الوطن

أحزاب نافذة الصلاحية تترقب أدوارا جديدة

في انتظار هجرة جماعية لإطاراتها قبل الاستحقاقات القادمة

تمر أيام العطل على بعض السياسيين بكثير من الحسرة والتألم مما آلت إليه أوضاعهم، خاصة الأحزاب التي راهنت وتراهن على العلاقة بالسلطة على حساب أي مواقف ذات امتداد شعبي، بل بعض هذه الأحزاب جعل من كلمة دعم رئيس الجمهورية وبرنامجه أهم برنامج سياسي له. وأمام وجود حزب يترأسه الرئيس، أصبح من الصعب استمرار هذه الأحزاب في الساحة السياسية والخريطة السياسية المقبلة. والحديث هنا بشكل خاص عن أحزاب ثلاثة هي كل من الحركة الشعبية وتاج وحزب التحالف الوطني الجمهوري، والتي يترأسها كل من عمارة بن يونس وعمار غول وبلقاسم ساحلي. وقد شارك رؤساؤها في الحكومات المتعاقبة ووجدوا أنفسهم في آخر المطاف خارج اللعبة السياسية.

ولعل أهم أسباب تخلي السلطة عن هذه الأحزاب، عدم قدرتهم على التعبئة الشعبية في الوسط الذي اختيروا منه، فغول كانت له فرصة التوجه إلى التيار الإسلامي وإيجاد قاعدة في وسطه والتوسع داخله لا خارجه، ولا زالت أطراف كثيرة تعتبر أن القاعدة الانتخابية الأوسع في الجزائر هي للتيار الإسلامي، كما أن البناء الهيكلي للحزب أخذ شكل المناسبات والمهرجانات وابتعد عن التجذر داخل الأوساط الشعبية، ولعل العامل الأساس هو الطموح الزائد عند بعض شخصيات الحزب في التنافس على المناصب القيادية، إضافة إلى عدم الاستقرار داخل الحزب وبروز انشقاقات داخله عملت على نزع مصداقيته من داخل السلطة وليس من خارجها، وهو ما جعل الحزب في آخر المطاف يترهن لدى الصف الثالث من صناع القرار، على غرار عمار سعداني أو ربما أقل منه. كل هذه الأسباب تجعل الحزب في الفترة القادمة خارج حسابات السلطة، إلا إذا استطاع أن يقدم نفسه فيما تبقى من الزمن بشكل جديد وأعاد استيعاب الدرس وتخلى عن فكرة الخروج من الدائرة التي أوكلت له منذ البداية.

أما عمارة بن يونس فهو الآخر لم يستطع أن يقدم الكثير في منطقة القبائل، وبدل الاهتمام بها والتوجه إلى استيعاب أقل تقدير بعض رموز حزبه القديم الأرسيدي، ذهب يحتطب في ولايات ليست موكولة له، وعلى مستوى الخطاب والمواقف بدأ عمارة بن يونس يسيء للرئيس أكثر مما يحسن إليه، على غرار موضوع فتح بيع الخمور وغيرها من المواقف التي شجع من بعض المسؤولين حتى يلقى المصير الذي يشهده الآن، خاصة أن الرجل أصبح يطمح كثيرا في مناصب جد متقدمة وهو يدرك صعوبة أن ينالها، ومنافسته للبعض عجلت بالتضحية به، ولم ينجح الحزب في معظم المهام التي أسندت له. وبعد تعيين وزير الشباب والرياضة، أصبح وجود بن يونس مع ذهابه متساويين، وهو ما دفع للاستغناء عنه. وقد توكل مهمة استيعاب منطقة القبائل مستقبلا إلى الأفافاس بمواقف سياسية أكثر اعتدالا، ولكن الأهم هو أن لا تبقى المنطقة خارج دائرة المساهمة في الاختيارات والاستحقاقات الكبرى حتى ولو بالرفض أو الضدية.

أما الحزب الثالث فيجب التنبيه أنه منذ البداية كان وجوده تكريما للشخصية التاريخية الأولى في تأسيسه، رضا مالك، ولم يكن لاعتبارات أخرى. وواضح أن التوازنات في اتخاذ القرار والاختيارات قد تغيرت قليلا، وأصبحت الشخصيات التاريخية لا تزن ثقيلا فيها، وهو ما أدى إلى إبعاد الحزب وأمينه العام الذي لم يبرهن لا على كفاءة سياسية ولا قيمة مضافة للسلطة، وهو ما يجعل المراقبين يعتبرون أن هذه الأحزاب قد أدت ما عليها وقد يوعز لإطاراتها الهجرة الجماعية والبحث عن ملاذ آمن يمكنهم من الاستمرار من جهة، ويلبي ربما طموحات بعضهم في الاستحقاقات القادمة ليكونوا عامل توازن داخل كيانات حزبية جديدة من جهة أخرى.

خالد. ش

من نفس القسم الوطن