الوطن

مختصون: وضعية الصحفيين هشة ومسؤوليتهم في الانتظام واجبة

أزيد من 5 آلاف صحفي يحتفلون بعيدهم الوطني في 22 أكتوبر

 

زغلامي: غياب التمثيل الحقيقي للصحفيين يمنع من نيل الحقوق وتطوير المكتسبات
أحمد حمدي: الدولة مطالبة بتغيير واقع الإشهار لضمان النوعية وحرية التعبير
يحتفل اليوم أزيد من 5 آلاف صحفي وإعلامي بعيدهم الوطني المصادف ليوم 22 أكتوبر، الذي قرره رئيس الجمهورية سنة 2013. وتعود المناسبة الثالثة للصحافة الوطنية وسط إجراءات تنظيمية وتشريعية اتخذتها الحكومة (وزارة الاتصال)، وقبلها ما جاء به الدستور المعدل الذي وعد به الرئيس، والذي جاء "ليؤكد تكريس حرية الصحافة بكل أشكالها دون أي قيد إلا ما تعلق بكرامة الناس وحرياتهم وحقوقهم"، كما جاءت بعض المكاسب المحققة على غرار تأسيس سلطة الضبط السمعي البصري واللجنة الوطنية المؤقتة لبطاقة المحترف، في انتظار تنصيب سلطة الصحافة المكتوبة، أما من الجانب الصحفي، فاعتبر مختصون أن وضعية الصحفيين وسط كل هذه التشريعات والقوانين تبقى "هشة ومعرضة لتلاعبات لوبيات خارج القطاع وأرباب العمل من مالكي المؤسسات الإعلامية وعدم تحسين ظروفهم الاجتماعية"، وهو أمر يقابله أيضا غياب هيئة تنسيق بين الناشرين تسمح لهم بالدفاع عن مطالبهم من جهة، وتمكن من التحاور مع الجهات الوصية والصحافيين لتجاوز مرحلة المطالب الاجتماعية والدخول في الدفاع عن قيم ومبادئ ومواثيق العمل الصحفي المتعارف عليها دوليا، وإنهاء مرحلة الوصاية التي يفترض أن تبدأ باستكمال المؤسسات المدسترة لتتولى مهمة المتابعة وحتى الرقابة بمفهومها المهني.
وذكر الأستاذ بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر-3، العيد زغلامي، أن "الصحفي في القطاع الخاص يعيش الأمرين مقارنة بالقطاع العام اجتماعيا ومهنيا، فالصحفي يؤدي مهنة نبيلة وبالمقابل يعاني أزمة مادية وأزمة سكن ونقل وغيرها، وهذا غير معقول"، مضيفا "على الصحفيين أن يفرضوا أنفسهم في هذه المعادلة، يجب أن ينتظموا ليدافعوا عن حقوقهم الأساسية ويحترموا الممارسة الصحفية". واعتبر الأستاذ زغلامي أن "لوبيات وأرباب عمل يرفضون تحسين وضعية الصحفيين الاجتماعية والمهنية وممارسة الضغط عليهم، وبالتالي على الصحفيين أنفسهم أن يفرضوا وجودهم ويشكلوا تمثيلا حقيقيا لهم". ومن جهته، قال عميد كلية الإعلام والاتصال سابقا، أحمد حمدي، إنه "من المؤسف أن قرابة 5 آلاف صحفي وإعلامي لا يملكون تمثيلا حقيقيا للدفاع عن حقوقهم الاجتماعية والمهنية، وهم معرضون لكل أنواع الضغط من أرباب العمل وحتى خارجه"، مضيفا: "ظروف العمل في عهد الحزب الواحد أفضل بكثير من التعددية وخصوصا الظرف الحالي، فالصحفيون كانوا محميين اجتماعيا ومهنيا". واعتبر الأستاذ حمدي "قطاع الصحافة حاليا يضم كل من هبّ ودبّ وقد غزاها من لا يعرفون الهدف النبيل للمهنة وهذا مؤسف جدا".
 
الإشهار كرس غياب الموضوعية لدى الصحافة
وفي سؤال عن تحديات الصحافة ومستقبلها، خصوصا الصحافة المكتوبة، قال الأستاذ زغلامي إن "الصحافة المكتوبة عليها أن تتمسك بقرائها من المواطنين ونقل انشغالاتهم لأنه هذا هو دورها الحقيقي، وتتمسك بالنزاهة والصدق والاحترافية"، مضيفا: "إذا لم تواكب الصحافة المكتوبة تطلعات المواطنين وقراءها فمن أين لها بالتمويل والدور المنوط بها"، معتبرا أن "التأثر بقلة المداخيل قد لا يعيق أداء مهامها، لأنه في جميع الحالات لها قراء أوفياء". ومن جهته، قال الأستاذ حمدي إن "الصحافة المكتوبة هي أم الصحافة ولها تاريخ مشهود له، والتعددية في الجزائر جزء منه"، مضيفا: "منذ التعددية حدث إشكال في الفوضى التي يعيشها القطاع، ورغم مساعدة الدولة له حتى صارت 120 صحيفة في الجزائر، إلا أنه يقبع في فوضى التنظيم". وعن سلطة الصحافة المكتوبة ودورها في تنظيم القطاع، قال أحمد حمدي "الصحافة المكتوبة في حاجة ماسة لسلطة ضبط قوية وتجديد القوانين لتكريس الاحترافية والصرامة المهنية"، مضيفا "الكثير من الصحف حاليا لا ندري هل لها خط تحرير أم لا، هذا غير معقول في الصحافة".
وعن تأخر إصدار قانون الإشهار، قال الأستاذ زغلامي إن "غياب هذا القانون عرقل الأمور وصارت الفوضى تطبع كل شيء، وصارت الصحف تستفيد من الإشهار عن طريق المحاباة والولاء، وبالتالي غياب الموضوعية"، مضيفا: "الإشهار من بين الأمور التي جعلت وضعية الصحافة حرجة، وبالتالي فالدولة مطالبة بتغيير الوضع لضمان النوعية وحرية التعبير". أما الأستاذ أحمد حمدي فاعتبر أن "الإشهار هو شريان الحياة للصحافة ويجب على الحكومة أن تخضعه لقانون أساسي، لأنه سوق كبير من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتجارية"، مضيفا: "قطاع الإشهار في الجزائر ظل سائبا ووسيلة ضغط وإغراء للكثيرين، ما جعل حرية التعبير في منأى عن دور الصحافة"، وأضاف: "يجب أن تكون هناك حرية إشهار لأنه لا يعتبر قطاعا ماديا فقط بل هو يقدم أيضا النموذج الأمثل للحياة المستقبلية للمواطن".
 
حزمة من القوانين لتنظيم قطاع الإعلام
وكان القانون العضوي للإعلام 05-12 الصادر سنة 2012 عقب إصلاحات أطلقها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قد شدد على ضرورة تنظيم القطاع بمختلف أشكاله (السمعي البصري، الصحافة المكتوبة، الإلكترونية، القانون الأساسي للصحفي، وغيره)، وعملت الحكومة (وزارة الاتصال) على إصدار عدة تشريعات وقوانين، أهمها قانون السمعي البصري سنة 2014 وتنصيب سلطة السمعي البصري وكذا اللجنة الوطنية المؤقتة للصحفي المحترف، في انتظار تنصيب سلطة الصحافة المكتوبة وإصدار القانون الأساسي للصحفي وقانون الإشهار، إلا أن كل هذه القوانين لا تزال تأخذ طريقها للتطبيق الميداني.
وفي الإطار، ذكر الأستاذ أحمد حمدي أن "الإعلام في الجزائر مرّ بعدة مراحل منذ الثورة التحريرية مرورا بالحزب الواحد ثم التعددية"، مستدركا: "الزخم الذي عرفته الصحافة في الجزائر خلال التعددية الإعلامية خلق بعض الفوضى التي يجب معالجتها والتحكم في اختلالاتها"، مضيفا: "القانون العضوي للإعلام سنة 2012 كرس التعددية الإعلامية في السمعي البصري وغيرها، وبالتالي هناك نية لتنظيم القطاع بما له من دور هام في تطور البلاد عبر إعلام مسؤول".
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن