الوطن

مبادرة الأفلان رهان على التحول في ميزان القوى داخل السلطة

بعد انفضاض الأحزاب الصغيرة عنها ورفض الأرندي لها

 

سنة كاملة مرت على المبادرة السياسية الوطنية للتقدم في انسجام واستقرار، التي تقدم بها الأفلان للطبقة السياسية، بخلفية تكوين جدار وطني يواجه التحديات والتهديدات التي تواجه البلاد في الفترة الأخيرة، خاصة أمام تنامي الإرهاب في الحدود الجنوبية والشرقية من جهة، وبداية الحديث عن أزمة مالية بعد تهاوي سعر البترول. وقد تمس هذه الأزمة بالنسيج الاجتماعي للدولة في ظل غياب بدائل حقيقية لصياغة اقتصاد بديل للمحروقات على مدى الحكومات المتعاقبة.
المبادرة ورغم الصدى الإعلامي الكبير الذي صاحبها والجولات في مقرات الأحزاب التي قام بها أمين عام الأفلان، عمار سعداني، وحتى بيانات التأييد من كثير من الأحزاب المعتمدة، كل هذا لم يعط الانطباع لجدية المبادرة التي قرئت حزبيا بأنها أساس لقاعدة حكم مستقبلي لم تكتمل كل عناصره. وربما كان موقف أحمد أويحيى منها أحد أسباب الإنقاص من قيمتها وحصرها ضمن المناورة الحزبية وعدم تلقيها دعما كاملا من مختلف مكونات السلطة. وموقف الأرندي الثابت من المبادرة هو الذي ترجم بالتراشقات المتتالية بين قيادة الحزبين، لدرجة أن عمار سعداني طلب بشكل واضح إبعاد أويحيى من منصبه في الرئاسة الذي يعتبر مدير ديوان الرئيس. وفي لهجة تصعيدية غير مسبوقة، أكدت المبادرة أن الأفلان أطلقها كي يؤكد جدارته في قيادة المشهد السياسي الحالي والمستقبلي.
صحيح أن القوانين المعتمدة وخاصة قانون الانتخابات زاد من ابتعاد الأحزاب عن الأفلان ومبادرته، خاصة أنه القوة الأولى في البرلمان، وأنه بعد رسائل الطمأنة التي قدمها للأحزاب الصغيرة، إلا أن كتلته البرلمانية لم تصمد أمام رغبة من في المرادية التي فرضت القانون وأبعدت الأحزاب عن الأفلان، وهو موقف لا تنساه قيادة الحزب العتيد لأويحيى بالدرجة الأولى ثم لسلال الذي بدوره لم يبذل أي جهد في إعطاء هذه الورقة للجهاز السياسي الأول للسلطة في كل المراحل.
الأفلان في مبادرة التقدم حرص على الالتقاء بالأحزاب الإسلامية على غرار حركة البناء الوطني وجبهة التغيير وحتى حركة حمس، في مقاربة ثوابتية، ولم يستبعد التيار الممثل لمنطقة القبائل وخاصة الأفافاس، وهي كلها علامات صحة في المبادرة، ولكن عناصر التشويش عليها كانت كبيرة، أساسها إطارات الأفلان الغاضبون على القيادة الحالية الذين لم يتركوا أي وسيلة في إبعاد الأحزاب، ثانيها قوى من داخل السلطة رأسها أحمد أويحيى، ترغب في الاستفراد في ترتيب المشهد السياسي المستقبلي، بعيدا عن التوجهات الحقيقية للأفلان. كما أن الوضع العام والإتقان السياسي الموجود والاستقطاب بين المعارضة والموالاة والبيئة السياسية عموما، لم تكن مناسبة في إقناع الأحزاب التمثيلية لمناقشة المبادرة، رغم أن محتواها لا يتناقض في عمومه مع توجهات مختلف القوى السياسية.
والآن وبعد عام كامل، وفي انتظار عقد اللجنة المركزية من جهة وربما التغييرات المرتقبة على مستوى الحكومة والانطلاق الحقيقي والعملي في التحضير للانتخابات التشريعية، قد تكون المبادرة أحد أطر تجميع القوى السياسية ضمن مصالح متبادلة بين الأحزاب، كما أن أي تحول في موازين القوى لدى صناع القرار سيترجم عبر ديناميكية جديدة للمبادرة في المشهد السياسي العام.
 
خالد. ش

من نفس القسم الوطن