الوطن

الجزائريون يعانون شللا نفسيا بسبب الفايسبوك

تحول لمكان عزلة للكثير من الشباب والمراهقين

 

تصاعدت أهمية شبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر السنوات الأخيرة بطريقة فرضت فيها هذه المواقع نمط عيش للجزائريين مخالفا تماما لذلك الذي نشا عليه أجيال من قبل، فتغيرت اهتمامات شرائح عديدة من المجتمع 180 درجة وأصبح أفراد الأسرة يرتبطون بعوالم افتراضية أكثر من ارتباطهم بالأسرة في حد ذاتها هربا من واقع اجتماعي اقتصادي مزري بالنسبة للكثريين وقد تحول "فايسبوك" و"يوتوب" وتويتر السنوات الأخيرة إلى مكان عزلة للكثير من الشباب والمراهقين وأدمانا حقيقيا يخفي وراءه في أغلب الأحيان مشاكل نفسية ومرضية تظهر من خلال الأفكار والقضايا التي باتت تصنع الحدث في هذه المواقع والتي تصنف 90 بالمائة منها في خانة القضايا التافهة والتي لا تخدم لا الفرد ولا المجتمع.

يقدر عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر بالملايين، يسيرون أغلبهم بخطي سريعة نحو الإدمان على هذه المواقع على راسها "فايسبوك" و "يوتوب" وبصفة اقل "إنستغرام" و"تويتر"، ولعل حجب مواقع التواصل الاجتماعي خلال امتحان شهادة البكالوريا جوان الماضي كان كافي لكشف مدي تعلق شريحة كبيرة من الجزائريين بهذه العوالم والفضاءات الافتراضية أين لجأ أغلب مستعلمي الفايسبوك، إلى خدمات «البروكسي» وحيل أخرى، من أجل تغيير عناوين حواسيبهم وجعلها في بلدان أخرى، فقط للتمكن من الولوج إلى شبكات التواصل، وهو ما دفع العديد من الخبراء والمختصين لتفسير الوضع بانه تعدي استعمال يومي لمواقع تواصل اجتماعي ليتحول إلى تعلق مرضي من طرف فئات عديدة من المجتمع على راسها فئة المراهقين والشباب مؤكدين أن هذا الإدمان يخفي وراءه في أغلب الأحيان مشاكل أخرى كاضطرابات القلق والنوم، فضلا عن حالات الاكتئاب والخوف المرضي من العالم الخارجي، التي تؤدي بالشخص إلى الانطواء وتجنب الخروج من منزله. ولا يمكن انكار ان بأن "فيسبوك" يفتح مساحة "لا محدودة من الحرية" للشباب الجزائري، في ظل الإقصاء التي يواجهه في مختلف المجالات السياسية إلا أن الشباب الذي وجد في شبكات التواصل الاجتماعي ضالته من أجل التعبير عن أفكاره بعيداً عن الغلق والتقييد تحول لسجين داخل هذا الفضاء، حيث يشير المختصون أن مواقع التواصل الاجتماعي زادت من عزلة الكثير من الشباب وأصبحت عالمهم الوحيد لدرجة أنهم أصبحوا يشاركون بعضهم أغلبية لحظاتهم الشخصية، كما يتحول الأصدقاء الافتراضيون الذين يتعرفون عليهم من خلالها إلى أصحاب قرار عليهم وجزء من حياتهم، بالرغم من عدم تأكدهم من حقيقة هوياتهم أو مشاربهم الفكرية والثقافية، لتجنب عدد كبير منهم وضع أسماء حقيقية أو نشر معلومات صحيحة، فيما يغرق المدمنون عليها يوما بعد يوم، لحد استشارة أصدقاء «فايسبوك» في قرارات مهمة في حياتهم، كالزواج والطلاق، ويحذر كذلك الخبراء من خطر مواقع التواصل الاجتماعي على الجزائريين، وخصوصا «فايسبوك» باعتباره الموقع الأكثر استقطابا لمستعملي الانترنيت في الجزائر، حيث يمكن للمراهق أو الطفل استعمالها في غياب رقابة أسرية مباشرة عليه، ولا يستطيع الأولياء حسبهم، التكهن بالموقع الذي يلج إليه أو الأشخاص الذين يتواصل معهم عبر «فايسبوك»، ومن المحتمل أن يقوده الأمر إلى التطرف أو فساد الأخلاق، بسبب تأثير بعض الأفكار المتسربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يهدد الأمن الفكري للمجتمع ليتحول الفضاء الأزرق لمصدر للأمراض النفسية تزيد من ضغوطات شريحة كبيرة من الجزائريين.

 

س. زموش

من نفس القسم الوطن