دولي
التشويش «الإسرائيلي»
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 08 أوت 2016
يبدو أننا أمام مرحلة جديدة من السياسة الصهيونية ترتبط بالجريمة، والجريمة ضد الإنسانية التي باتت لها ذراع أخرى إلى جانب قوات الاحتلال هي عصابات من المستوطنين إرهابية وعنصرية، وهذه السياسة تهدف إلى التشويش على هكذا جريمة وطمسها.
في19 يوليو/تموز صباحاً، بحسب إحدى القنوات الفضائية: «أصيب ثلاثة شبان فلسطينيين برصاص مستوطن «إسرائيلي» على مفترق «بيت عينون» شمال شرق محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية». وقال شهود كما نقلت القناة إن مستوطناً أطلق الرصاص باتجاه ثلاثة شبان على المفترق قبل أن يجري نقلهم بمركبات إسعاف «إسرائيلية» إلى جهة مجهولة، بينما أوضحت أن قوات «إسرائيلية» كبيرة انتشرت في محيط المنطقة دون معرفة هوية المصابين، كما ذكرت القناة الروسية.
مساء ذات اليوم، وبحسب ذات القناة: قالت القناة السابعة الـ«إسرائيلية» «إن الجيش ضبط كمية من السلاح تم تهريبها من الحدود الأردنية باتجاه الضفة الغربية».
لسنا بصدد الادّعاء الـ«إسرائيلي»، بل في توقيت إعلانه الذي أريد من خلاله صرف الأنظار باتجاه آخر عن واقعة ما حدث صباح ذات اليوم من جريمة.
ادعت «إسرائيل» أن جيشها ضبط أسلحة مهربة عبر الحدود الأردنية إلى الضفة الغربية، لنفترض أن ذلك حدث، أليس التهريب يخترق حدود دول صغيرة وكبيرة ويجتاز الرقابة بأسوار أجهزتها المتطورة؟!
المراد «إسرائيلياً» من وراء هذا الإعلان ليس قول الحقيقة، وإنما محاولة الضغط وابتزاز السلطة الفلسطينية والأردن لاستعادة حضور الأولوية الأمنية الـ«إسرائيلية» التي ضعفت ضجتها جراء المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال والعصابات الإرهابية المتطرفة من المستوطنين بما تحفل من جرائم وحشية على الفلسطينيين بصورة يومية.
لكن السؤال الآن: هل الهروب على هذه الشاكلة يمكن أن يغير الحقيقة؟
الإشكالية أن الصهاينة يمارسون سياسة مزدوجة، هم جهاراً نهاراً يشنون العدوان، ويقيمون ويرسخون الاحتلال وينشرون الاستيطان في الأراضي الفلسطينية من جهة، ومن جهة ثانية هم يوظفون شبكة إعلامية واسعة وكبيرة لنشر دعاية تقول إن «إسرائيل» مستهدفة في أمنها ووجودها.
لكن بين هذا وذاك ربما أن الإشارة إلى المستوطنين قد تجيب عن أسئلة عديدة:
معلوم أن «إسرائيل» وُجدت كحقيقة استعمارية صهيونية جراء موجة الهجرة التي شجعتها السياسة البريطانية بما عرف بوعد بلفور، وهؤلاء شكلوا العصابات الإرهابية الصهيونية، منها «الهاجاناه» التي حازت نصيب الأسد من جرائم إبادة الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم وتشريد الكثير منهم إلى الشتات.
لكن هذه العملية لم تبق معقودة على الجماعات الصهيونية؛ فقد جرت عملية استيراد أعداد غفيرة من اليهود في عالمنا بأسره، وتم ذلك بالإغراء والوعود، وساهمت دول عديدة في هذه العملية، ومن ذلك الدعم والمساعدة لبناء المستوطنات.
خلال العقود التي مرت على وجود «إسرائيل»، ظل استيراد اليهود مستمراً، لكن المستوطنين كانوا يواجهون أوضاعاً جديدة، ومن ذلك الانقسام فيما بينهم، حيث تُعطى أولوية الهجرة من أمريكا وأوروبا، وقد أدى ذلك إلى تداعيات داخل الكيان الـ«إسرائيلي» فاقم من فعاليتها حدة الأزمة المتفجرة وجوهرها القضية الفلسطينية.
عند هذه النقطة عادت الأحزاب اليمينية والصهيونية العنصرية إلى إحياء البدايات، وهذا يجري من خلال تحويل المستوطنين الذين كانوا من مشارب ثقافية مختلفة إلى جماعات صهيونية بعقيدة دينية إرهابية وثقافة عنصرية.
الأمور جرت، ومن ذلك أن السلطات كانت تحمي المستوطنين وهم يدنسون المقدسات الإسلامية والمسيحية، وهم حصلوا على تشجيع للاعتداء على الفلسطينيين وحقوقهم من أرض وسكن، وتطورت الأمور إلى إقدام المستوطنين على جرائم إحراق المعابد والمقدسات الدينية وتسميم المياه وحرق أسر بكاملها ومنها الأطفال.
من هذه الصورة يمكن القول إن المستوطنين الذين يستهدفون الفلسطينيين لم يتم التساؤل عن مصدر سلاحهم، لأنهم بالحقيقة يقومون بأعمالهم العدوانية بحماية قوات الاحتلال وهم مسلحون من مصادر الاحتلال ذاته.
السؤال: هل العودة الصهيونية إلى جرائم المستوطنين كما بدأت تأصيل لجريمة هذا الكيان؟ أم هي بداية النهاية التي لن يحجبها التشويش بالنتيجة؟