الوطن

فشل حزبي في إقناع وتعبئة الرأي العام

مع بداية العد العكسي للتشريعيات

  • أرزقي فراد: على المعارضة التوجه للشارع وليس الصالونات
  • طلائع الحريات: السلطة تمارس تضييقا وغلقا إداريا وإعلاميا
  • تاج: التشكيك في النوايا ووأد المشاريع لا تخدم العمل السياسي 
 
تواجه كل مبادرات الأحزاب السياسية في الساحة الوطنية منذ إطلاقها "مصيرا واحدا" هو "الفشل"، فابتداء من مبادرة الأفافاس إلى تنسيقية الانتقال الديمقراطي إلى مبادرة الأفلان و"تاج" وحركة البناء الوطني، كلها مبادرات ظلت مجرد "حبر على ورق"، رغم تحرك بعض الأحزاب وعقد لقاءات ثنائية من أجل إقناع أحزاب الساحة للانضمام ومساندة مبادرتها. وبين رافض لإقرار فشل مبادرته (الأفلان)، وتمسك الآخر (الأفافاس)، لم تصل هذه الأحزاب إلى إقناع الرأي العام الوطني بجدوى المبادرات المطروحة، رغم مرور سنتين على إطلاقها.
حاولت "الرائد" استطلاع آراء الأحزاب والمحللين السياسيين حول "ميثاق العمل السياسي"، ودور الأحزاب في الساحة الوطنية على الصعيد السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي، وكذا أجندة عمل الأحزاب في صف الموالاة أو المحسوبة على المعارضة والاحتكاك الفعلي بالقاعدة والمجتمع والمواطن.
 
لا حراك سياسي دون انتخابات نزيهة والفصل بين السلطات 
 
فالمحلل السياسي أرزقي فراد، اعتبر أن "الطبقة السياسية لا توجد لديها إرادة سياسية من أجل إعطاء دفع حقيقي للساحة الوطنية، وكل ما يحدث هو عبارة عن لجان مساندة بطريقة أو بأخرى". وذكر الأستاذ أرزقي فراد أن "وجود حراك سياسي حقيقي في الساحة الوطنية ومن خلال الأحزاب يكون فقط بانتخابات نزيهة والتداول على السلطة وضمان الديمقراطية والفصل بين السلطات"، مضيفا: "المعارضة تعاني من التضييق حتى في عقد اجتماع عادي وتمنع من الترخيص الإداري، فكيف لها أن تحسن أوضاعها". واعتبر المحلل السياسي أن المبادرات التي تأتي من المعارضة "لا أثر لها في الميدان، لأن أحزاب المعارضة لا تستطيع تحريك الشارع لمساندة مبادرتها". وأضاف: "السياسة هي موازين القوى وما دام المعارضة لا تستطيع تغيير هذه الموازين فهي ضعيفة والسلطة لا تسمع لها".
وفي سياق متصل، قال أرزقي فراد أن "مبادرة أرضية الحريات والانتقال الديمقراطي التي خرجت بها ندوة مزفران سنة 2014 تعتبر وثيقة مهمة، لكن النظام تعامل معها بسلبية ولم يفتح نقاشا حولها"، مضيفا: "أحزاب المعارضة تحاول المبادرة بما يمكنها فعله، لكن من جانب أحزاب الموالاة فهي أجهزة تأتمر بأوامر السلطة ولا تملك لا أجندة عمل سياسي ولا مبادرات".
 
المعارضة ضحية التضييق السياسي والإداري الممنهج من السلطة
 
ومن جهته، اعتبر الناطق الرسمي لحزب طلائع الحريات، أحمد عظيمي، أن "المعارضة تسعى في كل مرة لإقناع الرأي العام الوطني بمبادراتها ووجهات نظرها تجاه القضايا والأوضاع السياسية، لكنها تتعرض بالمقابل للتضييق الإداري بعدم منح ترخيص للاجتماعات وكذا الغلق الإعلامي". وأضاف: "قدمنا في تكتل المعارضة أرضية انتقال ديمقراطي، لكن السلطة تعاملت معها بمنطق لا تسمع ولا ترى، كما أن نشاطات المعارضة صارت تتعرض للتضييق الإداري والغلق الإعلامي". وقال عظيمي إن "حزبه طلائع الحريات قام في مدة 5 أشهر بنحو 100 جمعية انتخابية لهيكلة الولايات، لكنه لم يحصل على تغطية إعلامية لتنوير الرأي العام الوطني، وبالتالي ماذا يعتبر هذا مقارنة بأحزاب السلطة". مضيفا: "للأسف هناك غلق إعلامي ممارس ضد المعارضة وحتى أننا نعلم بتعليمات موجهة لبعض وسائل الإعلام الخاص لتقزيم نشاطات المعارضة أو منع نقلها".
وأضاف المتحدث: "بعد الغلق الإداري والسياسي والإعلامي هناك محاولات لتشويه المعارضة وبينها حزبنا طلائع الحريات، فكيف يمكن أن تكون هناك مبادرات جادة وأجندة عمل سياسية لأحزاب المعارضة"، معتبرا أن "الوضع في الجزائر خاص جدا، فالمواطن صار لا يثق في الأحزاب وفي السياسة، وهذان عاملان يجعلان من الصعب تجنيد مواطنين لإقناعهم بمبادرات وأفكار". مضيفا: "أنا في غالب الأحيان أتحدث مع مواطنين بصفتي مواطنا، وحين يتعلق الأمر بصفتي مناضلا في حزب سياسي يختلف الأمر ويكون من الصعب أن يضع المواطن ثقته في أي سياسي".
وعن تحول الأحزاب إلى مجرد رجع للصدى لعمل السلطة، قال عظيمي: "نحن لا نرد على كل ما تفعله السلطة أو أحزابها، بل نحن نقول رأينا في الأمور المتعلقة بمصالح الدولة والشعب فقط". وأضاف: "قلنا رأينا في قانون المالية والدستور وقانون الانتخابات، لكن حول استقالة مسؤول حزب سياسي أو تصريحاته فلا يهمنا".
 
تاج يساند كل مبادرة تخلق حراكا سياسيا
 
أما حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" فيرى أن "كل مبادرة سياسية لأي حزب في الساحة الوطنية مرحب بها طالما تكون إيجابية". واعتبر المكلف بالإعلام في الحزب أن "تاج هو شريك في الساحة السياسية، وبالتالي هو يدعم كل مبادرة إيجابية دون التشكيك في النوايا ووأد المشاريع قبل نضجها". وأضاف نبيل يحياوي: "الأحكام المسبقة على المبادرات لا تخدم حركية العمل السياسي في الجزائر، وهذا من صميم العمل السياسي وهو النقاش والتقاطع في أفكار مشتركة".
وعن اعتبار الأحزاب مجرد صدى لما يحدث في أعلى هرم السلطة، قال يحياوي: "كل حزب له برنامجه ومؤسساته ومناضلوه، وبالتالي لا يمكن عزل الأحزاب عما يجري في السلطة، كما لا يمكن اعتبارها صدى لها". وأضاف: "هناك فعلا فجوة بين القاعدة النضالية والقيادات في الأحزاب، لكن هذا لا يقلل من العمل الحزبي"، مضيفا: "محكوم علينا كجزائريين أن ندفع الجانب الإيجابي إلى النقاش الوطني لترقية المجتمع والسياسة".
وحسب مراقبين، فإن الساحة الوطنية تشهد، في السنتين الأخيرتين (منذ 2014)، ركودا حقيقيا في العمل الميداني واقتصار الأحزاب، سواء الموالاة أو المعارضة، على تجمعات محصورة أو لقاءات في قاعات مغلقة، وغيابها عن الحراك القاعدي للمواطنين والاحتكاك بالمجتمع، وهو ما يفسر فشلها في إيصال مبادراتها السياسية إلى المواطن وتعبئته.
 
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن