الوطن

إجراءات فرنسية غير مسبوقة على المسلمين ومؤسسات العبادة

بعد تقرير مجلس الشيوخ ومطلب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية

 

لم تمر إلا أيام قليلة على التقرير الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الفرنسي، خلال بداية الشهر، طالب فيه بوضع حد لتمويل دول أجنبية، ومنها المغرب والجزائر وتركيا والسعودية، بناء مساجد في فرنسا وتمتلك هذه الدول جمعيات إسلامية ومساندين وتؤثر بشكل مباشر على قرارات الجمعيات، مثل اختيار الأئمة وتعويضهم ماليا، والبت في عضوية عدد من المجالس الدينية. ويقول التقرير أن أكثر من 300 إمام من أصل 2500 تابعون للدول الثلاث المذكورة وليس لهيئات إسلامية فرنسية.

التقرير أكد حساسية العلاقة بين فرنسا والإسلام الذي هو الديانة الثانية فيها، وأن إشكالية تدخل الدولة في الشأن الديني يتعارض مع احترام قانون العلمانية المصادق عليه سنة 1905. التقرير جاء متوافقا مع مطالب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وبعض الباحثين في مجال الإسلام في فرنسا.

وتقدر التمويلات الموجهة للمساجد في فرنسا من قبل الدول، من بينها الجزائر، بحوالي 12 مليون أورو، كما ساهم المغرب سنة 2016 بـ6 ملايين أورو منها أجور 30 إماما منتدبا، في حين قدمت الجزائر = سنة 2016 لمسجد باريس الكبير مليوني أورو دون أجور 120 إماما منتدبا (أرقام قدمها سفير الجزائر خلال جلسة سماعه) والسعودية قدمت 8ر3 مليون أورو منذ سنة 2011، أما بالنسبة لتركيا فالأمر يتعلق بتمويل غير مباشر بدفع أجور 151 إماما منتدبا.

وتجدر الإشارة أن فرنسا الرسمية تشهد حالة من التحول في التعامل مع الديانة الإسلامية، ما سبب قلقا لدى المسلمين الفرنسيين بسبب الطريقة التعميمية التي تتعامل بها السلطات الفرنسية، وخلق حالة من الخلط بين الإسلام والإرهاب وداعش خصوصا. وقد استغلت هذه الاعتداءات الإرهابية في التقليل من الوجود الإسلامي حتى وإن كان بهدم المساجد، فمنذ ديسمبر الماضي تم غلق حوالي عشرين مسجدا ومكان عبادة، حسب تصريحات وزير الداخلية، بيرنار كازنوف، وهو الوزير الذي ينتقده الجميع على " نقص الفعالية" في مكافحة الإرهاب.

من جهة أخرى، أكد عميد المسجد الكبير بباريس، دليل بوبكر، في حديث لوأج، أن "مسلمي فرنسا قلقون بسبب الرغبة في الخلط بينهم وبين عناصر التنظيم الإرهابي داعش المولودين بفرنسا". كما أعرب عن دهشته لكون "الفرنسيين الذين لا يفهمون الإسلام يعتقدون أن ما يقوم به تنظيم داعش وتهليلها بـ"الله أكبر" كلما ارتكب عمل إرهابي، وأن ترديد آيات قرآنية يعني الإسلام". 

من جانبها، تنوي الحكومة الفرنسية، في الأيام المقبلة، إعادة إحياء "مؤسسة إسلام فرنسا" من أجل العمل "على ضمان الشفافية الكلية في تمويل" المساجد، وهي عملية متحفظ عليها ومرفوضة من أغلب ممثلي الجمعيات الإسلامية لصعوبتها من جهة، وعجز الحكومة الفرنسية عن تمويل هذه المساجد والأزمة الاقتصادية التي تمر بها، إضافة إلى تحكم اليمين المتطرف في كثير من البلديات الفرنسية. ويعد الآن ملف التعامل مع الديانة الإسلامية موضوع تنافس انتخابي، كما سيكون الموضوع الأكثر حضورا في الانتخابات الرئاسية 2017.

خالد. ش

 

من نفس القسم الوطن