دولي

بيانات الشجب والتنديد بالاستيطان. ما جدواها..؟!

القلم الفلسطيني

أخطر ما يتضمنه قرار سلطات الاحتلال ضم مستوطنة (معاليه أدوميم) لمدينة القدس، أولا، توسيع الرقعة الجغرافية لمنطقة القدس ضمن مخطط (متروبوليد - القدس الكبرى) الإسرائيلي، ثانياً، تقطع شمال الضفة الغربية المحتلة عن جنوبها ولا رابط أرضيًّا بينهما، فيصبح عملية تنقل الفلسطينيين من الشمال إلى الجنوب تحت رحمة المستوطنات والجانب الإسرائيلي.

المقدسي خليل التفكجي خبير الاستيطان ومدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، يوضح الخطورة من أن ضم (معاليه أدوميم) والكتلة الاستيطانية (جوش عتصيون) ومستوطنة (جيفعات زئيف) سيرفع عدد المستوطنين في شرق القدس المحتلة، ليصل إلى مائة ألف مستوطن، (حاليا 40 ألف مستوطن)، ويحول دون أي إمكانية لاستعادة "القدس الشرقية" كعاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه الحكومة الإسرائيلية وأذرعها الاستيطانية المختلفة القرارات، وتقوم بتنفيذ خطوات عملية على أرض الواقع على مرأى ومسمع العالم بأجمعه.. في هذا الوقت نرى الجانب الفلسطيني خاصة، والنظام الرسمي العربي ودول العالم الإسلامي يكتفي ببيانات الشجب والاستنكار الفارغة المضمون والتي لا تتوقف كاستمرار الاستيطان، وتعرف دولة الاحتلال بأنها لا تساوي الورق والحبر الذي كتبت عليه وفيه.

السلطة الفلسطينية اكتفت كالعادة بإصدار بيان تضمن عبارات الشجب والاستنكار والتحذير من مخاطر المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الجديد، وأكدت فيه أيضاً على أنها ستتصدى بالوسائل كافة لهذا المشروع الخطير، ولكنها لم تفصح عن هذه الوسائل التي باعتقادي لن تخرج عن اللجوء للمجتمع الدولي الذي لم يقدم حتى الآن على أي فعل جدي وعملي من أجل إرغام "إسرائيل" على الاستجابة لنداءات وقف الاستيطان والتغوّل الاستيطاني في الأراضي المحتلة.

الحكومة الأردنية، والتي تجد نفسها مضطرة أحيانا، ومرغمة أحيانا أخرى، دانت بأشد العبارات "التوحش الاستيطاني" في الأراضي الفلسطينية بما فيها "القدس الشرقية"، فيما غالبية الأنظمة العربية منكفئة على ذاتها ومشاكلها الداخلية ومشاريع قتل شعوبها، باتت ترى أن الوضع الفلسطيني لم يعد في أولويات أجندتها واهتماماتها.

باتت هناك صيغة عربية، وأخرى فلسطينية (السلطة ومرجعيتها السياسية منظمة التحرير الفلسطينية) جاهزة لإشهارها إعلاميا كلما اقتضت الحاجة للتنديد: بالسياسات الاستفزازية والمدانة، والتي تمثل ضربة قاسية لكل الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام والعودة لطاولة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مثلما تمثل تقويضًا ممنهجًا لعملية السلام في المنطقة، واستهتارًا بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وانتهاكًا صارخًا لحقوق الشعب الفلسطيني".

يذكر أن (إسرائيل) أعلنت خلال الأيام الماضية عن خطط لبناء 770 وحدة استيطانية في مستوطنة (جيلو) شمال غرب بيت لحم، و323 وحدة في مستوطنات شرق القدس المحتلة، بالإضافة لـ 42 وحدة استيطانية في مستوطنة (كريات أربع) في الخليل.

خلاصة المشهد يمكن إيجازه على النحو التالي؛ سلطات الاحتلال تتوسع في البناء الاستيطاني، وبالتالي ابتلاع الأراضي بالتدريج، المجتمع الدولي يكتفي ببيانات التعبير عن القلق، الأنظمة العربية بعضها غائب عن الواقع، والبعض الآخر كما في بياناته يتابع "بقلق بالغ النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية وتوسيع المستوطنات القائمة على حساب السكان الفلسطينيين (لاحظ تعبير السكان الفلسطينيين)، وأن الهدف النهائي لهذه السياسات الإسرائيلية المدانة والمرفوضة هو منع أي تسوية قادمة مع الفلسطينيين"، ولا شيء جديد في كلّ مرّة مع أن بيد كل من مصر والأردن أوراق ضغط هائلة إن أُحسن استخدامها ولو لمرة واحدة في الزمان والمكان، لكان ذلك كفيلا بردع (إسرائيل) وإيقافها عند حدّها وإلى الأبد.. وإلى الخميس المقبل.

 

جواد محمود مصطفى

 

من نفس القسم دولي