الوطن

التغييرات المرتقبة خيار الحكومة الأوحد في التهدئة الاجتماعية

أمام تهديدات النقابات وتحذيرات الأحزاب

أمام استمرار التحذيرات المتتالية من مختلف الشركاء الاجتماعيين والطبقة السياسية حول خطورة الوضع الاجتماعي وسخونة الدخول الاجتماعي، خاصة أمام جملة القرارات والقوانين المصادق عليها، على غرار قانون التقاعد، وعدم القدرة المالية للبلاد لإمكانية الاستجابة لمختلف المطالب الاجتماعية للنقابات، وعدم وجود أفق واضح يمكنه أن يساهم في التهدئة الاجتماعية، ورغم أن المعارضة تصر على فشل السياسات المتبعة من الحكومة وتعبر عن انزعاجها لعدم مواكبة الأزمة المالية التي تعرفها البلاد بحوار حقيقي يعالج السياسات المتبعة وليس محاولة تحميل الأشخاص تبعات أزمة لم يساهموا في إيجادها، فإن الموالاة تتمسك بدورها في مرافقة الحكومة في كل الإجراءات المتخذة وتزايد على الآخرين في تحكمها في الواقع الشعبي وأن تتصدر لمهمة التقليل من المخاطر المحتملة.

يأتي هذا الدخول الاجتماعي أمام تسريبات متتالية بتغييرات في الأشخاص من أجل كسب ثقة المواطن من جهة، والبحث عن إمكانيات نجاح في تسيير ملفات أصبحت تثقل كاهل الدولة، على غرار التنمية المحلية. وأصبح في كل فترة اللجوء إلى تغيير الولاة كأحد أساليب الحل، ولهذا تدرج الحكومة حركة التغيير على مستوى الولاة المرتقبة ضمن مسعى شامل مرتكز على أن التغيير هو رسالة تفهم لهموم المواطن من جهة، واستجابة لبعض المنتخبين من جهة ثانية، كما يدرج ضمن سياسة التشبيب التي تدفع بالإطارات الشابة القادرة على مواجهة الغضب الشعبي والاحتجاجات التي أصبحت طاغية على المشهد العام في البلاد.

دون أن ننسى أن هذه التغييرات المرتقبة أيضا تستوعب تقارير الجماعات المحلية التي سجلت عجزا واضحا لدى بعض الولاة في تسيير مختلف القطاعات.

ولا يستبعد أيضا أن يحدث الرئيس التغيير الحكومي الأوسع من الذي حدث في الأشهر القريبة الماضية، على أن يتضمن في بنوده مقترحات لسياسات قطاعية جديدة، ويمس الوزارات التي تعرف تململا ورفضا وعدم قبول بأداء الوزير، على غرار التربية على سبيل المثال. كما أن السلطة بحاجة إلى شخصيات شعبوية أكثر تحسن الأداء في الاتصال والتواصل وتتوفر على الحد الأدنى من الكفاءة لإدارة الملفات الأكثر إحراجا في المرحلة الحالية.

ويبقى التساؤل الأكثر إلحاحا هو متى تخرج الحكومة من دائرة التجاوب مع الضغوطات الآنية إلى فضاء المعالجة الشاملة والاستراتيجية، خاصة في الجانب الاقتصادي والمالي. كما أن الواقع أصبح يفرض أهمية النقاش في السياسات المتبعة منذ عقود من الزمن، وأثبتت التجارب فشلها، وأصبحت إمكانيات الدولة لا تستطيع مواجهاتها. فالسلم الاجتماعي لا يتحقق الآن إلا عبر الشفافية الحقيقية والصدق والقيادة القدوة، وهي معان مفتقدة في البعض ممن يسير شؤون الدولة.

تبقى أن التغييرات القادمة يمكنها أن تقنع بعض الإطارات النقابية التي ترى في المسؤول هو من يتحمل الأخطاء المرتكبة في قطاعه، وتكتفي بتحقيق هذا المطلب وتكتسب به شرعية لدى من تمثلهم، في حين يبقى الخطاب الحزبي غير راض مهما اتخذت الحكومة من إجراءات، وهي طريقة الممارسة الحزبية عموما في بلادنا وخارجها.

خالد. ش

من نفس القسم الوطن