب والممارسة الفعلية.

وأضاف قائلا أن أمريكا بلد ديمقراطي وتحكمه مؤسسات، وهي التي ترسم مسارات السياسة والممارسة الخارجية، وما الرئيس إلا منفذ لتلك السياسات والتوجهات، وهذه العقلية الاستعلائية والتمييز العنصري لم تختلف كثيرا، بالرغم من التداول على الإدارة الأمريكية بين الديمقراطيين والجمهوريين.

 وتحدث حمدادوش عن وجود لوبيات مالية وإعلامية وصناعة عسكرية هي التي تصنع الرؤساء وتوجه السياسات الخارجية لأمريكا. وفي رده على سؤال انعكاسات دخول ترامب البيت الأبيض على العالم العربي والحركات الإسلامية بصفة خاصة، قال محدثنا: "كلهم أعداء عقائديون، يحركهم اللوبي الصهيوني ضد القضايا العادلة للعرب والمسلمين، وترامب يعبر عن مواقف أمريكا الحقيقية بصوت مرتفع، ويخرج أسوأ ما فيها من العنصرية والإقصاء للآخر، وهي تتجاوز التعامل الانتقائي ضد الأحزاب والحركات الإسلامية، إلى عموم العرب والمسلمين، وما تستطيع تدجينه وتوظيفه من الدول والتنظيمات فيما يخدم مصالحها فقط، فهي لا تؤمن بالديمقراطية ولا حقوق الإنسان إلا لشعوبها، فهناك ازدواجية وكيل بمكيالين في المعايير والقيم الإنسانية".

من جهته، قال الباحث في علم الاجتماع، ناصر جابي، أن فوز ترامب في الرئاسيات الأمريكية قد يعني أننا على أبواب مرحلة جديدة، من سماتها سيطرة التيارات السياسية اليمينية، بما فيها جناحها المتطرف الذي قد يطل علينا في فرنسا مع لوبان، مشيرا إلى أن فوزه يعكس اتجاهات معروفة في الحياة السياسية الأمريكية قائلا: "الأمريكان يريدون التغيير، بعد عهدتين للديمقراطيين، كرهوا فيها من سيطرة نخب لم تنجز التغيير المطلوب منها شعبيا، في حين نجح ترامب في التلويح لفئات شعبية واسعة بالتغيير حتى ولو كان تغييرا غير مضمون العواقب، وقد يكون مكلفا على مستوى تجانس المجتمع الأمريكي نفسه".

وأضاف جابي أن الشعوب الغربية لا تنسى، فالناخب الأمريكي، وقد يكون هذا هو حال الناخب الفرنسي والأوربي مستقبلا، في أكثر من بلد صوت ضد اللا أمن الذي صوره له ترامب في صورة مجسدة في المسلم والأسود الفقير واللاتينو الذي يريد أن يغير أمريكا البيضاء.

وبشأن مدى صحة استطلاعات الرأي التي تكهنت بفوز هيلاري كلينتون، قال جابي أنها لم تفشل في توقع فوز ترامب، فأغلبية الاستطلاعات توقعت فوز "محتمل" لكلينتون، لكن كاحتمال ضعيف وليس غالبا، فالناخب الأمريكي لم تستهوه حكاية المرأة - الرئيسة، ويكون قد فضل ترامب "الماتشو" كجزء من الثقافة اليمينية السائدة هذه السنوات أمريكيا، المعادية للفقير والآخر المختلف التي عبر عنها الناخب الذي صوت للملياردير الأشهب".

في حين توقع رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، أحمد ميزاب، أن يبقى مستقبل العلاقات الجزائرية الأمريكية على حاله بعد اعتلاء ترامب سدة الحكم. فالخبير الأمني يرى أن الظروف لن تتغير بالنسبة للسياسة الأمريكية تجاه الجزائر، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أن يتغير شيء في مسألتي التنسيق حول ملفات الأمن والإرهاب ومحاربة الجريمة.

وتحدث أحمد ميزاب، في رده على سؤال لـ"الرائد"، في تعليقه على فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا على خلاف كل التوقعات، بالتأكيد على أن ما ميز هذه الانتخابات منذ بدايتها هي سياسة شد وجذب بين المترشحين، وكانت المؤشرات تبعث بأن بورصة اسم المترشحين ليست في استقرار وتتأرجح، لكن لو نحسبها عمليا سنجد أن وصول ترامب كان الأقرب إلى المنطق وبلغة الحسابات، حيث أن الديمقراطيين استفادوا من عهدتين لصالح أوباما وحان الوقت ليعتلي جمهوري إدارة البيت الأبيض.

أما في تقييمه لمسألة الأصوات التي عادت لترامب من قبل الأمريكيين ورفضهم منح أصواتهم لكلينتون، فقال أن الناخب الأمريكي حدد توجهه بموجب أن ترامب لعب على ورقة أمريكا سيدة العالم، وتعهد بحرب شرسة على الإرهاب، ما يسيل لعاب صناع الحروب، ومنه سوق الأسلحة. ترامب أحدث هزة داخلية في طريقة تناوله لملف المهاجرين، كما أن رؤيته لملفات الشرق الأوسط دفعت إلى جعله يحظى باهتمام أكثر، بالإضافة إلى علاقته بالكيان الصهيوني. وحتى لو وصلت كلينتون فلن يتغير شيئا بالنسبة للعرب والمسلمين، الحال سيظل على حاله. أعتقد أن ترامب لن يخفف الأعباء في منطقة الشرق الأوسط، وإنما سيزيدها أعباء أخرى، وهو سيستثمر في حالة الضعف العربية والتشتت الموجود للضغط أكثر.

 

أمال. ط

 

من نفس القسم الوطن