الوطن

المعارضة تتبنى خطابا حادا يتقاطع مع تقارير دولية

ستناقش مشروعا ملغما في لقائها القادم

 

التضييق على الحريات وحرية العبادة رهان داخلي أم إرضاء لجهات أخرى !!

 

قدمت اللجنة المكلفة في هيئة التشاور والحوار تشخيصا سوداويا للواقع السياسي والاقتصادي في الجزائر، وفصلت في القضايا المتصلة بالحريات بشكل غير مسبوق، إلى درجة الحديث عن حرية العبادة. وفي وثيقة من ثلاث عشرة صفحة اطلعت "الرائد" على نسخة منها، والتي جاءت بعنوان "مشروع تمهيدي لمذكرة المعارضة"، وتضمنت مقدمة مطولة سردت فيه مظاهر صعوبة الوضع القائم، مرتكزة على مقاربة الشغور، أكدت الوثيقة أن الحالة تتسم بـ"شغور في السلطة تزداد حدة آثاره مع مرور الوقت؛ وقد أدت هذه الوضعية إلى تعدد مراكز القرار ووقوعها تحت رقابة قوى غير دستورية، إلى درجة أصبح معها التساؤل عمن يسير البلد جد شرعي".

كما أوردت الوثيقة حديثا مفصلا عما أسمته "التضييق على الحريات"، حيث تحدثت عن حرية التعبير، مستشهدة بالأحكام الصادرة والمتابعات القانونية في حق صحافيين وبعض الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضا المتابعات في حق بعض المحامين. كما اعتبرت أن "التحفظ المفروض على الضباط السامين والضباط العمداء المتقاعدين هو بمثابة حرمان لهذه الفئة من الأفراد العسكريين من حقوقها المدنية والسياسية مدى الحياة، في انتهاك صارخ للحقوق الدستورية".

وفي فقرة غير مسبوقة في مسار أحزاب المعارضة، تحدثت عما أسمته حرية العبادة، حيث جاء في الوثيقة أنه "أن أفرادا مشكوكا في كونهم يحملون قناعات ويؤدون طقوسا دينية مختلفة، يتعرضون للمتابعات القضائية؛ وتعبر الأحكام القاسية التي سلطت عليهم عن إرادة استغلال العاطفة الدينية للجزائري"، ما يبرهن أن بعض السفارات الأجنبية تكون قد اعتمدت على رأي الأطراف التي ساغت الوثيقة، في تحد واضح لإرادة المجتمع الرافضة لمثل هذه السلوكات.

كما أفردت المذكرة فقرة خاصة حول حرية الإعلام وحق المعارضة فيه، مستنكرة الطريقة التي تتعامل بها السلطة بوسائل الإعلام المختلفة التي لا تتوافق في خطها الافتتاحي مع توجهات السلطة السياسية.

كما تحدثت وثيقة المشروع، الذي يتوقع أن يناقش يوم الإثنين القادم، عن "اعتداءات أخرى متكررة صادرة أيضا عن الوضعية السياسية العامة للبلد". وتحدثت عن المساس بحق الإضراب من طرف القضاء والمساس بحق إنشاء الجمعيات من خلال قانون خانق للحريات. كما أوردت ضمن هذا البند موضوع المساس بحقوق المشبوهين والمتابعين، من خلال اللجوء التعسفي إلى الحبس المؤقت وحتى إلى المنع من مغادرة التراب الوطني، وهذا بتجاهل أحكام الدستور والقوانين الجزائية، وعاودت التذكير بالتعامل مع الناشطين في "قضية غرداية".

وفي فقرة مثيرة للجدل قد تدخل الأحزاب في مواجهة مع العدالة، جاء في المشروع أن "العدالة هي مجرد جهاز تابع للنظام القائم وأنها تستعمل لقمع المجتمع المدني والطبقة السياسة والنقابات ومناضلي حقوق الإنسان، كما أن  العدالة الجزائرية ليست لا حرة ولا مستقلة، والقضاة يخضعون لتعليمات السلطة أو حتى لتعليمات عصبة من عصبها".

كما تحدثت الوثيقة عن "تقهقر التعددية الحزبية" من خلال "قوانين تضييقية (قانون الأحزاب السياسية، قانون الجمعيات، قانون الإعلام، قانون الانتخابات)".

كما تحدثت عن "غلق النظام الانتخابي لقطع الطريق أمام أحزاب المعارضة، من خلال التزوير"، كما اعتبرت أن الدستور الجديد والقوانين المصادق عليها جاءت لـ"تثبيت شرعي وتغطية سياسية وقضائية للقوانين الجديدة المضيقة على الحقوق والحريات، وتشويه التعددية السياسية وتحسين جهاز تحويل الإرادة الشعبية في الاقتراعات المقبلة". وفصلت مذكرة المعارضة حول القانون الانتخابي في فقرة خاصة عنونتها بـ"إطار انتخابي على المقاس لتثبيت كيان السلطة"، كما أن إنشاء "هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات" يمثل تشويها واضحا لاقتراح المعارضة المطالبة بانتقال ديمقراطي وإنشاء سلطة مستقلة دائمة لتسيير انتخابي جدي، يتضمن تنظيم ومراقبة الاقتراع، ما يعني تولي المسار الانتخابي من بدايته إلى نهايته.

وكررت الوثيقة مقاربة بعض أطراف المعارضة بأن "النظام السياسي يشكل خطرا على البلد"، وانتهت بتقديم رؤية المعارضة من خلال أن هيئة التشاور والمتابعة قد عبرت عن استعدادها للنقاش والبحث عن طرق توافقية للخروج من الانسداد الحالي، واقتراحها لأرضية توافقية لانتقال ديمقراطي، وإعلان استعدادها للحوار حول هذه الأرضية، مؤكدة أن كل هذا لا يهدف سوى للخروج من الأزمة، وأنها سعت إلى "حلول ملموسة، خاصة فيما تعلق بدسترة هيئة دائمة مستقلة لتسيير الانتخابات، وانتخابات رئاسية مسبقة، ودستور توافقي، وانتخابات عامة متبوعة بحوار حول الانتقال الاقتصادي والطاقوي".

خالد. ش

من نفس القسم الوطن