دولي

الأذان في القدس

القلم الفلسطيني

 

في سابقة خطيرة قررت بلدية القدس وقف أذان الفجر في ثلاثة مساجد في المدينة؛ بزعم أنها قريبة من المستوطنات، بحجة الضوضاء والإزعاج؟! القرار اليوم يشمل ثلاثة مساجد، وغدًا يعمم على جميع مساجد القدس بما فيها الأقصى، لأن المدينة تمتلئ باليهود المستوطنين والمتدينين. القرار يمثل عدوانا صارخا على حق المسلمين في إقامة شعائر دينهم الحنيف، كما جاءت به السنة النبوية المطهرة، وكما ورثه الأحفاد عن الأجداد قبل ابتلاء البلاد بالاحتلال. العنصرية الدينية تفضح القرار وتفضح متخذيه، وتفتح معركة جديدة مع المسلمين في القدس وخارجها، وصدق مفتي القدس في قوله ردًّا على القرار: (إن من يزعجه الأذان في مدينة المسلمين المقدسة فعليه الرحيل منها لمكان آخر).

إن قرار وقف أذان الفجر هو إعلان يهودي عن استضعاف المسلمين، وعن ذلتهم، ممن كتب الله عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم الدين؟!! ، مما يعني أن حال المسلمين لا تسر صديقا ولا تغيظ عدوا؟! وهذا يذكرني في المقابل بما سمعته عن عظمة السلطان سليمان القانوني وهيبته، حيث تذكر كتب التاريخ أن كنائس روما كانت تتوقف عن قرع أجراسها حين تكون في المنطقة سفن المسلمين، إلى أن تعبر المياه وتبتعد عن اليابسة، وكان هذا الفعل يجرى هيبة، وليس بطلب من السلطان سليمان. إن وقف الأذان جريمة سواء أكان الوقف عبر مكبرات الصوت أو بدونها؛ لأن المدة الزمنية للأذان لا تزيد على خمس دقائق، وهو نداء جميل بكلمات جميلة خالدة تذكر المسلمين بأن الله أكبر من كل شيء في هذا الوجود، وإن على من يسمع الأذان تلبية النداء للصلاة في المسجد إن لم يكن من أصحاب الأعذار. 

إن قول بلدية القدس إن المنع جاء بسبب إزعاج المستوطنين، قول مردود لا لجمال الأذان، واتباع المسلمين فيه أمر الله وسنة رسوله الكريم فحسب؛ بل لأن المستوطنين هم قوم معتدون يسكنون أرضا ليست أرضهم، ويفرضون شروطهم على أصحاب الأرض الأصليين؟!! . 

إننا نهيب بأوقاف القدس رفض القرار وعدم تطبيقه، وتحدي البلدية والمستوطنين دفاعا عن دين الإسلام، وحتى لا تتمادى البلدية في اتخاذ قرارات أخرى تستهدف تهويد القدس، ومحو السمت الإسلامي لها تدريجيا، وهي المدينة المباركة التي عرفت تاريخيا بقبابها ومآذنها ومقدساتها. إن مصنعا بسيطا يخرِج من الضوضاء عشرة أضعاف الأذان، فهل تملك البلدية إيقاف المصانع عن العمل لهذا السبب؟!!. 

المسألة يا سادة ليست أصوات مكبرات الصوت، المسألة في الأذان نفسه؛ لأنه نداء المسلمين الخالد، الذي يذكر دائما بإسلامية المدينة، بينما يريد المستوطنون تهويد المدينة. إن المسألة صراع بين الإسلام واليهودية، من خلال حلقة من الحلقات هي حلقة الأذان ليس إلا، لذا على المسلمين أن يتيقظوا لطبيعة المعركة، وعلى أوقاف القدس أن تمارس رفع الأذان، وترفض تنفيذ القرار، وعلى المسلمين في كل مكان نصرة الأوقاف والدفاع عن الحق في رفع الأذان في القدس المباركة.

 

 

 

د. يوسف رزقة

 

من نفس القسم دولي