الوطن

عوامل ضاغطة ومواقف مترددة قبل اجتماع كبار منتجي النفط في الجزائر

مسعى تثبيت انتاج النفط قد يصطدم بصرعات سياسة أكثر منها اقتصادية


تواصل أسعار النفط التأرجح مهددة اجتماع  كبار منتجي النفط في الجزائر بعد أقل من أسبوعين، فبعد الانخفاض التي عرفته الأسعار أمس الأول عقب تقرير لوكالة الطاقة الدولية توقع استمرار تخمة المعروض من الخام حتى منتصف عام 2017 على الأقل، عادت لترتفع مجددا في تعاملات يوم أمس لكن بنسب لا تصل لـ 1 بالمائة وهو ما يغير المعطيات المحيطة باجتماع الجزائر خاصة في ظل التقارير الدولية التي تعد عوامل ضاغطة والمواقف المترددة التي تبديها أغلب الدول الأعضاء وغير الأعضاء والتي اكتفت بالاتفاق على مبدأ ضرورة التوصل لقرار تثبيت الإنتاج دون الحديث عن خطة وأليات لتطبيق هذا القرار في حال تبنيه خلال الاجتماع. ورغم التفاؤل الموجود إلا أن هذا الأخير غير كافي، بحسب الخبراء وسط صورة ضبابية تحاول الجزائر جاهدة توضيحها في مسعى قد يصدم بصرعات سياسة أكثر منها اقتصادية.
عادت أسعار النفط لترتفع مجددا في تعاملات أمس بفعل بيانات من معهد البترول الأميركي التي أظهرت ارتفاع مخزونات الولايات المتحدة، وجرى تداول العقود الآجلة للخام برنت بسعر 47.34 دولار للبرميل، مرتفعا بـ 24 سنتا، أو 0.5 في المئة. وكانت أسعار النفط قد تراجعت بما يصل إلى 3 في المئة، خلال الجلسة السابقة، بعد أن عدل المستهلكون والمنتجون توقعاتهم على نحو يشير إلى استمرار تخمة المعروض العالمي من الخام لفترة أطول من التكهنات السابقة حيث أكدت "أوبك" في تقرير لها، تسجيل فائض نفطي أكبر سنة 2017 مع استمرار إنتاج المنافسين، ورفعت المنظمة المصدرة للبترول توقعاتها لإمدادات النفط من خارج المنظمة في 2017 مع دخول حقول جديدة للإنتاج وإثبات شركات التنقيب عن النفط الصخري الأمريكي مرونة أكبر من المتوقع في التعاطي مع أسعار الخام المتدنية مما يشير إلى فائض كبير في السوق العام المقبل، كما ان، إنتاج النفط في روسيا، من المتوقع أن يرتفع هذا العام بنسبة 2.2 بالمائة فوق التوقعات ليصل إلى أعلى مستوى في نحو 30 عاما ، ومن بين العوامل السالبة الأخرى التي من المقرر أن تؤثر على مستقبل تحسن أسعار النفط، التقرير الذي أصدرته وزارة الطاقة الأميركية في نهاية شهر أوت وأوصت فيه بخفض مخزونات الاحتياطي النفطي الاستراتيجي بحوالي 100 مليون برميل خلال الأعوام من 2017 الى 2020.
وعلى الرغم من أن هذه التوصية من غير المحتمل أن تصبح قراراً، وسط التوترات الدولية في بحر الصين وبين روسيا وواشنطن في عدة مناطق ساخنة في العالم، إلا أنها ستظل أحد العوامل السالبة التي ينظر لها تجار النفط في تقييم العقود الآجلة.  ووسط هذه العوامل الضاغطة على الأسعار، يترقب المضاربون على أسعار النفط، قرارات اجتماع الجزائر المقبل التي يطبعها التفاؤل حيث أثارت التصريحات الأولية لوزراء الدول المنتجة بعض التفاؤل، خاصة مع المساعي الحثيثة التي ترعاها الجزائر للوصول لاتفاق التثبيت بعد زيارة وزير الطاقة بوطرفة عدة دول منها ايران وروسيا ولقائه في باريس نظيره السعودي خالد الفالح والأمين العام لـ "أوبك" من أجل إيجاد أفكار لكيفية التوصل الى إنجاح هذا المؤتمر والتوصل الى تجميد الانتاج عند سقف معين، لكن التفاؤل بحسب خبراء الطاقة غير كافي خاصة أن أخذنا بعين الاعتبار محاولات سابقة للاتفاق في أوبك ومدى الالتزام بها، ما يجعل الظروف التي تسبق اجتماع الجزائر مشابهة لحد ما الظروف التي سبقت اجتماع الدوحة الذي فشل في التوصل لقرار.
وعلى الرغم من أن الأمور تغيرت في الشهر الأخيرة، منها ان إيران لم تعد قادرة على زيادة إنتاجها أكثر فالوضع الحالي هو الطاقة القصوى لقطاعها النفطي كما أن روسيا والسعودية (أكبر منتجين من أوبك وخارجها) يتشاوران للبحث عن موقف مشترك يسهم في ضبط السوق لكن بعض المحللين في سوق النفط بدأوا يتحدثون عن أنه حتى لو تم التوصل لاتفاق في الجزائر، فلن يكون قويا بما يكفي للتأثير بشكل كبير في أساسيات السوق من عرض وطلب ـ خاصة إذا عاد الإنتاج النيجيري إلى سابق عهده وبدأت ليبيا مثلا تضخ نفطها في السوق.


س. زموش

من نفس القسم الوطن