دولي

وانتهى حلم الدولة بالاستيطان

القلم الفلسطيني

 

 

يصعب على البعض القول؛ بأن الاستيطان أنهى حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وبشكل نهائي؛ خشية فقدان بصيص الأمل بإقامة الدولة المنشودة التي هي محط أنظار الشعب الفلسطيني وقواه الحية. أتذكرون وعد إقامة دولة فلسطينية مع بداية اتفاق "أوسلو" قبل 23 عاما، وأن الضفة وغزة ستتحول إلى سنغافورة العرب، وإذا بالضفة تتحول إلى غابة من المستوطنات، والطرق الالتفافية والأبراج العسكرية وكاميرات المراقبة، والثكنات عسكرية، وهدف للتجريف والاعتقال والمصادرة ساعة بساعة.

قد يقول قائل؛ إن هذا الكلام يثبط العزائم، بدل أن تشحذ الهمم في العمل والسعي لإقامة الدولة الفلسطينية؟! ولكن بالنظر للضفة الغربية والقدس المحتلة، فإن أكثر من 60% من مساحة القدس أصبحت تحت يد المستوطنين، و70% من مساحة سلفيت أصبحت تحت يد المستوطنين، وتحولت الضفة الغربية إلى أربعة كانتونات منفصلة بفعل تغول الاستيطان، الذي يواجه فلسطينيا بطرق وأساليب قديمة لا تجدي نفعا.

أكاذيب "ليبرمان" أو "نتنياهو" لا تقنع أحدًا؛ من أنه يحق لليهود بناء المستوطنات في المناطق التي يعدّونها جزءاً من أرض "إسرائيل" التوراتية والمعروفة باسم "جوديا" و"السامرة"، وذلك لجوءاً للتاريخ لتبرير احتلالهم للأرض، وقرارات اليونسكو الأخيرة كشفت أكاذيبهم بكل وضوح، وهو ما أغضب "نتنياهو" الذي يريد احتلالا رخيصا مدعما بقرارات دولية. 

صار أمرا عاديا وروتينيا؛ أن تقوم وسائل الإعلام بنشر أخبار جديدة حول مصادرات جديدة في مختلف مناطق الضفة الغربية؛ والحجج جاهزة من قبيل "ضرورات أمنية، أو أراضي دولة أو أراضي مبيعة"، وكلها حجج باطلة لا يقرها القانون الدولي. يستنزف الاستيطان كل مقومات الحياة في الضفة الغربية، ويدمر الزراعة والاقتصاد والأمن والحرية، ولا يبقي سوى على عمال فلسطينيين يعملون في المستوطنات أو في الداخل المحتل، فالاحتلال يريد الفلسطيني عبدا؛ ولكن بصورة أكثر حداثة. 

قرارات اليونسكو لن تثني حكومة "نتنياهو" عن مصادرة المزيد من الأراضي والتوسع الاستيطاني؛ كون القرارات لا تتبع بعمل واضح يردع الاستيطان، ويضغط بشكل حقيقي على حكومة "نتنياهو"؛ أو أنه لن يتم متابعتها واستثمارها فلسطينيا وعربيا؛ كما جرى من عدم استثمار قرار محكمة لاهاي بخصوص الجدار التي قضت بإزالته وعدم قانونيته. عمليات الاستيطان المتواصلة إعلان حرب على القانون الدولي، ونهب لمقدرات الشعب الفلسطيني، وتكريس للأمر الواقع، وجزء من عملية نهب وتدمير مقومات الحياة الفلسطينية المختلة.  القانون الدولي الإنساني يعدّ أن الأراضي المحتلة عام 67 هي أراضٍ محتلة، ولا يجوز الاستيطان فيها، وهو ما لا تعترف به دولة الاحتلال تحت منطق القوة والإرهاب، والمجتمع الدولي لا يضغط ولا يقوم بدور حقيقي لإجبار الاحتلال على وقف الاستيطان؛ إلا عبر قرارات شكلية لرفع العتب أمام الضغط الباهت وعلى خجل؛ العربي والفلسطيني والإسلامي لوقف الاستيطان. 

في ظل تنكر الاحتلال للحقوق الفلسطينية؛ لا يصح التمسك ببرامج وأساليب ثبت عدم دقتها وعدم قدرتها على التعامل الجيد مع الاحتلال؛ بل يجب البحث واستخدام برامج وطرق أكثر حداثة وقوة وإيلاما للاحتلال، وإلا ذهب الجهد الفلسطيني سدى؛ كمن يناطح السحاب، أو كالمستجير من الرمضاء بالنار. 

نعم صحيح؛ إنه غدا سيزول الاستيطان والاحتلال الظالم؛ فهذا منطق الأشياء وسنن التاريخ وصيرورته، لكن حتى ذلك الوقت وجب تجميع كل الطاقات الخلاقة في بوتقة التحرير، والانتهاء من الخلاقات الجانبية، فالتناقض الرئيس هو مع الاحتلال، ولا يصح للتناقضات الفرعية والشكلية أن تحل محل التناقض الرئيس؛ فهل وعينا الدرس؟ّ!

 د. خالد معالي

من نفس القسم دولي