الوطن

الخطاب الرسمي بين التهرب من المسؤولية والشراكة في النجاح والإخفاق

حمل الطبقة السياسية ما تفرزه الاستحقاقات القادمة

لم يستغرب تردد تحميل المسؤولية للأحزاب والطبقة السياسية في خطابات افتتاح الدورة الأخيرة من العهدة السابعة للبرلمان من طرف المسؤولين الكبار في الدولة، على غرار سلال وبن صالح وحتى ولد خليفة، في الوقت الذي انتظرنا خطاب تحمل مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمعارضة، خاصة بعد قوانين الإصلاح السياسي الذي جاءت به الحكومة ورفضت جزءا منه وتحفظت على بعضه أغلب أحزاب المعارضة.

إن التهرب من المسؤولية في بداية مرحلة حساسة من أطراف هي من شرع القوانين ومن كتبها وهي من تولى إدارة الحكم خلال حكومات متعاقبة، ثم لم تأت مرحلة التتويج والتقييم بشأن مدى قبول المواطنين لما أنجز، يتنصل بهذا الشكل حتى وإن على مستوى الخطاب، لا يمكن لكذا أسلوب أن يقنع أحدا من الداخل أو الخارج، خاصة أمام واقع سياسي تميز خلال عقود من الزمن بأزمة تمثيل سياسي حقيقية، بسبب العزوف الشعبي واليأس من الفعل السياسي وإمكانية إحداث تغيير في طريقة الحكم أو البرامج والسياسات التي تطبق في بلادنا.

إن الحكومة كالمجالس الوطنية تعرف جيدا أن المشاركة الشعبية أساسها الأول مدى قدرة هؤلاء على تعبئة الشعب وإقناعه بسلامة الأدوات القانونية في تنظيم العملية الانتخابية من جهة، كما أن الخطاب السياسي الرسمي هو من يساهم بشكل أكبر في بناء الثقة بين المواطن والدولة ومؤسساتها المختلفة، وعليه فالذي يتحمل نسبة المشاركة الشعبية في الاستحقاقات القادمة هو نظام الحكم قبل المعارضة والطبقة السياسية. وما لم تترجم هذه القناعة في الخطاب والمواقف السياسية، فهذا يعني أن البلد لا تزال معرضة للمغامرات وإمكانية استثمار الخطاب الراديكالي والمتطرف في الأوساط الشعبية المختلفة.

الطبقة السياسية أيضا مطالبة بالمسؤولية الوطنية لا أن تبقى ضمن مربع الإدانة وانتقاد الخطاب الرسمي وتحميل المسؤولية للحكومة فقط، بل عليها مسؤولية التخندق مع الشعب وتكرار المحاولة من أجل إبقاء أمل التغيير السلمي، وفي نفس الوقت تثمين المنجزات المحققة سواء على المستوى القانوني أو على مستوى الوعي الشعبي الذي أصبح العلامة الفارقة في مجتمعنا.

إن الوعي الشعبي يمكن أن يفرز في الفترات القادمة خيارا ثالثا لا تقوى عليه الحكومة ويتجاوز المعارضة، وربما تكون تكلفته أكبر من الجميع، نتيجة ما يحدث إقليميا ودوليا من تحولات لا يجب أن تبقى الجزائر بعيدة عنها، وهو ما يفرض أهمية تشكيل خطاب تشاركي يتحمل فيه الجميع إنجاح والإخفاق، وهو الأقرب إلى المفاهيم الشعبية، بل أنه مقدر ومحترم ومجند في نفس الوقت، مقلل من المخاطر المحدقة بالبلاد والتهديدات التي تتنازعها.

الحكومة والمسؤولون السياسيون مطالبون بالتقرب إلى ما يدعوهم الشعب إليه وهو ساحة المتفق عليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وبالدرجة الأكبر أمنيا، وكل هذا ليس صعبا بل بإمكان الجميع أن يدمجه في برامجه وخطاباته ومواقف، ما سيسهل الاستحقاقات القادمة ويكون النجاح للجميع دولة وشعبا، حكما ومعارضة.

 

حزب العمال: على الحكومة التهجم على المتهربين من الضرائب وليس النواب

وفي السياق، قال نائب حزب العمال، رمضان تعزيبت، في تصريح مع "الرائد"، إن "الدخول الاجتماعي تميز بالتهجمات على المكاسب العامة ونتائج قانون المالية لسنة 2016 واضحة حاليا ويعيشها المواطن يوميا"، ما يجعل، حسبه، "كل الوقائع تكذب ما قالته الحكومة في سنة 2016 وحاليا قبل تمرير قانون المالية لسنة 2017"، مضيفا "الحكومة ليست لديها الشجاعة في العمل على إجبار رجال الأعمال المتهربين من دفع الضرائب على تحصيلها رغم أنها مبالغ ضخمة، وبالمقابل تتهجم على القدرة الشرائية للمواطن البسيط والتقاعد وقانون العمل المرتقب تمريره على البرلمان خلال هذه الدورة ويتم تحضيره بخفاء". هذه الحكومة يضيف تعزيبت "كان عليها أن تتخذ خطاب التعقل وليس النواب والمعارضة، وهي حاليا تمارس خطابات جوفاء تضرب استقرار الجبهة الاجتماعية". 

 

التكتل الأخضر: هذا استفزاز للمواطن وليس للنواب

من جهته، اعتبر نائب التكتل الأخضر، يوسف خبابة، تصريحات رئيسي غرفتي البرلمان والوزير الأول بمثابة "استفزاز للمواطن" لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي "يدفعه المواطن البسيط والحالة المالية للبلاد في تدهور كبير". وقال خبابة "نحن لا نسود الوضع بل نقول للمواطن ما تخفيه الحكومة بكلامها الاستهلاكي"، مضيفا "على الحكومة تحمل ما هو قادم وليس تحميل المواطن تبعات ما قامت به من إجراءات في قانون المالية لسنة 2016 وحاليا مع قانون المالية المرتقب". وقال النائب "من المفروض أن بلدا مثل الجزائر بإمكانياته لا تكون القدرة الشرائية للمواطن في خطر ويتحمل تبعات إخفاقات الحكومة".

وذكر خبابة، في تصريح ليومية "الرائد"، أن "تصريح سلال لأحزاب المعارضة أن تكون في المستوى خلال الانتخابات المقبلة منافية للواقع، لأن الشعب هو من يضع أي حزب في المستوى في ظل انتخابات حرة ونزيهة"، وأضاف "هم يريدون أمرا آخر من وراء القوانين التي مرروها على البرلمان مؤخرا بطريقة سريعة وغامضة".

 

الأفلان يدعو المعارضة للنقاش بعيدا عن التسويد والاتهامات

على النقيض من ذلك، اعتبر نائب الأفلان، السعيد لخضاري،أ، تصريحات ولد خليفة وبن صالح وسلال "جاءت في وقتها" وهي رسالة واضحة لنواب المعارضة للاهتمام بالقضايا الجوهرية والابتعاد عن "الخطابات السياسية غير الواقعية". وقال النائب لخضاري إن "الدورة العادية للبرلمان التي تأتي أشهرا قليلة قبيل التشريعيات ستجعل من نواب المعارضة ينتقدون ويشككون في عمل الحكومة، خاصة قانون المالية لسنة 2017"، مضيفا "الجزائر في وضعية صعبة، والحكومة اتخذت إجراءات في قانون المالية لسنة 2016 ما سمح بتخفيف الضغط مع التصويت على الدستور وقانون الاستثمار، وهو ما جعل الأمور تتجه نحو التحسن". وذكر نائب رئيس المجلس الوطني أن "المعارضة متناقشة مع نفسها فهي تنتقد غياب الاستثمار وفي الوقت نفسه تتخوف من اعتماد نموذج اقتصادي جديد مبني على الانفتاح ودعم الاستثمار".

وعاد النائب لخضاري إلى تصريحات سلال معتبرا إياها "منطقية وجادة لأنها جاءت في صالح المواطن عبر رفع الدخل القومي الخام والإبقاء على الطابع الاجتماعي للدولة وتحسين الوضع الاقتصادي تدريجيا، وكذا عدم المساس بالقدرة الشرائية للمواطن ومواصلة الدعم للمواد الاستهلاكية وبناء المستشفيات وغيرها"، معتبرا ذلك بمثابة "رسالة للمعارضة للانخراط في النقاش حول المسائل الجوهرية التي تهم المواطن والابتعاد عن التسويد والاستغلال السياسي للوضع الصعب للاقتصاد".

وبعيدا عن قراءات السياسيين، اتجهت قراءات إعلامية إلى اعتبار تصريحات ولد خليفة وبن صالح وسلال "تحالفا بين السلطة التنفيذية والتشريعية" قد يجعل من العمل النيابي بعيدا عن مبادئه الدستورية في الرقابة والتشريع. وذكرت القراءات أن "الدستور الجديد جاء ليكرس مبدأ الفصل بين السلطات، إلا أنه واقعيا هناك انصهار للهيئة التشريعية في الجهاز التنفيذي وتبعية مطلقة".

خالد. ش/ يونس. ش

من نفس القسم الوطن