دولي

الانتخابات المحلية: مجالس كفاءات تقود نحو المصالحة

القلم الفلسطيني

 

يبدو أن القيادات السياسية الفلسطينية قد أدركت أخيرًا أنها لن تستطيع العمل في بلديات الوطن باستعمال الواجهات السياسية "المحروقة" أو الرموز الفاقعة ألوانها ولا شية فيها، وما ذلك إلا إفراز طبيعي لعقد كامل من الانقسام السياسي وعدم القدرة على التوافق، حتى مع تدخلات لدول إقليمية كبرى كمصر والسعودية، ودول صاعدة إقليميًّا كقطر.

كل ذلك جعل الفصيلين الكبيرين يتجهان في الانتخابات المحلية المزمع عقدها في الأسبوع الثاني من أكتوبر القادم إلى الحديث بكثافة عن خوض الانتخابات بقوائم كفاءات أقرب إلى المستقلين منهم إلى الألوان الحزبية أو السياسية الفاقع لونها، وإن كانت مدعومة من الفصائل بتوجيه أنصارها إلى التصويت مع كتلة من المستقلين ثالثة.

إن وصول الفصيلين الكبيرين إلى هذه الرؤية دلالة راسخة على اعترافهما الضمني بالفشل في الوصول إلى توافق سياسي، مع تشكيلهما حكومة التوافق منذ نحو عامين ويزيد، دون أن يكون لها على الأرض أثر، والاعتراف الضمني بالفشل عمومًا مؤشر جيد، وإنه بداية النجاح بل بداية التحدي للوصول إلى النجاح، ليستعيد الفصيلان ما فقداه من رصيد جماهيري، إثر عمليات تآكله الناشئةِ عن تمترس أحدهما أو كليهما عند حواجز سياسية قد يكتشفان ساعتها أنهما بالغا في التشدد في ذلك.

إن تشكيل مجالس الكفاءات المختلطة -حسب النتائج- خطوة تستحق التقدير، وسوف يثبت للجميع حينها صوابية النهج، مع أنها جاءت متأخرة نوعًا ما، إن هذه التجربة المتميزة في إدارة الشأن المحلي -بغض النظر عن الآثار السياسية الإقليمية لها- سوف تكون درسًا جيدًا يستفيد منه شعبنا خطوةً لازمةً وضروريةً لحل الانقسام حلًّا تدريجيًّا، وربما جذريًّا، ولو بعد حين.

صحيح أنه من الصعوبة بمكان تصور التوافق السياسي، نتيجة سنوات طويلة من المحاولات التي لم تنجح فيها الجهود المختلفة والمتعددة لرأب الصدع وسد الفجوة، لكنه من المتوقع أن اشتراك الجميع في إدارة البلديات سوف يسهم بقوة في جعلهم يعيدون النظر في مواقفهم السابقة، ما سوف يقرب الأفكار بينهم، الأمر الذي سيكون له كبير الأثر في الاقتراب أكثر نحو توافق سياسي تدريجي وحقيقي حيث لا خيار آخر.

وختامًا: هل يحق لنا أن نروّج لهذا الطرح لنقول: إن كل الوساطات الإقليمية السابقة قد فشلت في تحقيق المصالحة، ونجح الشعب في التوفيق بين الأخوين اللدودين والصديقين الحبيبين الحميمين؟، إن ذلك لكي يحدث ويصبح حقيقة بحاجة إلى أن يعطي الطرفان الفرصة المناسبة لوساطة الشعب بالرجوع إلى الصندوق، الذي لا شك أنه قد سئم الانقسام عقدًا من الزمن، ولم يعد لديه من الصبر مزيده.. قد يبدو ذلك حلمًا، لكن على الشعب أن يجعله عين الحقيقة، فهل يصلح الصندوق ما أفسد الدهر؟!.

محمد رمضان الأغا

من نفس القسم دولي