الوطن

"التقشف مصطلح للاستهلاك السياسي وشراء السلم الاجتماعي مستمر"

المحلل السياسي إسماعيل معراف، في حوار ليومية "الرائد"

 

  • السلطة نجحت في تعميم البطالة السياسية وفرض "ستاتيكو" يناسبها
  • الحكومة تراوغ للحفاظ على مخزون 900 مليار دولار من خلال قانون المالية 2017
 
 
قال المحلل السياسي إسماعيل معراف إن "الحكومة تحاول المراوغة في وجود أزمة مالية تمر بها البلاد، وتحاول تجسيد هذه المراوغة من خلال قانون المالية 2017"، مضيفا: "الإحصائيات تشير إلى مخزون صرف يتجاوز 900 مليار دولار، فكيف يكون هناك تقشف وأزمة؟ هذه تصريحات سياسية للاستهلاك فقط وللتحكم في المجتمع". ومن جهة ثانية، اعتبر معراف أن "الجزائر مقبلة لا محالة على انتخابات رئاسية مسبقة قبل نهاية شهر ماي المقبل، لأن ملامح المرحلة المقبلة صارت أكثر وضوحا".
  
الطبقة السياسية حذرت من دخول اجتماعي ساخن، إلا أن الواضح بعد أسبوع، هناك هدوء يطبع الجبهة الاجتماعية، كيف تقرأون ذلك؟
 
الدخول الاجتماعي جد عادي ولا يوجد جديد، ولا يمكن تصور حدوث أي شيء، وتوقعات الأحزاب السياسية تكشف عن طينتها وفقدان مصداقيتها.
 
خلال الدخول الاجتماعي، الساحة السياسية لم تسجل أي نشاط سياسي للمعارضة، ما دلالات هذا الغياب؟ 
كل الأحزاب دون استثناء تعيش على ما تجود به السلطة من أموال وامتيازات، وبعضها ينتظر فقط المواعيد الانتخابية للاستفادة من الريع، ماذا تنتظر من أحزاب بهذا الشكل.
ثم إن أحزاب المعارضة غير موجودة بل هي مجرد معارضة صورية وليست معارضة تهتم بالعمل السياسي الحقيقي، والسلطة هي السبب وراء كل هذا، لأنها ليست جادة في بناء مجتمع.
في تصوري لو كانت السلطة جادة وواعية بالتحديات فإنها تشجع العمل السياسي الحقيقي، لكن ما يحدث حاليا أنها تجني ما زرعته منذ سنين، وهي سلطة لصالح جهات وأشخاص وليس لبناء مجتمع ودولة.
 
ما هي قراءتكم للخروج الإعلامي للرئيس بوتفليقة تزامنا مع الدخول الاجتماعي؟ 
 
مثلما قلت، السلطة تلعب بمفردها في الساحة السياسية ونجحت في تسطيح كل شيء، وصار كل شيء غير ممكن دونها، وفي حالة العمل السياسي هناك بطالة سياسية واستقالة من العمل السياسي.
أما القراءة، فما يحدث حاليا هو مؤشر على أن النظام شرع في تحضير الأمور بالطريقة التي يريدها، وتدشين قصر المؤتمرات قد يتبعه قريبا تدشين المسجد الأعظم، وتليهما مرحلة جديدة بانتخابات رئاسية مسبقة.
وهذان المشروعان كان الرئيس بوتفليقة حريصا على إنجازهما منذ سنين، والحكومة تسارع لتجسيد ذلك.
 
تقولون بانتخابات رئاسية مسبقة، أليس ضمان الاستقرار لأطول فترة ممكنة من أولويات السلطة لتفادي تأثيرات ذلك على تأزم الوضع الاقتصادي والجبهة الاجتماعية؟ 
 
 
السلطة بمؤسساتها لا ترغب في تغيير وهي اللاعب الوحيد في الساحة الوطنية، والستاتيكو الذي تعمل وفقه بدأ يبدو أكثر وضوحا في الأشهر الأخيرة، وإلى غاية شهر أفريل أو ماي سنشهد انتخابات رئاسية مسبقة.
وحسب المؤشرات يبدو أن السلطة قد اختارت خليفة بوتفليقة في سرية تامة وبتوافق عدة أطراف داخلية وخارجية، وفق البروتوكولات المعمول بها في هذا الشأن مع القوى العظمى في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، وألمانيا)، ومراحل تسليم السلطة بدأت تجلياتها تظهر بنسبة 90 في المائة.
أما الاستقرار فإنه عامل غير مطروح سواء داخليا أو إقليميا أو خارجيا، والدول المؤثرة في المنطقة ترى الجزائر ذات فعالية في استقرار منطقة شمال إفريقيا ومن مصلحتها استمرار الهدوء فيها.
 
توقعات قانون المالية لسنة 2017 تشير إلى زيادات في الضرائب والمساس بالقدرة الشرائية للمواطن وتأجيل بعض المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، ما هي قراءتكم لتوجهات السلطة في المرحلة المقبلة؟ 
قانون المالية لسنة 2017 مثل سابقيه لن يحمل تغييرا كبيرا، فالسلطة لا تريد أن تقول الحقيقة للشعب والطبقة السياسية، وبالتالي هي تحاول توجيه خطابات للسيطرة على الجبهة الاجتماعية ومن ثم إخراج ورقتها في التهدئة.
ما هو موجود حاليا أن مخزون الصرف يتجاوز 900 مليار دولار، وبالتالي فسياسة شراء السلم الاجتماعي تستغلها السلطة فقط للحفاظ على الاستقرار وتهدئة الجبهة الاجتماعية، ولا أتوقع أن يتم توقيف مشاريع السكن ودعم المواد الاستهلاكية وزيادات في الضرائب والإنفاق العمومي.
أما ما يتم الترويج له بتصريحات سياسية مثل التقشف فهو للاستهلاك السياسي فقط.
 
أي دور ترونه للمعارضة خلال تشريعيات 2017 وما بعدها؟ 
 
في التشريعيات المقبلة ستقوم السلطة مثلما كان يحدث سابقا بتوزيع أرباح وحصص وكوطات، وإخراج برلمان فسيفساء مع أغلبية لصالحها.
كما أتوقع توسيع التحالف بين أحزاب الموالاة للسيطرة على البرلمان.
أما المعارضة فهي ضعيفة وهي معارضة مصالح فقط، وبالتالي فالوضع سيبقى قائما لسنوات قادمة.
 
سأله: يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن