الوطن

استشارة الرئيس سياسية والاعتراضات لا وزن لها

عقب تعيين دربال رسميا على رأس هيئة مراقبة الانتخابات

 
  •  رخيلة: الانتماءات الحزبية تتنافى مع عضوية الهيئة العليا
سجلت رئاسة الجمهورية 13 ردا سلبيا من بين 70 حزبا معتمدا، بخصوص استشارة الأحزاب حول تعيين عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات. وعلى إثر ذلك، قال بيان الرئاسة أن "رئيس الجمهورية عيّن دربال رئيسا للهيئة طبقا لأحكام المادة 194 من الدستور". وقال البيان أن "موضوع الردود تراوح بين الموافقة والاعتراض والتحفظ وعدم الرد". هذه الأرقام تطرح العديد من التساؤلات بينها القراءة القانونية لشكل معالجة موضوع الاستشارة دستوريا، وكذا اعتراض بعض الأحزاب على الميكانيزم والآليات المتوفرة لديها للمشاركة في تنظيم العملية الانتخابية، وأخيرا حجم الكتلة الحزبية في الجزائر ومدى تأثيرها في الاستشارة الدستورية، اعتبارا بوجودها الميداني وليس القانوني.
واستطلعت "الرائد" آراء الخبير الدستوري عامر رخيلة، ورئيس اللجنة القانونية في مجلس الأمة، وكذا رأي حزبي من بين المعترضين على الهيئة التي تمثل ميكانيزم مراقبة الانتخابات.
 
الخبير شريط: استشارة الرئيس واجبة لكنها غير ملزمة للأخذ بها
نفى رئيس اللجنة القانونية بمجلس الأمة، لمين شريط، أن تكون استشارة رئيس الجمهورية للأحزاب حول تعيين عبد الوهاب دربال "ملزمة له دستوريا للأخذ بها"، موضحا أن "الاستشارة واجبة قانونيا لكن لرئيس الجمهورية سلطة التقدير في الأخذ بها أو تركها، وهو ما فعله حين أخذ بها وعين دربال رئيسا لهيئة مراقبة الانتخابات". واعتبر لمين شريط أنه "حسب الإحصاءات لا توجد اعتراضات سوى من 4 أحزاب وهي غير مؤثرة مقارنة مع موافقة 47 حزبا". وذكر رئيس لجنة الشؤون القانونية بمجلس الأمة أن "التحفظات المسجلة لا وزن لها ولا تأثير إذا قورنت بحجم الأحزاب المؤيدة وانتشارها وطنيا، كما أن رأي المعترضين محترم لكنه لا يتعدى 13 حزبا من مجموع 70 حزبا".
وعن الآليات الدستورية والقانونية التي بحوزة الأحزاب للمشاركة في تنظيم العلمية الانتخابية، قال لمين شريط: "هناك حق مكفول دستوريا للأحزاب وقانونيا في قانون الانتخابات عبر آليات تواجد ممثليها في المكاتب ومراكز التصويت وحيازة نسخة من قوائم الناخبين ونسخة من محاضر الفرز"، مضيفا: "مراقبة الانتخابات ممكنة في كل الأحوال، وتشكيل هيئة مراقبة الانتخابات لم يتم بعد حتى يتم الحكم عليها".
وعن الاعتراضات المسجلة في الاستشارة، قال شريط إنها "تتعلق بميكانيزم مراقبة الانتخابات، وهذا تم الفصل فيه دستوريا وقانونيا، أما الاعتراضات على الشخصية فكانت قليلة جدا"، مضيفا: "لا أحد يمكنه إنكار أو نفي الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات لأنها صارت دستورية".
 
رخيلة: استشارة الرئيس سياسية أكثر منها قانونية
من جهته، أدرج أستاذ القانون الدستوري، عامر رخيلة، استشارة رئيس الجمهورية ضمن "الاستشارة السياسية المكرسة دستوريا، لكنها لا يترتب عنها أي جزاء في حال مخالفتها". وقال رخيلة أن "النص الدستوري يلزم رئيس الجمهورية بالاستشارة واقتراح تعيين الشخصية التي تترأس الهيئة، لكن حتى في حال عدم موافقة الأغلبية يمكنه الاستغناء عن نتائج الاستشارة"، وذلك في رده على طريقة معالجة استشارة رئيس الجمهورية للأحزاب حول تعيين عبد الوهاب دربال رئيسا للهيئة العليا لمراقبة الانتخابات. وذكر الخبير الدستوري أن "المادة 194 من الدستور لها جانب سياسي أكثر منه قانوني، في ظل عدم ترتب أي جزاء عن مخالفة الاستشارة".
وفي سؤال حول الآليات الموجودة لدى الأحزاب للمشاركة في تنظيم العلمية الانتخابية، قال الأستاذ رخيلة: "في السابق كانت هناك لجنة سياسية متشكلة من الأحزاب، لكن الدستور الجديد دمج لجنة الإشراف للقضاة مع لجنة المراقبة للأحزاب في هيئة عليا لمراقبة الانتخابات". وأضاف: "في قانون الانتخابات يحق للأحزاب التمثيل على مستوى المكاتب والمراكز". وعن تشكيلة الهيئة، قال رخيلة: "هناك قضاة مقترحون من المجلس الأعلى للقضاء إضافة إلى المجتمع المدني وهم الشخصيات الوطنية الذين لا تتنافى عضويتهم مع الانتماء لأي تشكيلة حزبية".
وفي الأخير، اعتبر الأستاذ عامر رخيلة أن "عدد الأحزاب السياسية المعتمدة من حيث العدد هو 70 حزبا، لكن هذه الأحزاب لها وجود قانوني فقط ولا وجود ميداني أو فعلي"، مضيفا: "في الساحة السياسية نرى فقط 8 أحزاب في الصورة والباقي لا وجود لها".
 
تواتي: شددنا على الالتزام بالقانون لكبح التزوير وتغول الإدارة
على صعيد الأحزاب، ذكر رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، أن رد حزبه على مقترح استشارة رئاسة الجمهورية تضمن "تحفظات حول الالتزام بالقوانين واحترامه، بغض النظر عن الشخص (دربال) وصلاحياته". وقال تواتي: "شددنا على الالتزام بالقوانين لكبح تسلط الإدارة وتغولها، وممارسة التزوير ومعاقبة المتسببين فيه". واعتبر رئيس الأفانا أن "حزبه لا يهمه شخص دربال في رئاسة الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات بقدر ما يهمه تطبيق القوانين وصلاحياته لضمان نزاهة العملية الانتخابية".
وفي سياق متصل، قال تواتي أن "آلية مراقبة الانتخابات السابقة الممثلة في اللجنة السياسية كانت لأجل اقتسام حصصها المالية والمنح، لذلك نحن ندعو لمنح الأحزاب المشاركة حصتها لتتصرف فيها كيفما تشاء"، مضيفا: "الإدارة كانت هي المتصرف في هذه الأموال، وبعد تنصيب هيئة عليا لمراقبة الانتخابات يجب تسيير العملية الانتخابية مع الأحزاب وليس بتغول الإدارة".
وبخصوص عدد التشكيلات السياسية المستشارة والبالغ عددها 70 حزبا، حسب بيان رئاسة الجمهورية، قال تواتي: "في الساحة السياسية أحزاب كالفطريات لا تملك سوى 10 أفراد ولم تعقد مؤتمرها التأسيسي، هؤلاء ليسوا أحزابا".
من خلال آراء خبراء في القانون الدستوري وأحد الأحزاب المعترضين على الآلية ذاتها، تكشف الأرقام أن ثلث (1/3) الأحزاب المعتمدة لم توافق على آلية مراقبة الانتخابات وحتى رفضها، في حين أن ثلثي الأحزاب الأخرى (الموالاة أو الفتية) بمجموع 47 حزبا اختارت الرد الإيجابي على استشارة رئيس الجمهورية، ما يجعل من تنظيم التشريعيات المقبلة "مسألة سياسية بامتياز" بعد أن تمّ الفصل في الأدوات القانونية والدستورية المؤطرة لها.
يونس بن شلابي 

من نفس القسم الوطن