الوطن

أحزاب: العزوف الانتخابي والملفات الاجتماعية تهدد تشريعيات 2017

طلائع الحريات يؤكدها، حزب العمال يحذر، والبناء تتفاءل بجيل الشباب

 

  • تعزيبت: مقاطعة الانتخابات شيء "خطير جدا" قد يمهد للانفجار

حذرت عدة أحزاب سياسية تنتمي للتيار الوطني والإسلامي واليساري من "خطورة العزوف الانتخابي" على العمل السياسي والفعل الانتخابي، وتهديد مؤسسات الدولة. ودعت هذه الأحزاب "السلطة إلى تحمل مسؤولياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، في حال العزوف الانتخابي وظاهرة التزوير". ففي وقت استبشرت حركة البناء الوطني (تيار إسلامي) "بمشاركة الشباب والمرأة وتحقيق حضور انتخابي عكس تشريعيات 2012"، حذر حزب طلائع الحريات (وطني) وحزب العمال (يساري) من "انفجار الأوضاع" واستمرار "فقدان الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة".

وتتحفظ معظم الأحزاب السياسية على "إعطاء قراءة لشكل التشريعيات"، استنادا إلى عدة عوامل، بينها فشل الحكومة في احتواء أزمة الاقتصاد الوطني جراء انهيار أسعار النفط، واجتماعية بالنظر لإجراءات قانون المالية لسنة 2017 وانعكاساتها على القدرة الشرائية، وكذا سياسية في ظل الانسداد الحاصل بين أقطاب المعارضة والسلطة منذ تشريعيات 2012.

 

طلائع الحريات: تشريعيات 2017 ستشهد عزوفا سياسيا وانتخابيا رهيبا

فحزب طلائع الحريات الذي يرأسه المرشح السابق للرئاسيات، علي بن فليس، يرى أن الانتخابات التشريعية لسنة 2017 ستشهد "عزوفا شعبيا سياسيا وانتخابيا رهيبا". وقال الناطق الرسمي للحزب، أحمد عظيمي، في تصريح ليومية "الرائد"، أن "الأحزاب لا تستطيع أن تدفع المواطن إلى المشاركة في العمل السياسي وحتى الفعل الانتخابي، وهي تدرك ذلك مسبقا، خصوصا أنها ستكون مزورة وظاهرة الكوطة". وأضاف "في تشريعيات 2012 لا يمكننا الأخذ بالأرقام الرسمية لأنها تبنى على التزوير بشهادة الآلاف ممن عملوا في مكاتب الاقتراع، وبذلك العزوف في تشريعيات 2017 سيكون أكبر بكثير لأن المواطن فقد الثقة كاملة في السياسة والسياسيين".

ورجح عظيمي أن "آليات الأحزاب والسلطة لاستقطاب المواطن إلى صناديق الاقتراع لن تنجح، لأنه في كل مرة يقال له أن هذه الانتخابات مفصلية وستتحسن الأمور، لكن بعد نهايتها يكتشف أن لا شيء تغير والأمور ازدادت سوءا، حتى صوته لم يؤخذ بالحسبان وتم تزويره"، مضيفا "كانت هناك إمكانية لكسب ثقة المواطن عند اقتراح لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، خصوصا أن المقترح كان يضم تشكيلها من شخصيات وطنية موثوق فيها، لكن ما حدث حاليا خيب كل الآمال". واعتبر المتحدث أن "تشكيلة هيئة دربال تضم 8 أفراد فقط في كل ولاية مقابل 50 ألف مكتب اقتراع، هل تستطيع مراقبة نزاهة العملية الانتخابية"، مضيفا "العزوف الانتخابي في صالح السلطة وأحزابها، وفي كل الظروف هي تتعامل معها كيفما تشاء، سواء في طريقة تصويت المواطن العادي أو الأسلاك النظامية أو تمديد ساعات التصويت".

أما عن العزوف السياسي، فاعتبر الأستاذ بجامعة الجزائر، أحمد عظيمي، أنها نتيجة حتمية لما حدث مع بداية التعددية مطلع التسعينات "حيث كان الإقبال كبيرا على النضال، لكن مع فقدان الثقة في السياسة والسياسيين وتغير الأوضاع، صار المواطن لا يقبل النضال في أي إطار، ومع غياب النخبة عن المشاركة السياسية والحياة العامة، صار هناك عجز كبير في تجنيد المواطن وصياغة برامج للأحزاب لكل من المعارضة والموالاة".

 

حزب العمال: العزوف الانتخابي يمهد لأوضاع "خطيرة" مثل "الانفجار"

من جهته، حذر حزب العمال، على لسان القيادي رمضان تعزيبت، من ظاهرة العزوف الانتخابي والسياسي في المجتمع الجزائري بقوله: "العزوف الانتخابي هو شيء خطير جدا في المجتمع والعمل السياسي وقد يمهد لأوضاع خطيرة مثل الانفجار، على غرار ما حدث في عدة دول عربية وفي المنطقة". وقال تعزيبت: "ما يحدث في الجزائر أن العزوف هو نتيجة منطقية عندما لا تحترم العهدة الانتخابية، سواء تشريعية أو رئاسية أو محلية، وهذا تفسخ سياسي وله أبعاد خطيرة"، مضيفا "لا توجد أي آلية تسمح للمواطن بمراقبة المنتخبين، زيادة على عدم نزاهة الانتخابات وعدم احترام اختيار الشعب لممثليه". واعتبر المتحدث أن "مطالب الطبقة العاملة واحتجاجاتها حاليا بسبب قانون المالية لسنة 2017 وتعديلات القوانين التي ستقضي على كل المكتسبات السابقة وضعف القدرة الشرائية، ستكون أحد العوامل الأساسية في العزوف عن تشريعيات 2017".

وعن العزوف السياسي، ذكر تعزيبت "هو شيء عادي، فحتى في فرنسا المقدر عدد سكانها بنحو 60 مليون نسمة، تحوز الأحزاب الكبيرة فيها على مئات الآلاف فقط من المناضلين". وأضاف "في الجزائر هناك مغادرة بعض المناضلين للعمل السياسي بسبب عدم تحقق مطالبهم، في ظل السلطة والنظام الحالي". وعن توقعاته لتشريعيات 2017 وظاهرة العزوف، قال قيادي حزب العمال: "الانتخابات تدخل فيها عدة عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية، وإذا واصلت الحكومة التهجم على المكتسبات وغلق الأفق وتفشي البطالة، بلا شك ستكون أرقام قياسية للمقاطعة والعزوف"، مضيفا "لا يمكن معرفة نسبة المقاطعة، لكن بعد تمرير قانون المالية والملفات الشائكة ستظهر ملامح العزوف".

 

حركة البناء: العمل الحزبي "مشوه" بسبب السلطة والإعلام

أما حركة البناء الوطني، فدعت الأحزاب والسلطة إلى "العمل التدريجي لكسب ثقة المواطن عبر آليات ملموسة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومحاربة الفساد المالي والمحافظة على الوحدة الوطنية". وقال الأمين العام للحركة أحمد الدان، أن "الثقة بين المواطن والسلطة عبر العملية الانتخابية والعمل الحزبي مشوهة بسبب الممارسة الإعلامية والسياسية للسلطة وبعض الأحزاب". وأضاف "منذ تشريعيات 1997 إلى 2012 أفقدت الانتخابات تدريجيا المواطن في الأمل والتغيير عن طريق الصندوق". واعتبر المتحدث أن "المسؤولية مشتركة بين الخطاب والممارسة سواء للسلطة أو الأحزاب التي تجعل الأوضاع سوداوية".

وعن العزوف الانتخابي وتوقعاته في تشريعيات 2017، قال الدان "في حركة البناء نتوقع حضورا شعبيا في الموعد الانتخابي، لأننا نشعر أن جيل الشباب متطلع لتحمل مسؤوليته الاجتماعية" مضيفا "الشباب سيحرك بعضه بعضا من خلال المجتمع المدني وعلى مستوى الترشح ومشاركة المرأة بنسبة كبيرة قانونيا ونضاليا". واختتم المتحدث أن "عموم المواطنين يرون أن المؤسسات التي سيرت المرحلة بعد عزوفهم الانتخابي والتزوير، زادت من فقدان الثقة وأضعفتها، وبالتالي لا أعتقد أنهم سيتركون المجال للفراغ في تشريعيات 2017 لتستغله أحزاب وأطراف أخرى".

فبين متفائل بحضور شعبي في تشريعيات 2017 ومتشائم من الوضع الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي، ومع مسارعة أقطاب المعارضة إلى إعلان مشاركتهم في التشريعيات، تسعى السلطة في الوقت الراهن إلى حسم الآليات التنظيمية والقانونية قبيل نهاية السنة والتحضير لمرحلة "سياسية جديدة" عبر انتخابات تكتسي الطابع "السياسي"، بعدما كانت "إدارية"، حسب مراقبين، بعدما ظلت لوقت طويل "أداة" في يد السلطة لفرض خياراتها ورسم توجهاتها في كل مرحلة.

يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن