الوطن

"وحشية مجازر 17 أكتوبر تشبه عرض 18 ألف جمجمة في المتحف"

المؤرخ لحسن زغيدي، في حوار مع "الرائد":

 

اعتبر المؤرخ لحسن زغيدي "مجازر 17 أكتوبر" بمثابة وصمة عار في جبين فرنسا لن تزول مع تعاقب الأجيال، وهذه المجازر، حسبه، يرسخها "الاعتراف بالمجازر والإبادات الجماعية عبر عرض 18 ألف جمجمة في المتحف لجزائريين تم قطع رؤوسهم في القرن 19 والقرن 20"، مضيفا: "الذكرى تأتي متزامنة مع عرض الجماجم وهي تأبينية للجيل الحالي وربطهم مع أجداده وتضحياتهم ضد الاستعمار الهمجي".
 
ذكرى مجازر 17 أكتوبر، لا تزال تلقي بظلالها في العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس، ما هي قراءتكم للظروف التي تأتي فيها هذه المناسبة التاريخية؟
 
مجازر 17 أكتوبر هي مجازر دولة وضد إرادة شعب التحررية، ونشهد في كل مرة محاولة الدولة الفرنسية إلصاق تهمة المجازر بمحافظ الشرطة وكأنه هو من قرر القيام بها دون أوامر فوقية، نحن نعرف أن محافظ الشرطة له مسؤولون يأتمر بأمرهم، ووزير الداخلية له رئيس حكومة مثلما رئيس الحكومة يشاور رئيس الجمهورية، وبالتالي هي جريمة دولة وليس شخصا.
وهذه المجازر لها ثلاثة جوانب، جانب عنصري في التمييز بين المواطنين المقيمين على التراب الفرنسي، وجانب ثان هو الطابع الثوري ضد إرادة شعب في التحرر والاستقلال، والجانب الأخير هو الطابع الإبادي لأن من استشهدوا بينهم رجال ونساء وشيوخ وأطفال. 
وعن الظروف التي تأتي فيها الذكرى، فالانتخابات الرئاسية في فرنسا وشيكة، وبالتالي هي تتعامل مع الذاكرة حسب مصالحها وتوظفها اقتصاديا وسياسيا، فالجزائر بجاليتها التي تفوق الملايين إضافة إلى الإسلام تعتبران ورقيتين تراهن عليهما الطبقة السياسية.
 
قراءتكم للعلاقات بين الجزائر وباريس التي تمر حاليا بمرحلة برودة وجفاء، حتى الحوار حول ليبيا مؤخرا تم استبعاد الجزائر من المشاركة فيه، هل ترون أن ماضي فرنسا الاستعماري لا يزال يشكل ثقلا عليها خصوصا في علاقتها مع الجزائر؟
 
كما قلت فرنسا تتعامل مع ملف الذاكرة حسب مصالحها السياسية والاقتصادية، ولذلك نلاحظ أن مجازر 17 أكتوبر جاءت هذا العام متزامنة مع أجواء مشحونة وقضية استرجاع الجماجم (18 ألف جمجمة بينها 36 قادة عظماء) التي تم عرضها مؤخرا، والتي تعتبر بالنسبة للجزائر استكمالا للسيادة وتكريما للشهداء وربط الأجيال فيما بينها.
وهذه المجازر تعتبر للجيل الحالي تأبينية لم يشاهدها من قبل، وكذلك تعد ارتباطا مع أجداده في القرن 19م، وبالنسبة لفرنسا هي اعتراف ببطولات وأمجاد الشهداء الذين حاربوها، وتبين اعترافا ضمنيا بجرائم الاستعمار في حق شعب دافع عن حريته، وبرهنة على جريمة ضد الإنسانية عبر الزمن.
 
في كتاب هولاند الأخير، هناك محاولة فرنسية للإيقاع بين الجزائر وروسيا، خصوصا أنه تناول الجانب التاريخي للثورة التحريرية، قراءتكم للظرف الذي جاء فيه الاستفزاز؟
 
هناك تصاعد للتطرف والتحامل إعلاميا وسياسيا من جانب أحادي فرنسي، خصوصا في ملف الذاكرة وما تمثله من أبعاد، والكتاب الذي أصدره الرئيس الفرنسي يحاول إقحام الجزائر وتاريخها في علاقات بين روسية فرنسية، وهذا يؤكد أن الفرنسيين لا تزال تطاردهم عقدة الثورة الجزائرية والجرائم التي ارتكبوها ولم يعترفوا ولم يعتذروا.
وبذلك فلا تزال شعاراتهم وثقافتهم هي التي تغذي أفكارهم الاستعمارية وتربي الأجيال المستقبلية، وقد سبقت عدة تصريحات غير مسؤولة من عدة مسؤولين فرنسيين تجاه الجزائر، وهي تصريحات تسيء لأصحابها بقدر ما تشرف المراد الإساءة له.
سأله: يونس بن شلابي
 
 
 

من نفس القسم الوطن