دولي
تصريحات الرجوب وتجاوز الخطوط الحمراء
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 سبتمبر 2016
ليس غريبا على تخطي التيار العلماني الفلسطيني للخطوط الحمر على ساحة شعبنا الفلسطيني، فهو تيار غير متوازن يتأرجح ما بين هوى النفس والمصالح المادية المحسوسة والملموسة التي حرفت مسار الثورة إلى البحث عن الثروة، ولذلك وأمام هذا الهدف غير السوي بات العزف على مخاصمة الإسلام كدين وحضارة وثقافة سمفونية التيار العلماني الفلسطيني الذي استقبل بوجهه الحائط الأصم؛ فبات لا يرى سوى الظلام، لا بل نسي هذا التيار أن كيمياء الشعب الفلسطيني لا تستوعب بتاتا مخاصمة الإسلام والهمز واللمز به لأنه مكون أساسي في حضارة وثقافة ومقاومة هذا الشعب.
إن تصريحات اللواء جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لإحدى الفضائيات المصرية، والتي نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية كانت مثيرة للغضب والجدل كونه يهاجم الإسلام كدين وحضارة .. فهو يرفض بعنف أسلمة المجتمع الفلسطيني حيث قال بالنص: "لن نسمح للإسلام أن يحكم فلسطين " وفي جزء آخر من المقابلة قال : " نحن نرفض بعنف أسلمة المجتمع الفلسطيني"!!؟.
كان الأجدر بالرجوب أن يحصر خصومته مع حماس كتيار سياسي مقاوم ومنافس بحسب اعتبارات الرجوب وغيره، علما بأنها غير ذلك فهي مشروع تحرري إسلامي وطني الأصل أن يلتقي عليه الجميع. ولا يخاصم الإسلام دين الأجداد والآباء وعنوان الحضارة والتاريخ والأمجاد، وهذا يدفعنا لسؤال كانت تطرحه فتح دوما .. هل الإسلام محصور في حماس والإخوان؟ ألسنا مسلمين نصوم ونصلي مثلكم؟ هل الإسلام حكرا على التيارات الإسلامية؟ وحتى نشفي غليل فتح ونجيب على تساؤلاتها فنقول: إن من أبجديات الإسلام الالتزام به وعدم الانحراف عن أصوله وأديباته واحترام ثقافته وحضارته وليس نصب المنجنيقات لقصفه ونسفه ومعاداته .. ونقول لفتح هل تصريحات الرجوب حول الإسلام وعلاقته بفلسطين وقضيتها هو موقف فتح وفكرها وسياساتها .. أسئلة كثيرة وهامة ينبغي على حركة فتح الإجابة عليها.
والغريب في الأمر أن رجال السياسة على المستوى الدولي وعند معاركهم الانتخابية يذهبون إلى الكنس والمعابد ليبرهنوا لشعبهم أنهم جزء من دينهم وحضارتهم، لا بل يطلبون ود البابا والبطاركة والحاخامات .. وليس أدل على ذلك من حملة الرئيس بوش الابن التي أطلقها من إحدى الكنائس .. وكذلك الرئيس اوباما الذي قرأ بعض الأسفار من الإنجيل خلال كلمته في المهرجان الانتخابي المركزي في واشنطن .. وهذه دلالات لعدم مخاصمة دينهم رغم أنه يعلمون أنه مجموعة من الهرقطات المحرفة.
أليس من الأجدر بالرجوب أن يأخذ درسا من الزعيم العمالي الصهيوني ايهود باراك الذي بدأ حملته الانتخابية من ساحة حائط البراق المسمى لدى الصهاينة بالمبكى؛ حيث وضع بعض اللفائف والحجابات داخل ثقوب الحائط كجزء من الترانيم التوراتية التلمودية !! حتى ينال ثقة المتدينين .. فلم يفتح النار عليهم ولا على دينهم المحرف، وإنما تناغم معهم وقدم لتعاليمهم التوراتية الاحترام رغم أنه كان رأسا للتيار العلماني في "إسرائيل". إن الإيغال في العداء للإسلام فلسفة تورث الهزيمة وتحرف مسار الأمة وخاصة على صعيد قضاياها المصيرية كقضية الإسلام في فلسطين، ونحن عندما نؤكد على أن الإسلام مرتبط ارتباطا قويا بفلسطين، فإن ذلك من عمق القرآن بل يزيد القضية قوة وصلابة .. فالإسلام عندما يحكم فلسطين لن يطلب إذنا من أحد لأنه وعد من الله .. فالله سبحانه وتعالى يقول: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون"، فقد قال الإمام النسفي في تفسيره حول هذه الآية: ويقصد بالأرض هنا فلسطين المباركة .. واعتقد جازما أن هؤلاء الصالحين لن يكونوا علمانيين!!!، ولله در الشاعر عندما قال: أمة العرب بخير طالما هي في إسلامها لم تُنكبِ.
د. نزار رمضان