دولي
ننتظر إنجاز الوعد والعهد
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 أكتوبر 2016
خمس سنوات مرت على صفقة وفاء الأحرار (شاليط) والتي تمكنت فيها المقاومة من أسر جندي صهيوني من دبابته وليس من بيته؛ لأن لحظة أسره كان يمارس إرهابا ضد شعب أعزل يدافع عن نفسه بصدور عارية أمام أكبر ترسانة عسكرية في المنطقة.. أسر الجنود الصهاينة كان هدفا للمقاومة منذ زمن طويل؛ لأن المقاومة تدرك أن تحرير الأسرى من سجون الاحتلال لن يكون بالمفاوضات السياسية والتي تنكرت للأسرى ما قبل أوسلو الذين كان من المفترض بعد أوسلو أن تُبيض السجون الصهيونية من المعتقلين، وهذا ما لم يتم؛ بل واكتظت السجون بالأسرى، فكان لا بد من أسر جنود من أجل الإفراج عن الأسرى. نعم تمكن الرجال، وليس أي رجال، خططوا ونفذوا واستشهد منهم على أرض المعركة، ولكن في النهاية تمكنوا من سحب جندي من دبابته، ثم كانت المعركة الثانية والصراع الذي استمر على مدى خمس سنوات بين المقاومة التي تمكنت خلال تلك السنوات من الاحتفاظ بالجندي شاليط، وبعد أن استيأس الصهاينة ولم يجدوا إلا الاستسلام وأرغموا رغم أنوفهم للتفاوض مع حركة حماس وكتائبها القسام بقيادة القائد الشهيد أحمد الجعبري وإخوانه جميعا، خاضوا التفاوض وهم يعلمون أن نهاية مشوارهم هو شهادة وجنة عرضها السماوات والأرض.
إن الشهداء القادة رجال مرحلة كانت من أخطر المراحل في تاريخ شعبنا الفلسطيني، ومشاعل على طريق النصر قدموا أرواحهم فداء لهذا الذي صنعوه في صفقة وفاء الأحرار، وكان على رأسهم أبو محمد الجعبري الذي كان مقاوماً ورجلا، وفاوض كأفضل من يفاوض عدوا، ونجح، وكان معه رجال مثله لا يقلون ضراوة ولا حنكة ولا معرفة بطبيعة يهود، واستطاعوا أن يفاوضوا العدو ويكسروا أنفه ويحققوا صفقة وفاء الأحرار. هؤلاء القادة الشهداء منهم والأحياء كانوا يعملون في حقل من الأشواك، مليء بكل العقبات التي من الممكن أن يتصورها إنسان، فكيف عندما يكون عسكريا ولديه عهد يريد الحفاظ عليه؟. لقد واجهوا عيون الاحتلال على الأرض، وواجهوا طائرات الاحتلال في السماء، واستطاعوا على مدار خمس سنوات أن يقهروا الاحتلال دون أن يصل إلى أي معلومة عن الجندي شاليط، بل واجهوا الدنيا بأسرها، واجهوا سلطة ونظاما عربيا وعدوًّا، ثلاثة أعداء كانوا لهم بالمرصاد وتمكنوا أن يفلتوا منهم وينجزوا هذا العمل القومي الوطني الفلسطيني بامتياز.
وكان الوفاء لهم من خلال المضي على عهدهم، وحفظ شعبنا ذكرى هؤلاء القادة، وسار على دربهم؛ لأنهم كانوا عنوانا لكل المراحل وشعلتها، واستشهدوا من أجل الشعب الفلسطيني، الذي هو بالتأكيد وفيّ، ويدرك معادن الرجال، ولن ينساهم، وقد تركوا خلفهم أبطالا يواصلون المسير لتحقيق صفقة وفاء الأحرار (2)، والتي على ما يبدو يجري التجهيز لها بعد أن واصل من جاء من خلف الشهداء القادة طريقهم وأسروا جنودا، ولديهم كما قال الملثم أبو عبيدة ما سيفاجئ الجميع ويذهل العدو، ويجبره صاغرا كي يفاوض على صفقة جديدة يتم بموجبها إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى وخاصة أصحاب الأحكام العالية وأبطال انتفاضة القدس.
ما تحدث به أبو عبيدة هو تأكيد على رسالة الشهداء القادة، ورسالة موجهة إلى العدو الصهيوني وعلى رأسه نتنياهو أن الكذب الذي تمارسه والتضليل للرأي العام والمماطلة والتمويه والإهمال لن يجدي نفعا؛ فقد مارست أكثر مما تمارس اليوم، ولن تنفعك كل الأساليب، وعليك اختصار الطريق والبحث عن وسيط كي يفحص الطريق، ولكن عليك أن تتذكر شرط المقاومة وهو إطلاق الأحرار في صفقة وفاء الأحرار، والذين أعيد اعتقالهم في الفترة الماضية حتى تستجيب المقاومة للدخول في مفاوضات عبر وسيط.
مصطفى الصواف