الوطن

ميزاب: العمليات العسكرية بليبيا ستساهم في انتشار داعش بدول الجوار الليبي

تمددها وإعادة تشكيلها في خلايا مصغرة سيجعل عملية السيطرة عليها صعبة

 

  • "الذئاب المنفردة"... سلاح "داعش" لزعزعة منطقة الساحل
 
توقع أحمد ميزاب، رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، أن "التنظيم الإرهابي "داعش" لن يتمكن من الاستمرار طويلا في ليبيا، خاصة في ضوء محاربته من قِبَل جماعة فجر ليبيا الإسلامية وجيش اللواء حفتر"، مضيفا أن "المتطرفين الجهاديين سيضطرون للفرار خارج البلاد فور نجاح الحوار الوطني الليبي". وأوضح أحمد ميزاب، في تصريح لـ"الرائد"، أن المتابع للمشهد الليبي وتطوراته، خاصة في خضم العمليات الجوية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، وتطور نشاط الجماعات الإرهابية داخل ليبيا وتمددها، يدرك أن هذه العملية سواء من خلال التوقيت أو الظروف أو حتى التخطيط لا تهدف بالضرورة للقضاء على التنظيم، وإنما تسعى لتقليم أظافر التنظيم وتشتيته، وهنا التشتيت يشكل خطرا على المنطقة.
الخبير الأمني أحمد ميزاب، ولدى تطرقه للوضع الأمني في ليبيا، قال إن ما تعيشه اليوم من العمليات العسكرية سيساهم في تمدد وانتشار بقايا التنظيم وتشكيلها على شكل خلايا صغيرة، وهذا ما سيجعل عملية السيطرة عليه صعبة، خاصة من حيث أن التنظيم سيستفيد من بعض الحواضن التي سيتغذى منها، بالإضافة أن التنظيم سيستغل هذه المرحلة لإعادة التنظيم والتكيف حتى يباشر مخططاته، لكن بأسلوب، جديد باعتبار أن العارفين بهذا التنظيم يدركون أنه وسيلة لتنفيذ مخططات، بالتالي دوافع البقاء ومصادر النمو لا تزال متوفرة، مضيفا أن الولايات المتحدة الأمريكية لها برنامج تسعى لأن يتجسد بأي حال من الأحوال وذرائع تنفيذ برنامجها موجودة، وعليه سنشهد تدخلات من حين لآخر تحت عنوان جامع "الحرب على الإرهاب"، لكن أن تقوم بضربات في مناطق مجاورة لليبيا أستبعد ذلك. وهذا راجع أولا لتقاسم مناطق النفوذ مع حلفائها وأقصد فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، بالإضافة أن لا يتكرر سيناريو روسيا وأقصد تدخل روسيا على الخط، وهذا قد يخلط الأوراق بالمنطقة، لكن التدخل بليبيا هو الذي ستكون له انعكاسات بالمنطقة وبشكل ملحوظ.
واعتبر المتحدث أن عملية البنيان المرصوص قبل أن تدخل الولايات المتحدة على الخط، كان يسجل تقدما نسبيا، لكن دعني أقول ظرفيا قد نشهد تقدما، لكن سرعان ما سنسجل تراجعن أو على الأقل آثارا سلبية، باعتبار أن التدخل محدود جغرافيا ولا يخدم أي عملية عسكرية من شأنها القضاء على تنامي النشاط الإرهابي، خاصة في ظل غياب توافق سياسي بليبيا.
وفي سؤال له حول التدخل الروسي بالمنطقة، فقال ميزاب: أعتقد دخول روسيا على الخط في المرحلة الراهنة لعدة اعتبارات، وأبرزها أن الزاوية التي تنظر من خلالها روسيا لمحاربة الإرهاب ليست ذاتها التي تعتمدها الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه حسب المعطيات والحسابات روسيا يستبعد دخولها على الخط ظرفيا.
وفي سؤال آخر يتعلق بتنظيم "داعش" ومدى استمراره طويلا في ليبيا، خاصة في ضوء الضربات التي أصبح يتلقاها بالمنطقة، فقال الخبير الأمني أنه من المخطئ أن نقول أن مثل هذه العمليات ستقضي على "داعش"، فلم يحدث ذلك مع القاعدة، وإنما أضحينا نتكلم عن القاعدة في بلاد المغرب والقاعدة في بلاد الرافدين والقاعدة في شبه الجزيرة والقاعدة في اليمن....الخ، وعليه سنشهد تمدد وتشكل خلايا صغيرة للتنظيم واستفحال عمليات "الذئب المنفرد"، وعليه ما دام لم تزل أسباب وجود التنظيم لن يقضى على التنظيم، وإنما سيتفرع كالورم كلما كانت التدخلات الجراحية لاستئصال الورم غير دقيقة كلما انتشر في الجسم، وكلما تدخلنا جراحيا لاستئصال فرع الورم كلما انتشر واشتد الخطر، وعليه هذه العمليات لن تدفع للقضاء على هذا الخطر خاصة في ظل استمرار بؤر التوتر والنزاع التي يستفيد منها التنظيم بشكل كبير. أما فيما يتعلق بالانقسام الذي باتت تعانيه ليبيا، فقال المتحدث أن الانقسام موجود في ليبيا ويتكرس أكثر فأكثر ليس اليوم وإنما منذ 2011 فهو يتعمق يوما بعد يوم، ليبيا منقسمة سياسيا وأمنيا واجتماعيا وحتى إداريا، وهذا ما يخيف وما يجعل النظر للانفراج أنه لا يزال بعيدا ويحتاج لأشواط من العمل وبذل المجهودات، ويدفعنا للحكم على مثل هكذا عمليات عسكرية بأنها لن تؤدي الغرض المطلوب، وإنما ستعمق من الفوارق وتطيل أمد الأزمة وتبعد أفق الحل.
وأشار ميزاب أن حقيقة الأزمة الليبية هي أزمة إقليمية، فكل دول جوار ليبيا في حال استنفار وتأهب، كل دول جوار ليبيا تدفع ثمن تعثر مسار الحل في ليبيا، كل دول جوار ليبيا تواجه وتعاني من خطر تمدد الإرهاب المتواجد في ليبيا، وبالتالي أضحت هذه الأخيرة مشكلة إقليمية وقد تزداد لتشكل معضلة دولية، باعتبار أن خطر المهاجرين غير الشرعيين وتسلل بعض الإرهابيين من ليبيا إلى أوروبا أمر سيدفع بها إلى أن تتحول إلى  تفرض نفسها، مذكرا أن ليبيا تشهد حالة فوضى وانقسام سياسي ومجتمعي وأزمة مؤسسات غائبة أو غير موجودة، توافق غير موجود، الكل يقول أنا صاحب الشرعية، والكل يجرم ويتهم الكل، رؤية الحل غير متجانسة بين الأطراف. إذن لا يمكن أن نتحدث عن دستور موحد ما دامت الطبقة السياسية، إن وجدت، غير متوافقة وغير منسجمة وترفض أن تجلس على طاولة واحدة وتضع الشروط المسبقة، ومبدأ الإقصاء قائم لا يمكن أن نتحدث عن انتخابات برلمانية وبرلمانات سابقة لا تعترف إلا بنفسها، لا يمكن الحديث عن مليشيات ونزع السلاح في ظل غياب توافق اجتماعي أولا وسلطة قائمة بمؤسسات ثابتة في ظل ذلك الحل وأفقه بعيد.
هني. ع

من نفس القسم الوطن