الوطن

الطرقات الجزائرية تتحول إلى ساحات للموت و"البروسيات" لم تعد الحل !!

الحكومة مطالبة بالتدخل لإعادة النظر في القوانين والبحث عن آليات صارمة لمعالجة الأزمة

 

لم تنفع الخطط والاستراتيجيات التي وضعتها مصالح الأمن في الجزائر للحد من أرهاب الطرقات فلا الحملات التحسيسية ولا عمليات الردع المتمثلة في "البروسيات" وسحب رخص السياقة جاءت بنتائج ملموسة بالنظر للأرقام المرعبة التي تؤكد وفاة 8 جزائريين يوميا بسبب الحوادث وهو ما يتطلب وقفة جدية للحكومة بجميع وزاراتها المعنية بالملف لأعادة النظر في القوانين والبحث عن اليات جديدة تكون أكثر صرامة تؤدي نتائج ملموسة في الواقع تقي الجزائريين.

كشفت الأرقام المرعبة التي قدمتها قيادة الدرك الوطني حول عدد الوفيات في الجزائر بسبب حوادث المرور عن واقع مؤلم وظاهرة تزداد سواء رغم الخطط التي وضعتها المصالح الأمنية وحملات التحسيس أحيانا والردع في حالات اخري فرغم كل هذا لا تزال طرقات الجزائر أماكن للموت وتحصد يوميا 8 قتلي، بتعدد الأسباب بين العامل البشري وعامل الطرقات وكذا عامل وضعية المركبة ما يجعل أي إجراءات اتخذت من قبل غير صالحة، ويستدعي تدخل من أعلى السلطات في البلاد وتحرك سريع من طرف الحكومة ممثلة في كل الوزارات المعنية بالملف من أجل  إعادة النظر في المخطط المروري بإشراك جميع الأطراف، للتوصل إلى حلول كفيلة بالتقليل من إرهاب الطرقات، والابتعاد عن الحلول الترقيعية والردعية لأن هذه الأخيرة  لم تأت بأي نتيجة، ويشدد الخبراء والمتتبعون للملف سواء من جمعيات مجتمع مدني أو من رجال امن على أهمية إدراج الثقافة المرورية في البرامج التعليمية، معتبرين أن  السياسة الوطنية للوقاية من حوادث الطرق لا يجب أن تقتصر على  فرض العقوبات، بل يجب ان تتجه أكثر نحو التركيز على وعي المواطنين بإشراك مختصين في علم الاجتماع وعلم النفس وفعاليات المجتمع المدني بقصد التقليل من عدد الحوادث، والإكثار من حملات وسائل الإعلام، خاصة وان المشكل مشكل وعي جمعوي فالجزائر وبحسب المختصين لا تشكو على مستوى التشريع من نقص في النصوص، بالنظر إلى القائمة الكبيرة من الإجراءات الحديثة الرامية للحد من ارتفاع حوادث الطرق، ألا أن الخلل يكمن في تطبيق هذه الإجراءات وعدم وجود الصرامة في تطبيق قوانين المرور على الجميع دون معريفة ودون "رشوة" . كما يرجع العديد من المختصين استمرار ارتفاع الحوادث لغياب إرادة سياسية للقضاء على هذه الظاهرة، بدليل سكوت الحكومة الحير عن الحوادث المميتة التي جرت مؤخرا واودت بحياة العشرات من الأشخاص في وقت واحد مشيرين أن المندوبية الوطنية للسلامة المرورية، التي تم انشائها من طرف وزارة الداخلية من أجل التكفل بـتنفيذ السياسة الوطنية للأمن عبر الطرق، وتقديم الدعم للعمل الوزاري المشترك في هذا المجال لم نشهد لها أي نشاط منذ إنشائها. 

كما تساءل المختصون عن الدور الذي يقوم به المركز الوطني للأمن عبر الطرق، الذي ترصد له عشرات المليارات سنويا، معتبرين أن العمليات التحسيسية التي يسطرها محدودة كونه يعتمد فقط على المطويات والنشريات، في حين أغفل العمل الميداني الذي يعتبر ركيزة أساسية لتحقيق النتائج المرجوة. ويلخص هؤلاء الحلول التي تسمح بالقضاء على ظاهرة حوادث السير في ضرورة الاهتمام بالعامل الإنساني من خلال تسليط أقصى العقوبات على المتسببين فيها، والتحلي بالصرامة في تطبيق القانون وعدم المحاباة في تسيير هذه القضايا، ناهيك عن تدعيم التربية المرورية والتوعية والتحسيس تنفيذا لما ورد في القانون رقم 09-87 الصادر سنة 1987، الذي ينص على ضرورة إدخال التربية المرورية في برامج التعليم. وهو القانون الذي بقي حبرا على ورق على اعتبار أن السلامة المرورية لا تتأتى إلا بإقناع المواطن بضرورة احترام قوانين السير للحفاظ على حياته، مع ضرورة سن قوانين تلزم بضرورة إخضاع السائقين لاختبارات، ونزع الرخصة من الأشخاص المشكلين خطرا على "سلامة الطرقات".

يذكر أنه واستنادا لآخر تقرير للأمم المتحدة، فان حوادث الطرق تخلف نحو مليون ونصف المليون حالة وفاة، وأكثر من 50 مليون مصاب سنويا حول العالم، منهم 500 ألف طفل، وتبقى الجزائر تحتل الصدارة عربيا، والمرتبة الرابعة في العالم، في حصيلة حوادث المرور التي ترتفع من سنة إلى أخرى، لتزيد من عدد الضحايا ونسبة المعوقين والمصابين بسبب إرهاب الطرقات، الذي بات يخلف كل أسبوع ضحايا جدد. 

س. زموش

من نفس القسم الوطن