دولي

هل تنتقل صراعات "فتح" من الإقصاء إلى الاغتيال السياسي؟

الساحة الداخلية لحركة فتح شهدت توترا شديدا بين تيار عباس وتيار دحلان

 

 

شهدت الساحة الداخلية لحركة فتح في الآونة الأخيرة توترا شديدا بين التيارين الرئيسين، تيار رئيس السلطة محمود عباس، وتيار القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، بلغ ذروته بمؤتمر عين السخنة، وما سبقه وتلاه من طرد وفصل عشرات الكوادر كان آخرهم جهاد طملية.

حتى الآن بدت الأوضاع الداخلية للحركة وكأنها تسير في مسارها الطبيعي، قبل أن يُكشف يوم الاثنين عن اعتقال خلية في مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، كانت تخطط لاغتيال شخصيات قيادية بالحركة، فهل هناك علاقة بين هذين التطورين؟! وبحسب ما تسرب لوسائل الإعلام من مصادر أمنية في السلطة، فقد خططت هذه الخلية لاغتيال شخصيات بارزة من بينها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس بلدية نابلس السابق غسان الشكعة، والنائب عن حركة فتح بالمجلس التشريعي جمال الطيراوي، وأمين سر المجلس الثوري للحركة أمين مقبول.

اللافت في هذه التسريبات، وفق متابعين، أن الخلية مكونة من أربعة أشخاص، ثلاثة منهم ينتمون للأجهزة الأمنية، أحدهم عميد بجهاز الأمن الوطني. لكن لا يبدو أن هناك رابطا واضحا يجمع بين الأسماء الثلاثة التي ورد ذكرها في التسريبات، والذي يمكن أن يجعلهم هدفا للاغتيال من جهة بعينها، بحسب المعطيات المتوفرة. فالشكعة استقال من الحركة منذ ترشحه لانتخابات بلدية نابلس عام 2012، وإن كان لا يزال محتفظًا بعلاقاته داخل الحركة، ويحظى بتأييد شريحة كبيرة من عناصرها بنابلس.

أما الطيراوي فهو على خلاف شديد ومعلن مع محافظ نابلس أكرم الرجوب، وتربطه علاقات مميزة مع الشكعة، وهناك شكوك بأن له علاقات مع دحلان. في حين يُحسب مقبول على تيار عباس وأعضاء اللجنة المركزية المعادين لدحلان. وربما هذا السؤال هو ما حاول المصدر الأمني الإجابة عنه بالقول إن المتهمين الذين ألقي القبض عليهم قبل نحو شهرين، كانوا يسعون لإثارة الفتنة والبلبلة، وضرب النسيج الاجتماعي والوطني داخل المدينة، في ظل ما تشهده المدينة من حالة احتقان ومظاهر فلتان شبه يومية.

النائب الطيراوي، وهو أحد المستهدفين بالمخطط، قال لوسائل الإعلام: إن المعتقلين أدلوا باعترافات "خطيرة جداً" من بينها محاولة اغتيال الشكعة، بعدما أطلقوا على منزله النار قبل عدة أشهر.  وكان مسلحون قد أطلقوا النار على منزل الشكعة في الأول من شهر جوان الماضي، وألحقوا أضرارا بالبيت دون أن يصاب هو بأذى. ونقل النائب الطيراوي عن رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، قوله أمام المجلس الثوري مؤخرا، إن هذه الخلية كانت تهدف لتنفيذ "اغتيالات سياسية منظمة". كما نقل عن مسؤول التحقيق مع الخلية في سجن أريحا، أنها كانت تهدف لتنفيذ هذه الاغتيالات وإلصاق التهمة بالسلطة وأجهزتها الأمنية؛ لخلق حالة فتنة وغضب عارم وردّة فعل غير مسبوقة من جانب أهالي مخيم بلاطة والمدينة ضد السلطة وأجهزتها الأمنية.

لكن مراقبين استبعدوا أن يكون الأمر بهذه الصورة، مستندين إلى عدم وجود دلائل حتى الآن على هذا الأمر، في حين أن سلاح الإقصاء والطرد هو الذي يلجأ إليه عباس في وجه خصومه. ويرون أن الأمر لا يخرج عن المناكفات والسجالات الدائرة بين قيادات ومراكز قوى فتح في نابلس، لاسيما الخلافات بين الطيراوي والمحافظ. وبحسب هؤلاء؛ فإن التسريبات استندت بشكل أساسي إلى الطيراوي الذي يسعى جاهدا لإظهار عجز المحافظ الرجوب عن ضبط الأمن في محافظته، وهذا يتضح من محاولة الأول نسب هذا الإنجاز إلى جهاز المخابرات عبر توجيه الشكر له على جهوده.

من جهة أخرى، يرى آخرون أن الطيراوي يحاول استثمار هذه التسريبات بشكل شخصي، بعدما تردد اسمه ضمن قائمة تضم 17 قياديا وكادرا مرشحين للفصل من صفوف "فتح" تنتظر مصادقة عباس عليها. ويعتقدون أن الطيراوي يحاول إظهار نفسه بموقع المستهدف، وما وضع اسمه إلى جانب اسم الشكعة إلا لإضفاء المصداقية، مستغلا حادثة إطلاق النار على منزل الأخير، علما بأن تلك الحادثة تقف وراءها مجموعة لديها خلافات قديمة مع الشكعة، أما اختيار اسم مقبول؛ فهو لتعزيز فرضية الطرف الثالث الذي يحاول إثارة الفتنة وضرب النسيج الاجتماعي والوطني.

 أمال. ص/ الوكالات

من نفس القسم دولي