الوطن

خبراء: وقف المشاريع العمومية سيحدث صدمة على المستوى الاجتماعي وجمود في الاستثمار!

يفتح الباب أمام تحويل آلاف العمال في القطاعات المرتبطة بالطلب العمومي على البطالة

 

قررت الحكومة لأول مرة منذ عام 2002 وبعد 3 مخططات خماسية استهلكت أكثر من 480 مليار دولار الخفض في استثماراتها العمومية بشكل كبير حيث عرفت ميزانية التجهيز في نص مشروع قانون المالية لسنة 2017 انكماشا حادا ناهز 12.6 مليار دولار، وهو ما حذر منه الخبراء الاقتصاديون أمس مؤكدين أن التخلي عن المشاريع العمومية سيكون له أثر وخيم على الحياة اليومية للجزائريين، حيث سيدفع المواطنون فاتورة هذا القرار بعد سنة على أكثر تقدير كما أن هذا التوجه من شأنه أن يؤثر على الاستثمار الذي سيعرف جمودا بداية من العام 2017 وقد يستمر إلى ما بعد 2019.
قررت الحكومة من خلال نص مشروع قانون المالية 2017 تجميد المشاريع الكبرى من أجل تخفيف الأعباء المالية على الخزينة العمومية، جراء انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية حيث خفض القانون ميزانية التجهيز بشكل رهيب ما يعني ان الدولة لن تمول أي استثمارات عمومية كبرى خلال العام القادم، خاصة المتعلقة بتشييد البرامج السكنية، الجامعات، الطرقات، مفضلة تجميدها إلى غاية تعافي أسعار النفط وهو ما سيؤزم الوضع الاجتماعي أكثر من جهة وكذا وضع اقتصادي ويجعل منظومة الاستثمار أكثر هشاشة خاصة أمام عدم جدية القطاع الخاص في تحمل بعض اعباء الأزمة لكونه قطاعا موازيا  يخدم مصالح ضيقة.
 
مولود حشمان: وقف المشاريع العمومية يكرس لغياب رؤية شاملة ومشروع اقتصادي متكامل
وفي هذا الصدد أكد أمس الخبير الاقتصادي مولود حشمان في قراءة سريعة للتوجه العام لقانون المالية فيما يخص تمويل المشاريع العمومية أن هذا الأخير يكرس لغياب رؤية شاملة وغياب مشروع اقتصادي متكامل لدى الحكومة حيث قال حشمان في تصريح لـ "الرائد" أن توجه الحكومة نحو تخفيض نفقات التجهيز وإلغاء المشاريع العمومية يفتح الباب أمام تحويل ألاف العمال في القطاعات المرتبطة بالطلب العمومي على البطالة مباشرة، وهو ما يؤدي إلى تهاوي جديد في القدرة الشرائية للأسر الجزائرية يضاف لذلك تأكل القدرة الشرائية الموجود أصلا، وأضاف حشمان أن الحلول التي اعتمدتها الحكومة لتمويل مشاريعها العمومية لم تكن ناجحة منذ بداية الازمة وعلى رأسها صيغة القروض السندية التي لم تحقق منها لغاية الان كتلة نقدية تمكنها من تمويل مشروع استثماري عمومي واحد وهو ما لمسناه من خلال نص قانون المالية لسنة 2017 الذي خفض من ميزانية التجهيز ما يعني أن مشاريع السكن والمستشفيات والطرقات لن يكون لها محل من الإعراب سنة 2017 وهو ما سيؤثر على الوضعية الاجتماعية للجزائريين بطريقة مباشرة حيث وضح حشمان أن سوء تسيير الحكومات المتعاقبة للبحبوحة المالية، التي ميزت الخمس عشرة سنة الماضية صرفت على مشاريع لا تتطابق والمعايير الدولية، هو سبب اضطرار الحكومة حاليا إلى وقف المشاريع العمومية.
وحسب نفس الخبير، فإن تداعيات قرار وقف المشاريع العمومية، سيكون له أثر وخيم على الحياة اليومية للجزائريين، حيث سيدفع المواطنون فاتورة هذا القرار بعد سنة على اكثر تقدير من جانب اخر قال حشمان انه كان من المفروض على الحكومة ومن  أعد مشروع أن يقوم بخفض الدعم (المباشر وغير المباشر) على المواد المختلفة لأنه مصدر من مصادر تبذير الموارد، والحفاظ على مستوى الاستثمار الذي يضمن الوظائف ويضمن الحد الأدنى من القدرة الشرائية، لكن غياب رؤية شاملة وغياب مشروع اقتصادي متكامل جعل الحكومة تضحي بالمواطنين مرة أخرى.
 
العجز المسجل في الخزينة العمومية لا يسمح حاليا بتمويل أي مشروع
من جهته أوضح الخبير الاقتصادي كمال رزيق أن قرار الحكومة وقف المشاريع الاستثمارية العمومية خلال السنة القادمة جاء بسبب العجز الموجود في الخزينة العمومية حيث أوضح رزيق ان من المستحيل أن تتمكن الحزينة العمومية حاليا من تمويل مشاريع كبرى على غرار مشاريع المستشفيات ومشاريع الطرقات والمشاريع التنموية الكبرى في ظل فشل الإجراءات التي سبق وتبنتها الحكومة منها تمويل البنوك وكذا القروض السندية  وأضاف رزيق أن ميزانية التجهيز لتي خصصها معدو نص مشروع قانون المالية لسنة 2017 ستوجه لاستكمال المشاريع التي تجاوزت نسبة الشغال فيها 50 بالمائة بالمقابل قال رزيق ان وقف التمويل العمومي للمشاريع الكبرى في مشروع قانون المالية 2017 لا يعني غياب أي مشروع حيث اشار رزيق أن الحكومة فتحت الباب أمام الاستثمار الخاص في بعض المشاريع الكبرى، من أجل تفادي الإنفاق وعدم إخراج الأموال من الخزينة العمومية، أو عبر شراكة رابح-رابح بين القطاع العمومي والخاص، معتبرا انه في حالة استطاعت الحكومة إبرام اتفاقيات بعيدة ومتوسطة المدي مع شركاء أجانب وبشروط تصب في مصلحة الجزائر فإننا سنري في 2017 و2018 مشاريع هامة تخدم الاقتصاد والاستثمار. وأضاف رزيق، إن المرحلة التي تمر بها الجزائر في الوقت الراهن تعد صعبة، داعيا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استعجالية تتماشى مع نظرة استراتيجية للمدى المتوسط والبعيد مشيرا ان تجميد المشاريع يبقي حل ظرفي يرتبط بأسعار النفط.
 
س. زموش

من نفس القسم الوطن