الوطن

المدرسة الجزائرية بين أيديولوجية الوزراء ونداءات التحزيب

أمام استمرار التجاذب في كل دخول مدرسي بينهم

 

في كل دخول اجتماعي تثار معركة تراشق تهم بين مختلف التيارات السياسية والوزارة، وتستعمل كل الوسائل والأساليب في النيل من الآخر، ولعل موضوع الهوية هو أكثر مشجب تعلق عليه التهم ويكون أرضية النقاش بعلم، وفي كثير من الأحيان بدون علم ولا مرجعية قانونية مقنعة من أي طرف كان. وبالمقابل، فإن الوزارة وبالنظر إلى التجارب السابقة، لم تستفد من الموروث في تسيير القطاع ولم تستطع أن تتحرك وفق العقلية الجزائرية دون مصادمتها، وأن تحدث الإصلاح المطلوب وفق ما هو جار في دول العالم دون تخل عن ثوابت المجتمع وقيمه، ودون أيضا مجاراة تحزيب المدرسة ولا أدلجتها وفق قناعات وتوجهات المسؤولين على القطاع كما يحدث الآن.
ورغم أن المنظومة التربوية تستند في تشريعاتها على القانون رقم 08- 04 مؤرخ في 23 جانفي سنة 2008 والذي يتضمّن القانون التوجيهي للتربية الوطنية، وقد حدد هذا القانون وبشكل دقيق وواضح غايات التربية ومهام المدرسة، كما فصل المبادئ الأساسية للتربية على غرار إلزامية التعليم ومجانيته، بل معاقبة من يخل بهذا البند، إضافة إلى المادة 16 من هذا القانون التي تعتبر أن المدرسة هي الخلية الأساسية للمنظومة التربوية، وهي الفضاء الأفضل لإيصال المعارف والقيم، كما أنه يجب أن تكون المدرسة في منأى عن كل تأثير أو تلاعب ذي طابع أيديولوجي أو سياسي أو حزبي. كما منعت نفس المادة أي نشاط حزبي داخل مؤسسات التعليم العمومية والخاصة، وأن المخالفين معرضون لعقوبات إدارية دون الإخلال بالمتابعات القضائية.
إلا أن الواقع في كثير من الأحيان مخالف لهذا النص القانوني الواضح، بدءا من الوزير الذي يحاول دوما التأثير في المناهج والتسيير عبر أيديولوجيته وخريطة الطريق التي في بعض الأحيان لا تتماشى مع عناصر الهوية الوطنية الأساسية. وفي الفترة الأخيرة بدأ التغيير يمس المشرفين على القطاع نتيجة تحكم أغلبية وطنية التي ساهمت في صناعة توجه تربوي، كان من نتائجه مثل هذه المنظومة القانونية التي تتحكم في فلسفة المدرسة ومهامها، وما يجب أن تتبعه من تشريعات وقوانين وكل ما له صلة بالمنظومة التربوية. 
وبالمقابل أيضا، بعض التيارات الحزبية لم تدرك بعد خطورة تحزيب المدرسة سواء بخياراتهم السياسية أو بما يظنون أنه صواب ولكنه مخالف لما أنتجته النظريات التربوية العالمية دون المساس بالقيم والثوابت. ومثل هذا الخطاب والتوجه لا يقل ضررا عن الأول، ما يفرض في هذه المرحلة أهمية بل وجوب الإنصات إلى الكفاءات الوطنية وما أكثرها، وإخراج منظومتنا التربوية من تجاذبات الأدلة ونداءات التحزيب.
 
خالد. ش

من نفس القسم الوطن