الوطن

دولة القانون تنخر في الصياغة وحق المعارضة في الإخطار الدستوري محل امتحان !!

بعد استدراكات المجلس الدستوري على القوانين العضوية

اكتفى المجلس الدستوري بعد إخطاره بخصوص دستورية ثلاثة قوانين عضوية، ممثلة في القانونين العضويين المتعلقين بنظام الانتخابات والهيئة العليا لمراقبة الانتخابات والقانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، بمجرد تسجيل 15 استدراكا في التأشيرات والإحالات وأصدر رأيه بشأنها مع نصوص القانونين. وكل هذه الاستدراكات تناولت عيوبا شكلية وموضوعية في القوانين، استعمل المجلس الدستوري حقه الدستوري والقانوني في إعادة صياغتها وإزالة العيوب الموجودة فيه، وبالتالي لا يمكن القول بأن هذه المراجعات كما زعمت بعض الأحزاب من قبل أنها تمس بدستورية القانونين.

ومهما يمكن أن يقال بدءا من عدم جاهزية الإدارة المكلفة بإعداد القوانين والتي أصبحت ترتكب مثل هذه الأخطاء المتكررة أو حتى وسائل نشر القوانين، على غرار ما حدث في الجريدة الرسمية في نشر دستور البلاد، ورغم شكلية الأخطاء إلا أنها أصبحت تمثل حالة مزعجة ومقلقة، وربما بسبب تغييب الكفاءات القانونية التي كانت تشرف على هكذا قوانين من جهة، وعدم الحرص على تأهيل الجيل الجديد بالدقة والمسؤولية المطلوبة في هكذا وظائف.

الأمر الأخر المهم هو أن المجلس الدستوري قد يكون بهذه الاستدراكات يبدأ مرحلة جديدة، خاصة أن الدستور الجديد الذي كرس حالات الإخطار من طرف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو الوزير الأول، كما يمكن إخطاره من خمسين نائبا أو ثلاثين عضوا في مجلس الأمة، بما يمكن المعارضة الممثلة في البرلمان من ممارسة ما تراه أنه غير دستوري في القوانين العضوية التي تعتبر أساس الإصلاحات السياسية في هذه المرحلة، خاصة أن المعارضة تحوز على أكثر من هذا الرقم على مستوى الغرفة الأولى، وهو ما يمكنها من نقل الجدل السياسي من أروقة الإعلام إلى فضاء الرقابة الدستورية، وهو في حد ذاته تطور في الممارسة السياسية في البلاد.

الأمر الأساس أن مجرد خروج المجلس الدستوري بهذه الاستدراكات يعني أنه يمكن أن يكون له دور مستقبلي في عدة قضايا لا تزال محل تجاذب سياسي وإعلامي، وهو الامتحان الحقيقي لوظيفة هذه المؤسسة المحورية والمركزية في دولة القانون.

الأمر الأخير هو أن تكرار هذه الأخطاء حتى وإن كانت شكلية يعيد طرح قضية قبلية الاستشارة الدستورية والمصادقة البعدية من المجلس الدستوري حتى لا نزيد من التشويش على هيبة الدولة من جهة، وقداسة القوانين بمفهوم الاحترام وعدم التقليل من شأنها بممارسات غير محسوبة أحيانا، والتجرؤ على القانون سبب في هشاشة الدولة وذهاب سطوتها على المجتمع وبين الدول.

 

من نفس القسم الوطن