دولي

الانتخابات بين الترحيب والترهيب

**القلم الفلسطيني

من الذي يجب أن يخشى الانتخابات ونتائجها؛ من يسيطر على 390 بلدية ومجلس محلي، أم من يسيطر على 25 بلدية ومجلس محلي؟، من قرر الانتخابات وحدد لها موعدا منفردا دون تشاور مع بقية مكونات الشعب الفلسطيني المحاصر منذ عشر سنوات، أم من يعيش في انفتاح على العالم ويتلقى الدعم المالي؟ أم من تصدي لثلاثة اعتداءات صهيونية أتت على الأخضر واليابس، أم من ينسق مع الصهاينة ويتعاون معهم؟ ما يجري في الضفة الغربية من تهديد وترهيب نتيجة حالة الخوف والهلع من عدم الفوز أو تحقيق نتائج ليست كما يُخطط لها لتكون على غير إرادة الشعب الفلسطيني؛ يجعلنا نعقد مقارنة سريعة بين غزة التي رحبت وعملت بجد، وتسير فيها الأمور كما يحب كل غيور على الوطن والإنسان من حرية متاحة للجميع بالاجتماع والاختيار والترشح وتقديم القوائم دون خوف أو وجل، من تهديد بالحبس، أو إطلاق النار، أو الاعتداء على الممتلكات الخاصة، والكل يعمل كيفما شاء ويلتقي بقواعده التنظيمية دون أي معوقات أمنية أو سياسية أو قانونية.

الصورة في الضفة واضحة للجميع، وأكثر الناس خوفا من يملك القرار والمال والسلطة، فمنذ الأيام الأولى للإعلان عن نية الحكومة بمرسوم رئاسي إجراء الانتخابات البلدية في الضفة وغزة؛ والأيدي على القلوب، الجميع وقف وكأن على رأسه الطير، وينتظر ماذا ستقول حماس، هل ستدخل في الانتخابات أو ستقاطع؟ وما أن أعلنت حماس عن موافقتها على المشاركة حتى انقلبت الوجوه وانقسمت القلوب، وخرج المتخوفون والرافضون أن تكون الانتخابات عرسا وطنيا للشعب الفلسطيني يستعيد فيها الشعب الفلسطيني لحظة حرية واحتراما للذات وتقريرا للإرادة وتعبيرا عن حرية الاختيار، فكانت المطالبة بالتأجيل، وهناك من قال إن موافقة حماس انتهازية، وقدمت الطلبات إلى صاحب القرار بأن عشيرته وقبيلته غير جاهزة وتعاني من صراع، ثم كانت تحذيرات الاحتلال الصهيوني وتخويفه لصاحب القرار وجوقته من نتائج الانتخابات، ثم دخل على الخط الإقليم والجوار ناصحا لعباس بالتراجع عن قرار الانتخابات والالتفات إلى وحدة الصف الداخلي، ثم تدخل أممي ودولي بضرورة وحدة حركة فتح قبل الانتخابات وتحذير من فوز لحماس فيها، ما هذا الاهتمام بانتخابات محلية، وما هذا الخوف من فوز حماس؟، وكأن النتائج لديهم محسومة، وهل هذا الاهتمام هو خوف على الشعب الفلسطيني وقضيته أم هو خوف على (إسرائيل) من نجاح خيار المقاومة الذي تمثله حماس ومن معها من قوى؟ وهذا التخوف هو إدراك بأن خيار المقاومة هو خيار الشعب الفلسطيني.

قد تنجح حركة فتح بالفوز بالانتخابات المحلية تحت تهديد السلاح والترهيب الذي أجبر على انسحاب قوائم ومرشحين من قوام حتى خلا لفتح الجو لإعلان الفوز بالتزكية بعد انسحاب المرشحين في المناطق التي أعلن الفوز فيها بالتزكية. لم تكتف فتح بكل ذلك بل دفعت نقابة المحامين في الضفة التي تسيطر عليها بإصدار بيانها الذي يشكك في شرعية المحاكم والقضاء في قطاع غزة، ثم تلك الدعوة المرفوعة في محكمة العدل لنزع الشرعية عن الوضع الإداري في قطاع غزة، خطوات مدروسة ومتتابعة تهدف إلى إلغاء الانتخابات أو تفريغها من مضمونها، وما جرى في نابلس لم يكن بالصدفة حتى وإن سقط ضحايا وأريقت الدماء لأن أصحاب القرار (ميكافيليين) يسيرون على مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة).

والسؤال أين اللجنة العليا للانتخابات لتقول القول الفصل؟ أًين القوى والفصائل مما يجري من ترهيب وتخويف وتهديد؟، وأين ميثاق الشرف؟ ولماذا هذا الصمت رغم أنهم مصابون مما أصاب غيرهم؟، وأختم ماذا لو كل هذا الذي يجري في الضفة جرى عُشره في قطاع غزة ؟، ماذا عندها يمكن أن يقول الصامتون؟.

مصطفى الصواف

من نفس القسم دولي