دولي
الكنيست تؤصّل القوانين العنصرية
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 نوفمبر 2016
منذ أيام، افتتحت الكنيست الصهيونية دورتها الشتوية التي تستمر ستة أشهر، وعلى جدول أعمالها سلسلة من القوانين العنصرية، التي تستهدف الفلسطينيين في وطننا التاريخي، وأخطرها مشروع قانون يستهدف عشرات آلاف بيوت فلسطينيي 48، التي بنيت اضطراراً من دون ترخيص، بفعل سياسة تضييق الخناق عليهم.
كما تضم الأجندة الشتوية، في ثلثها الأول، إقرار الموازنة العامة للعامين المقبلين 2017 /2018. وحسب المؤشرات، فإن هذه الميزانية ستقر دون أي عقبات، ذلك أنه تم إقرار الميزانية في الصيف الماضي بإجماع الحكومة، وبذلك فإنه لن تكون خلافات داخل الائتلاف بمستوى يهدد الموازنة. وبموجب التجربة البرلمانية الصهيونية، فإن مسألة إقرار الموازنة هي القضية الأبرز التي قادت إلى حل الحكومات، وفي حال إقرار الموازنة لعامين، فإن هذا يعني مزيداً من استقرار حكومة نتنياهو التي ترتكز على أغلبية 66 نائبا من أصل 120 نائباً.
وما يزيد من استقرار حكومة نتنياهو؛ أنها لا تجد معارضة قوية ومتحدة تواجهها، فالمعارضة تتوزع على ثلاث كتل: «المعسكر الصهيوني» الذي في صلبه حزب «العمل» ولها 24 نائبا، وكتلة «يوجد مستقبل» التي لها 11 نائبا، وهما كتلتان متنافستان بشدة على أصوات «الوسط»، أما الكتلة الثالثة فهي كتلة «القائمة المشتركة» الوحدوية لفلسطينيي 48، وهي بطبيعة الحال في حالة صراع سياسي مع كتل الائتلاف والمعارضة الصهيونية في آن واحد. وكانت الكنيست قد سجلت مع نهاية الدورة الصيفية في مطلع آب (أغسطس) الماضي، ذروة جديدة في سن القوانين العنصرية، التي تستهدف الفلسطينيين في فلسطين التاريخية؛ إذ تم إقرار 14 قانوناً بالقراءة النهائية، فيما هناك 11 قانونا آخر في مراحل تشريع مختلفة، و57 قانونا مدرجة على جدول الأعمال بمبادرة النواب من الائتلاف والمعارضة على حد سواء.
إن من أخطر القوانين التي تنتظر إقرارها النهائي، سيكون تعديلاً على قانون التنظيم والبناء ما عُرف بتسمية «قانون كامينيتس»، والهدف منه هو وضع آليات وأنظمة من شأنها أن تسرّع تدمير عشرات آلاف البيوت غير المرخصة في بلدات أهلنا في المنطقة المحتلة عام 48، التي تبنى غالبيتها الساحقة على أراضي أصحاب البيوت، ولكن الأراضي خارج مسطحات البناء، بفعل تضييق الخناق على البلدات العربية، ورفض الحكومة توسيع مناطق نفوذ هذه القرى والبلدات، على الرغم من حالة الانفجار السكاني التي تواجهها جماهيرنا. كذلك هناك مشاريع قوانين تستهدف الفلسطيني في القدس المحتلة، وأخرى في الضفة الغربية. إن من أخطر هذه القوانين ترحيل عائلات المقاومين الفلسطينيين من بيوتهم، ومحاصرتهم في مناطق جغرافية محددة.
ربما قد يشهد الائتلاف بعض حالات الصدام في مسألة التشريعات، خاصة بعد ما أعلنته وزيرة العدل العنصرية الفاشية أيليت شكيد، بأنها ستسعى إلى سن قوانين وتشجيع مبادرات قوانين تسعى إلى تعزيز الهوية اليهودية للكيان. وفي خلفيات هذا التصريح، عدة فئات من القوانين، فعلى الرغم من أن الوزيرة تدّعي العلمانية، لكنها في تحالف يسيطر عليه التيار الديني الصهيوني، إلا أنها وكما يبدو، ستدعم مشاريع قوانين تعزز الإكراه الديني، مثل قوانين السبت، ومنع حركة المواصلات والحركة التجارية فيه.
هذه هي القضية الأبرز في هذا التصريح، ربما سيكون هذا مقدمة لطلب كتلتها البرلمانية «البيت اليهودي» بالدفع نحو إقرار قانون ما يسمى «إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي». فهذا القانون الذي يطرح على جدول أعمال الكنيست منذ العام 2011، ويساهم في طرحه حاليا كما في السابق، نواب من حزب «الليكود»، هو موضوع خلافي في الائتلاف الحاكم، رغم الإجماع حول كل البنود التي تستهدف الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، إذ تعترض عليه من حيث الجوهر، كتلتا المتدينين المتزمتين «الحريديم» «شاس» و«يهدوت هتوراة» على بنود تتعلق بأسباب دينية، إذ تطالبان بدور أكبر للشريعة اليهودية في سن القوانين.
كذلك فإن مجرد مصادقة الكتلتين على صيغة «إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي»، بقصد الكيان الصهيوني الحالي، فإن «الحريديم» يكونون بذلك قد نسفوا تمسكهم بما جاء في التوراة، أن «مملكة إسرائيل» يقيمها المسيح حينما يعود لأول مرّة إلى العالم. وهم يعتبرون هذا الكيان كياناً عابراً. وتنص اتفاقية الائتلاف الحالي، على تشكيل لجنة وزارية للبحث في نصّ متفق عليه حول هذا القانون.
وعلى الرغم من مرور 17 شهرا على تشكيل الحكومة الحالية، إلا أن هذه اللجنة لم تقم بعد بفعل الخلافات القائمة بين الكتل النيابية. جملة القول: إن الكيان الصهيوني ماض بشكل متسارع في المزيد من قوننة العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، لكنه في ذات الوقت، منقسم في رؤيته لواقع ومصير الدولة الصهيونية، ذلك منذ إنشاء الكيان في عام 1948 وحتى اللحظة. وصدّقوني أن هذا الكيان سيزال حتما من الوجود، دون حسم الكثير من القضايا وبالأخص النظرة إلى مستقبل ومصير الدولة الصهيونية.
د. فايز الرشيد