الوطن

الأحزاب تواجه الدخول الاجتماعي ببرامج فاترة

عين على التشريعيات وأخرى على إعادة ترتيب الواجهة

لم تكشف أي تشكيلة حزبية، إلى حد الساعة، عن برنامجها الحقيقي مع الدخول الاجتماعي المرتقب خلال أيام. وتحاول أحزاب المعارضة (على غرار طلائع الحريات، حمس، الأفافاس) تركيز توقعاتها على مستجدات الساحة السياسية وما يحدث في أعلى هرم السلطة، من أجل تحديد خياراتها المستقبلية، إلا أن قيادات في هذه الأحزاب "لا تخفي قلقها من غياب أي برنامج يكون بديلا لما تأتي به الحكومة وبقاء المعارضة مجرد صدى لما يحدث في الساحة الوطنية"، في حين يراهن الأفلان والأرندي على التشريعيات المقبلة لاحتكار الهيئة التشريعية والتنفيذية.

ففي أحزاب المعارضة، يواصل حزب طلائع الحريات، برئاسة علي بن فليس، تنظيم وهيكلة الحزب في الولايات والبلديات المتواجد فيها، وأبرز المكلف بالإعلام، أحمد عظيمي، أن "الحزب انتهى من هيكلة 400 بلدية من مجموع 1300 بلدية متواجد فيها"، معتبرا أن "عمل الحزب حاليا منصب على الهيكلة والتحضير لمستجدات الساحة الوطنية مع الدخول الاجتماعي". وأضاف عظيمي أن "رئيس الحزب علي بن فليس يحضر لمباشرة برنامجه شهر سبتمبر الداخل بزيارة إلى العديد من الولايات، في انتظار عقد اللجنة المركزية ومناقشة قرار المشاركة في التشريعيات من عدهما".

  سلطاني قد يجر "حمس" إلى صراع داخلي

أما حركة مجتمع السلم فأجلت الفصل في قرار المشاركة في التشريعيات أو المقاطعة إلى غاية شهر ديسمبر المقبل، مع انعقاد مجلس الشورى الوطني. وتعتبر "حمس" الأكثر نشاطا مقارنة بكل الأحزاب في الساحة الوطنية خلال الفترة الصيفية، من خلال عدة نشاطات بينها الجامعة الصيفية والخرجات الإعلامية والسياسية لرئيس الحركة والقياديين فيها. وفي الإطار، كشف القيادي نعمان لعور، في تصريح سابق ليومية "الرائد"، أن "حمس بصدد التحضير للاستحقاقات القادمة ومستجدات الساحة السياسية مباشرة مع الدخول الاجتماعي، سواء من خلال هيئة التشاور والمتابعة أو على مستوى هياكل الحزب". في حين صنع الرئيس السابق للحركة، أبو جرة سلطاني "الحدث" بعد انتقاده للقيادة الحالية ومحاولات تهميشه في الدفاع عن رأيه داخل أطر الحركة، وهو ما يشير إلى تغييرات مرتقبة في سياسة الحركة تجاه المشاركة في التشريعيات المقبلة وموقفها من تكتلات المعارضة (التنسيقية والتكتل والهيئة).

  "الأفافاس" متمسك بمبادرة "الإجماع الوطني"

أما جبهة القوى الاشتراكية والأرسيدي وحزب الفجر الجديد وحزب العمال والنهضة والإصلاح، فلا تزال تحركاتها تصب في خانة "التموقع في الساحة السياسية بعد التغييرات التي عرفتها في الآونة الأخيرة"، رغم أن الأفافاس أبدى تمسكه بمبادرة الإجماع الوطني من خلال إظهارها في احتفالات مؤتمر الصومام ببجاية، وانتقاد الحكومة في تسيير الأزمة الاقتصادية، في حين كشفت مصادر داخل هيئة التشاور والمتابعة أن "الأرسيدي دافع بقوة عن خيار المشاركة في التشريعيات المقبلة بعد أن قاطعها في عدة مناسبات". وأكد المصدر أن "خيارات الأرسيدي وحمس وطلائع الحريات تتجه إلى خيار المشاركة"، أما حزب العمال فغيابه عن النشاطات الميدانية "يستمر لأشهر متتالية".

وفي كل إطلالة للأمين العام للحزب، لويزة حنون، "لا تجد سوى الحكومة لانتقاد أدائها، وانتقاد وضع حقوق الإنسان وحرية التعبير"، أما حزبا النهضة والإصلاح فتتجه كل المؤشرات إلى خروجهما من التكتل الأخضر والبحث عن تكتلات جديدة لضمان التواجد في التشريعيات المقبلة، بعد شرط الحصول على نسبة 4 في المائة للمشاركة وفقا لقانون الانتخابات الجديد".

  ماذا يقول سعداني بعد صمت 4 أشهر !! 

في شق الموالاة، لا يزال غياب الأمين العام لحزب الأفلان، عمار سعداني، "يثير جدلا في الساحة السياسية والإعلامية"، ورغم أن قيادات الأفلان تحاول تبرير غياب سعداني منذ جوان الفارط بأنه متواجد في عطلته السنوية، إلا أن المؤشرات توحي بطبخة جديدة تحضر داخل الساحة الوطنية، وقد يكون صمت سعداني لمدة تفوق أربعة أشهر أبرز مؤشراتها، حسب كثير من القراءات.

وفي الإطار، قال حسين خلدون، المكلف بالإعلام في الأفلان، إن "غياب سعداني وحضوره دائما يثير الجدل لأنه رئيس أكبر حزب في الجزائر"، وأضاف "نحن حاليا بصدد التحضير لعقد اللجنة المركزية ومناقشة التشريعيات المقبلة مباشرة مع الدخول الاجتماعي"، في حين كشفت مصادر أن سعداني سيباشر مهامه باجتماعات مع نواب البرلمان قبل يوم واحد عن افتتاح الدورة العادية للبرلمان بغرفتيه التي تدوم 10 أشهر".

أما الأرندي، فكشف المكلف بالإعلام في الحزب، شهاب صديق، أن "أويحيى لايزال يمارس مهامه في الحزب يوميا وفي رئاسة الجمهورية ولم يستفد من عطلته". وقرأ ملاحظون ذلك على أن "أويحيى يعول على الدخول الاجتماعي المقبل لصناعة الفارق في الخرجات الإعلامية على حساب غريمه سعداني". أما بخصوص برنامج الأرندي مع الدخول الاجتماعي، فلا يزال التحفظ يسود ثاني أحزاب السلطة وطريقة تعامله مع حلفائه غير المباشرين.

  خروج غول وبن يونس من الحكومة كشف ضعف حزبيهما

وبخصوص أحزاب الموالاة من الصف الثاني على غرار "تاج" و"أمبيا" وغيرهما، فإن قيادات الأحزاب بعد خروجها من الحكومة واحدا تلو الآخر (آخرهم غول منذ ثلاثة أشهر) لا تزال متمسكة بأمل العودة إلى الحكومة من خلال التعديل الحكومي المرتقب مع الدخول الاجتماعي، وفق ما استقته "الرائد" من عدة مصادر حزبية، ولم تظهر هذه الأحزاب أي برنامج لها منذ رئاسيات 2014 واكتفت قياداتها بدعم برنامج رئيس الجمهورية، من خلال مشاركتها في الحكومة وفي خرجاتها الإعلامية، إلا أن حزب "تاج" يحاول "تنظيم قواعده لدخول التشريعيات" وفق ما كشفه المكلف بالإعلام في الحزب.

ما يحدث في أحزاب الساحة السياسية (معارضة وموالاة) منذ رئاسيات 2014، يبرز "مدى التململ في العمل السياسي القاعدي ودورها في التعبئة الشعبية ومساهمتها في حلحلة المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد". ولعل أبرز مؤشرات هذا التململ وضعف الأحزاب والغياب الكبير عن صناعة الرأي العام وتجنيده، هو "بداية تفكك تكتلات المعارضة (التنسيقية وهيئة التشاور) رغم حداثة نشأتها، وعدم اتفاق أحزاب الموالاة على تشكيل تحالف رئاسي والالتفاف حول مبادراتها المختلفة في دعم رئيس الجمهورية في عهدته الرابعة".

هذه المؤشرات تبرز بشكل واضح أن الساحة الوطنية مقبلة على "خارطة سياسية جديدة قد لا يكون لهذه الأحزاب المتواجدة في الساحة أي دور في الجهاز التنفيذي والهيئة التشريعية المقبلة"، حسب مراقبين.

يونس بن شلابي 

من نفس القسم الوطن