دولي

فلسطين ... ديمقراطية لا يحميها القضاء

القلم الفلسطيني

 

 

 

أثار قرار محكمة العدل العليا الفلسطينيّة بشأن الانتخابات المحليّة وتأجيلها الى أجل غير مسمّى حفيظة رجال القانون والسياسة ، فهذه الانتخابات الاولى التي تجري في الضفة وغزة منذ العام 2006 بالتزامن اي ما بعد حالة الانقسام منتصف حزيران 2007 ، لم يكن غريباً لديّ هذا الأمر وقد كتبت سابقاً بأن الظرف السياسي لا يسمح بإجراء الانتخابات، وازاء هذا القرار لا بد من تسطير الملاحظات التالية:

- أولاً : اتسمت عبارات هذا الحكم بالعمومية فقد جاء الحكم بعبارات فضفاضة على خلاف اصول صياغة الاحكام القضائية التي يجب ان تتسم بالدقة والوضوح وتنتفي عنها الجهالة واحتمال التأويل على اكثر من وجه، فقد جاءت بعض العبارات " خلال ما يدور حاليا في الضفة الغربية وغزة " " وحرمان القدس وضواحيها " وحول قانونية القرارات التي ستصدر حول الاعتراضات في غزة " " حفاظاً على السلم الأهلي والمصلحة العامة " ،فلم يجرِ بيان هذا الظروف التي ذكرتها المحكمة، وحوى القرار خطأً بخصوص استثناء ضواحي القدس وهي ابو ديس والعيزرية وبعض القرى وهي الضواحي التي ستجري بها الانتخابات. 

ثانياً : مسألة التأجيل بسبب عدم اجراء الانتخابات في القدس : - لم يسبق ان جرى اعلان اجراء الانتخابات في مدينة القدس وذلك لسببين احدهما ماديّ وهو الظرف القاهر وجود الاحتلال الذي يحول دون اجراء الانتخابات، واخر قانونيّ وهو ان القدس ينظم " أمانة العاصمة " وهو قانون صدر عام 1964 ، واشارت اليه المادة 69 من قانون انتخاب الهيئات المحلية رقم 10 لسنة 2005 بنصها على انه يجري اختيار اعضاء امانة القدس ، فالقانون اعترف صراحةً ان القدس لا تجري فيها انتخابات لعدم وجود هيئة حكم محليّ فيها وانما وجود امانة ، وكذلك لان هناك الية لاختيارهم لا تخضع لقانون انتخابات الهيئات المحليّة ، وتجدر الاشارة الى ان الامانة تخضع لمنظمة التحرير وليس للسلطة الوطنية بالتالي لا تملك السلطة الدعوة لإجراء الانتخابات بها وانما يقوم رئيس منظمة التحرير بتعيين اعضاءها كان اخرها المرسوم الصادر في 2/1/2012 رقم 2 لسنة 2012 بشأن تشكيل أمانة العاصمة. 

ثالثاً : قرار المحكمة يساهم في تعميق حالة الانقسام :- وهذا يتضح من خلال النصّ " بما ان هناك مناطق لا تخضع للاعتراف القضائي " وهذا يشكل خطورة فعليّة ذلك ان تلك المحاكم تباشر عملها وتصدر احكامها على نحوٍ يترتّب معه مراكز قانونيّة للمتقاضين امامها ، والتي من ضمنها اشخاص لهم موطن رئيس في الضفة الغربيّة ، وهذا سيجعل هذه الاحكام في مهب الريح وما سيؤثر على مراكز قانونيّة استقرت على مدار سنين عشرة قد خلت . والأهم من ذلك ألم يكن مجلس الوزراء عندما أصدر قراره بان الوضع القانونيّ لمحاكم غزّة لا ينسجم واحكام القانون، وان القضاة هناك يتقاضون رواتبهم من حكومة الوفاق الوطنيّ!

رابعاً: مخالفة نصوص القانون من حيث جواز تجزئة اجراء الانتخابات: -وهذا على فرض صحة ما ورد في البند السابق بشأن غزة فقد نص القانون صراحةً على في المادة الثانية المعدلة من القرار بقانون رقم (8) لسنة 2012م بشأن تعديل قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005م المعدل بالقانون رقم (12) لسنة 2005 م  " تجري الانتخابات في جميع مجالس الهيئات المحلية في يوم واحد كل أربع سنوات بقرار يصدر عن مجلس الوزراء. في حال تعذر إجراء انتخابات المجالس وفقاً للفقرة (1)، يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار بإجراء الانتخابات على مراحل وفق ما تفتضيه المصلحة العامة." وحيث ان الانتخابات التي جرت في العام 2012 قد اجريت بناءً على هذا النصّ ولم تتمسك به لجنة الانتخابات فهذا يشير صراحةً الى ان المحكمة لم تكن موفقة في الغاء اجراء الانتخابات ككل في الضفة وغزة انما كان بإمكانها وقف اجراء الانتخابات في المنطقة التي لا تحوز محاكمها الوضع القانونيّ دون الضفة الغربية لان ذلك مساساً بحق المواطن في حقه باختيار ممثليه. 

تجدر الاشارة اخيراً الى ان القرار محل التعليق من الممكن الغائه وهو قرار مؤقت الا انه سيؤدي الى شلل العمليّة الانتخابيّة حتى ذلك الحين، وكما تجدر الاشارة الى ان هذا التعليق هو محل رأي سياسيّ في غالبه، ومعه يرى المواطن الفلسطينيّ ان القضاء لا يحمي الديمقراطيّة.

محمد سقف 

من نفس القسم دولي