الوطن

ظاهرة اختطاف الأطفال أخذت منحى خطيرا في المجتمع الجزائري

تقرير لرابطة حقوق الإنسان أوعز ذلك إلى أسباب اجتماعية وأخرى اقتصادية

 

تحدث تقرير جديد لرابطة حقوق الإنسان عن كون 95 بالمائة من قضايا اختطاف الأطفال في الجزائر، منذ 2008 إلى غاية الآن، مردها أسباب اجتماعية ونفسية وأخرى اقتصادية. وأشار التقرير، الذي أعد بعد تزايد حالات الاختطاف في صفوف الطفولة بالجزائر وفي أكثر من منطقة، إلى أن الحكومة مدعوة لتكثيف الجهود لمحاربة هذه الظاهرة التي أصحبت تشكل خطرا على المجتمع الجزائري، خاصة أن هذه القضايا التي يتم الكشف عنها بشكل يومي أخذت أبعادا خطيرة وتتورط فيها أطراف بدوافع عدّة، حيث قال التقرير أن القضايا التي عرضت على العدالة في سنة 2015 أظهرت أن أسباب اللجوء إلى هذه العمليات كان بدافع الشذوذ الجنسي بنسبة 32 بالمائة، فيما كانت نسبة 15 بالمائة بالنسبة للقضايا التي تورط فيها المتهمون بدافع تصفية الحسابات والانتقام، في حين كانت ما نسبته 13 بالمائة بدافع الابتزاز والفدية، أما ما نسبته 12 بالمائة فرغبة وحبا في الانتقام فقط، أما باقي القضايا فقد كانت بسبب الشعوذة والسحر وبسبب استغلال الدجالين والمحتالين بنسبة 21 بالمائة، فيما بقيت بعض القضايا بنسبة 7 بالمائة مجهولة الأسباب.

وقال تقرير للرابطة، أمس، تلقت "الرائد" نسخة منه، أنه انتشرت في الآونة الأخيرة مجموعة من الجرائم التي تقشعر لها الأبدان، بعدما تزايدت أعداد الجرائم في المجتمع، وأصبحت الأسر الجزائرية تعاني كابوسا اسمه اختطاف الأطفال، حالات من الرعب نتيجة سلسلة حالات الاختطافات التي طالت فلذات أكبادهم. وهي الظاهرة التي طالما حذرنا منها في عدة مناسبات منذ 2008 إلى غاية يومنا. والملفت أنه في سنة 2015 فقط كانت هناك أزيد من 15 قضية اختطاف ثم قتل الأطفال.

أكد التقرير، الذي أعده هواري قدور، الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن "اتفاقية حقوق الطفل لا تقتصر في بنودها على الحكومات فقط، بل يجب أن يضطلع بها كل أفراد المجتمع، وذلك بهدف ترجمة المعايير والمبادئ التي تضمنتها الاتفاقية إلى واقع يتعين على الجميع احترامها، بعد أن أضحت عدة مشاكل تنخر عالم الطفولة، منها قضية اختطاف الأطفال التي أخذت منحى لا يمكن السكوت عنه، وهاجسا لكثير من الأسر"، مؤكدا أن "93 بالمائة من أسباب تفشي جريمة الاختطاف وقتل الأطفال هي أسباب اجتماعية، نفسانية واقتصادية نتيجة تشنجات وتعصب في المجتمع الجزائري".

وأكد التقرير أن "من أهم العوامل المؤثرة على ضوء التحليلات التي قمنا بها في دراسة 15 قضية اختطاف وقتل الأطفال لسنة 2015، أبرزها الشذوذ الجنسي 32 بالمائة، تصفية حسابات وانتقام 15 بالمائة، ابتزاز والفدية 13 بالمائة، حب انتقام 12 بالمائة، الشعوذة والسحر11 بالمائة، استغلال المرضى النفسيين من طرف تجارة الرقية والدجالين 10 بالمائة، أسباب خفية 07 بالمائة".

وأضاف هواري قدور أن "تلك المجموعة من العوامل في بعض الأحيان قد تكون مرتبطة مع بعضها البعض، والتي تتداخل مع شخصية الجاني وتؤثر على سلوكه تجاه المجتمع المحيط به وتجاه نفسه"، مؤكدا أن "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ترى أن الاهتمام يجب أن ينصب على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمساواة والعدالة بين المواطنين والفقر والبطالة، إذ يجب معالجة هذه الأسباب التي تدفع إلى القيام بالجرائم التي يعاقب عليها القانون بالإعدام، لأن التحدي يكمن في كيفية تطوير المجتمع، بحيث يتم التصدي للمشكلات والآفات الاجتماعية، بعدما أصبحت نسبة 95 بالمائة من أسباب ظاهرة اختطاف الأطفال بالجزائر تعود إلى عوامل اجتماعية ونفسانية".

وفي هذا السياق، طالبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "أهل الاختصاص في علم الاجتماع وعلم النفس بأن يكونوا في مقدمة المجتمع المدني لمعالجة هذه الظواهر والآفات الاجتماعية، على أن لا يكون النقاش نظريا بل عمليا في الميدان بمشاركة كل الفاعلين من الجمعيات والمؤسسات المعنية بالطفولة حول كيفية التعامل مع المشكل بصورة مباشرة، وأن تنصب على معالجة الجذور حول تزايد ظاهرة خطف وقتل الأطفال، لأننا نعلق على أهل الاختصاص آمالا كبيرة عوض ترك الساحة للمجموعة التي تسعى لركوب الموجة والمتاجرة بآلام الأسرة الجزائرية، فإنه يتعين عليهم أن يكونوا في مستوى عظمة بلادهم، بعدما أصبحت معالجة الظواهر الاجتماعية واجبا وطنيا".

ووضعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بعض الحلول التي تمكن من التصدي لتلك الظواهر، من بينها يجب على الأسرة أن تقوم بواجبها، ولا تترك أولادها في الشوارع، محاربة عمالة وتسول الأطفال، ومحاربة تجار المخدرات، محاربة المشعوذين والدجالين، لاسيما الرقية التي انتشرت بعدما أصبحت تجارة رابحة وأسهمها في تصاعد بدون رقابة أو ضوابط الرقية الشرعية، وعلى الجهات الأمنية أن تشرك الجمعيات الفاعلة في الميدان في حالة اختفاء الأطفال فورا. ومن له سلوك عدواني أو مرض نفسي يجب معالجته في المستشفيات العقلية، يجب على الحكومة إعطاء التسهيلات للجمعيات من أجل القيام بدورها". وهنا تحدثت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عن "الجمعيات المتواجدة في الميدان وليس الجمعيات المطبلة التي تخرج في المناسبات".

 

إكرام. س

من نفس القسم الوطن