الوطن
الحكومة تسير بتوجهين... وضع اقتصادي متدهور في الواقع يسوق بتصريحات وردية ؟!
تصريحات سلال المتفائلة لم تطمئن المتتبعين بقدر ما أثارت استغرابهم
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 جولية 2016
لا تزال تصريحات الحكومة تعرف تضاربا كبيرا بين ما هو موجود على أرض الواقع وبين التطمينات التي تطلقها في كل مرة حيث أثارت تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال بشأن الوضعية الاقتصادية التي تعيشها الجزائر نهاية الأسبوع استغراب الخبراء الاقتصاديين من منطلق أن الوزير الأول الذي أكد أن الوضع الاقتصادي مستقر وأن الحكومة لا تنتهج سياسة تقشف بقدر ما هي سياسة لترشيد النفقات هو نفسه من بعث مؤخرا تعليمات للمؤسسات العمومية والإدارات من أجل التقشف في ميزانية 2016 تحسبا لسنة 2017 التي ستكون قاسية على الجزائريين، وهي الحكومة ذاتها الذي أكد وزراء فيها أن خزينة الدولة شبه فارغة وأن الجزائر تتجه للاقتراض من دولة صديقة كالصين وصناديق افريقية من أجل تمويل الاستثمارات والمشاريع الكبرى.
مرة أخري تقع الحكومة في فخ التناقض فتصريحات سلال المتفائلة التي أطلقها خلال زيارته لأم البواقي لم تطمئن المتتبعين بقدر ما أثارات استغرابهم وحيرتهم بسبب أن الوزير الأول بالغ كثيرا في محاولة اظهاره الوضع المالي والاقتصادي للجزائر مستقرا خاصة عندما أكد تحسن الاوضاع الاقتصادية للبلاد سنة 2018، على الرغم من ان الظروف ستكون "عسيرة نوعا ما" خلال سنة 2017، مؤكدا أن قانون المالية لسنة 2017 سيحمل تقليصا للنفقات المتعلقة بالتسيير والتجهيز، مؤكدا عدم انخفاض احتياطي الصرف دون مستوى 100 مليار دولار مهما كانت الظروف نافيا نية الجزائر للتوجه نحو الاستدانة الخارجية، وهي كلها تأكيدات وتطمينات قد لا تتحقق على أرض الواقع بسب المؤشرات الموجودة. وما اثار الاستغراب اكثر هو أن الوزير الأول عبد المالك سلال ومن خلال تصريحاته الأخيرة ناقض نفسه وهو ما أعطي مؤخرا تعليمات للإدارات والمؤسسات العمومية من أجل الاقتصاد في ميزانية 2016 وترك 20 بالمائة منها لسنة 2017 كما أنه ناقض زملائه في الحكومة فالعديد من الوزراء مؤخرا خرجوا بتصريحات صادمة واكثر واقعية من تلك التي أطلقها سلال مؤخرا منهم وزير الداخلية والجماعات المحلية الذي أكد ان خزينة الدولة شبه فارغة وانه على السلطات المحلية إيجاد مصادر تمويلية أخري كذلك تصريحات وزير الخارجية ووزير الصناعة وكذا وزير التجارة الذين أكدوا أن الجزائر قد تستدين من دول صديقة كالصين وصناديق أفريقية من أجل تمويل المشاريع الاستثمارية، من جانب أخر فان إصرار سلال على التأكيد أن الجزائر لا تنتهج سياسة تقشف رغم التعليمات الورقية يشعر الرأي العام بأن الحكومة تسير بتوجهين، الأول سار في التعليمات الورقية حول ترشيد النفقات العمومية وتجميد المشاريع، والثاني متواجد في تصريحات سلال وبعض الوزراء الذين يعاكسون فيها تماما الوضع الاقتصادي الحالي . كل هذا جعل الخبراء الاقتصاديين يجزمون ان الوزير الأول عبد المالك سلال يتعمد هكذا خطاب للمحافظة على استقرار الجبهة الاجتماعية وتفادي هروب المستثمرين، بالتعويل على أموال احتياطي الصرف ألا أنه يكشف عن عجز واضح للحكومة التخلص من التبعية للمحروقات والتشبث بآمال تعافي أسعار النفط لتبقي أي حلول مجرد تسيير للازمة وليس تجاوزها بنموذج اقتصادي جديد ينهي زمن النفط.