الوطن

جزائريون يبحثون عن نجاحات اقتصادية توازي المواقف الدبلوماسية

بعد أن نجحت في إقناع حضور الدول النفطية المنتجة الكبرى

أحزاب تطالب بحلول سياسية للفشل في الخيارات الاقتصادية

 

استطاعت الدبلوماسية الطاقوية للجزائر أن تقنع ممثلي 54 دولة نفطية بحضور الدورة الـ 15 للمنتدى الدولي للطاقة، الذي يعد أطارا للتشاور وملتقى لتبادل الرأي وليس لاتخاذ القرار. ورغم الطابع التقني للملتقى، إلا أن الظروف التي يمر بها سوق الطاقة في العالم جعل الاهتمام العام حول قدرة المسؤولين في مختلف الدول على تثبيت الإنتاج للوصول إلى أسعار مرجعية مقبولة عند المنتجين كما هي عند المستهلكين، وهو ما عكسته كلمة الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي أكد ما يقوله جميع المنتجين بأن الوضع الحالي للسوق النفطية غير مريح لجميع دول العالم سواء المستهلكين أو المصدرين، ما يستدعي تجاوز جميع الحساسيات والخلافات السياسية.

ورغم أن السوق النفطية تعتمد أساسا على قواعد السوق في العرض والطلب، إلا أن الطاقة تعد من المنتجات التي تتحكم فيها عوامل أخرى منها الاستراتيجي وحتى السياسي. وعلى هذا الأساس توقع بعض المحللين أن الحوار الدائر بين الولايات المتحدة وروسيا حتى وإن أخذ عنوان الملف السوري، إلا أنه لا يمكنه إغفال الملف الطاقوي بحكم التحكم الأمريكي في سعر البترول بشكل كبير.

حضور إيران والسعودية للدورة 15 مؤشر إيجابي، خاصة أن إيران كانت تغيبت في ملتقى الدوحة الأخير وكل الدول المنتجة أصبحت ترى ضرورة استراتيجية للخروج من الوضع الحالي، وهو ما عبر عنه كثير من المراقبين، وترك التفاؤل عندهم في إمكانية إعطاء ديناميكية جديدة يمكنها أن تساهم في حلحلة السوق الطاقوية في أقرب الآجال.

إن هذا الحضور الدولي بما فيها الدول غير الأعضاء في الأوبيك دليل على نجاح الدبلوماسية الجزائرية في خياراتها الاستراتيجية ومواقفها المبدئية، خاصة فيما يحدث في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، كما أن حضور دول الخليج تعبير واضح على أن المبادرة الجزائرية تحظى بدعم أمريكي أو عدم رفض على الأقل، في مرحلة تشنج عالية يصعب فيها التحرك بمبادرات يمكنها التأثير على عصب الاقتصاد العالمي.

ولأن الملف له خلفية سياسية، لم تخف الأحزاب الجزائرية مثلها مثل المواطن، تطلعها إلى أخبار من قصر المؤتمرات الجديد عله يكون فأل خير يتمكن من خلالها تجاوز خطابات الأزمة والتقشف وغيرها من المصطلحات التي زادت في حدة الاحتقان في الشارع الجزائري.

إلا أن المطالب الحزبية والتوجه الرسمي للبلاد في إيجاد اقتصاد بديل للمحروقات لا يزال في المهد والخطابات المتبادلة بعيدة كل البعد عن مشاريع حقيقية لا من المعارضة ولا الحكومة، واللغة المتبادلة هي التراشق الإعلامي واكتفاء كل طرف بتوجيه اللوم وتحميل المسؤولية في الفشل أو العجز في تقديم البديل.

ملتقى الجزائر يكشف صعوبة الحراك داخل الدول المنتجة والتي تتحكم في قراراتها عدة معطيات ومصالح، والتعقيدات ذات الصلة يمكنها أن تدفع الرسميين في الجزائر إلى الإسراع في البحث عن البدائل بما فيها الاستثمارات في مجال الطاقة بعيدا عن التنقيب والصناعات القليلة المرتبطة بهذا المورد الاستراتيجي والحساس. والأكيد أن القوى السياسية مطالبة باستخلاص العبر خاصة في المواقف السياسية بما يسمح لنا بالتموقع الاستراتيجي الذي يوسع من هامش الاستقلالية الاقتصادية، بعيدا عن العنتريات ولا حتى المواجهات الخاسرة في كل الظروف.

الأكيد أنه وحتى انعقاد قمة منظمة الأوبيك في 30 نوفمبر المقبل في فيينا، قد تثمر المشاورات هنا في الجزائر وفي عواصم أخرى مرحلة استقرار في الأسعار، تفيد جميع الأطراف. وأمام الاستحقاقات الانتخابية القادمة في الجزائر يفترض أن يدفع نحو تحريك إبداع القوى السياسية في إيجاد بيئة ومناخ يمكنه أن يؤسس لمرحلة اقتصادية جديدة بعيدة عن الخطابات الجوفاء والأماني ولا الانتقادات التي لا تحرك شيئا.

خالد. ش

من نفس القسم الوطن