الوطن

مغالطات أمريكية لواقع مثبت دستوريا ومجتمعيا !!

مع غياب صوت بعض الأحزاب والجمعيات التي لا تغادر السفارات

تتعامل كتابة الدولة الأمريكية في تقاريرها حول حقوق الإنسان عموما وحرية المعتقد بشكل خاص، بكثير من عدم الإنصاف والتحيز، والاستجابة لضغوطات اللوبيات المتحكمة في القرار الأمريكي، ما أضعف قوتها وحجتها عند كثير من المنظمات الحقوقية، بما فيها الأمريكية منها، والتي أصبحت ترى في كتابة الدولة الأمريكية مجرد مكتب تسجيل لما يمليه عليها أصحاب المصالح الكبرى، خاصة في الدول النفطية أو ذات الموقع الجيوسياسي أو تلك التي لها امتدادات في السياسة الخارجية ومنفتحة على باقي القوى الدولية دون ارتباط كلي كما ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الدول النامية أو دول العالم الثالث.

فبرغم كل الإصلاحات التي جرت في الجزائر والتي كرسها النظام الدستوري من جهة، وأمنتها القوانين التي تنص على حق حرية المعتقد الذي كرسته المادة 42 من دستور 2016، بعد أن تكررت في كل دساتير الجزائر السابقة، إلا أن صياغة هذه المرة جاءت مختلفة حيث أكدت "على لا مساس بحُرمة حرية المعتقَد وحُرمة حرية الرأي وأن حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظل احترام القانون"، وكما هو واضح فإن المشرع تعمد التنصيص الدستوري الواضح رغبة في تعميق التسامح ودعم الحريات العامة وروح التضامن بين أبناء الشعب وحتى المقيمين فيه والمختلفين معه في الديانة أو المذهب.

وما يلاحظ في النص الجديد الدستوري هو "أن حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظل احترام القانون"، والعبادة كما هو معروف هي مجموعة الشعائر الدينية الخاصة بذلك الدين الذي اختاره الفرد، وهو نص جد متقدم في معنى الحرية والذي أصبحت الدول الغربية بحجة الإرهاب ومكافحته تحاربه وتضيق عليه، كما هو الحال بالنسبة لفرنسا، بل أن المرشح الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكي ترامب أغلب خطاباته لا تضيق على الدين فقط بل ذهب بعيدا حين طالب بإخراج المسلمين من الولايات المتحدة الأمريكية.

كل الدول الغربية تبحث عن حماية هوية بلدانهم، وهو ما يفسر توسع اليمين المتطرف صاحب الخطاب العنصري والمرفوع تداعياته على الدول الأوربية قبل غيرها، وهذا لم نجد له انتقاد من أي جهة غربية بما فيها كتابة الدولة الأمريكية، في حين أن التسامح وانتشار المعابد والمقابر ليس للأقلية فحسب، بل للمجموعات الدينية المندثرة في الجزائر، كان من المفروض أن تشيد به جميع المنظمات التي تهتم بهذا الجانب في العالم.

بالمقابل أيضا أن سكوت الأسقفية المسيحية بالجزائر عن هذه الادعاءات الأمريكية أمر مستغرب أمام الحريات والدعم الذي تتلقاه من الدولة الجزائرية والتسامح العام الموجود في الرأي العام الجزائري، كلها تستدعي التساؤل والحيرة، خاصة أن بعض الأساقفة كان لهم دوما دور متميز في الدفاع وتوضيح الصورة عما يحدث في الجزائر، خاصة في فترة الأزمات الكبرى، كما نسجل غفلة الأحزاب السياسية وبعض المنظمات المجتمعية، خاصة تلك التي لا تكاد تغادر مقرات السفارات الغربية إلا قليلا عن مثل هذه الانتقادات التي تطال المجتمع والدولة وتثير الشكوك حو لما يرتب لبلادنا ودولتنا.

سليمان شنين

من نفس القسم الوطن