الوطن

الأحزاب الجزائرية توحد مواقفها وتؤكد... زمن الانقلابات العسكرية قد ولى

اعتبروا ما حدث في تركيا درسا في الديمقراطية يجب الاستفادة منه سلطة وشعبا

 

أظهرت مواقف الأحزاب السياسية موقفا موحدا ضد الانقلاب على الإرادة الشعبية والحكومة المنتخبة في تركيا، كما أكدوا وقوفهم مع الديمقراطية التي لا يوجد بديل لها في الحكم لجميع الشعوب دون انتقائية في المواقف، كما حدث من بعض الدول الغربية التي وقفت بشكل فيه نفاق سياسي غير مبرر ومزعج ومقلق، كما عبرت معظم الأحزاب أن الشعوب العربية والإسلامية أنها قادرة على حسم خياراتها واختيار من يحكمها، وأن الشعوب برهنت على حماية خياراتها حتى أمام الدبابات، وأن الأتراك قدموا تجربة ورصيدا آخر في النضال السلمي ومقاومة منطق مصادرة إرادة الشعوب وحريتها وسيادتها.

ووحدت الأحزاب السياسية في الجزائر سواء في القطب الإسلامي أو غيرها مواقفها حول ما حدث في تركيا، على تأكيد رفضهم المطلق لمحاولات الانقلاب العسكرية، في وقت أجمع معظمهم على أن "زمن الانقلابات العسكرية قد ولى"، وانتهزوا الفرصة ليحذروا السلطة من محاولة تغلغل "المخابر الصهيونية"، إلى أرض الوطن وتكرار سيناريو تركيا مع الجزائر، مستندين على تصريحات مسؤولين كبار في الدولة أفصحوا من خلالها عن سعي البعض لزعزعة استقرار البلاد.

 

البناء الوطني: "تلاحم السلطة مع الشعب هو من صنع النجاح''

قال بيان حركة البناء الوطني، أمس، تعقيبا على إحباط محاولة الانقلاب على الشرعية في تركيا، أن ''تلاحم السلطة مع الشعب التركي حقق نجاحا باهرا من أجل حماية الديمقراطية وصيانة استقرار الدولة وحماية الجمهورية من محاولة الانقلاب''، مضيفا ''نثمن إرادة الشعوب الحاسمة في حماية مكتسباتها الديمقراطية ونضالها الميداني من أجل إيقاف التلاعب بإرادة الأمم وتحملها المسؤولية المباشرة في إنهاء عملية الانقلاب وخيانة الدستور والتآمر على السيادة الشعبية''.

ومن جهة أخرى، أشادت بـ 'موقف الأحزاب السياسية التي غلبت المصلحة الوطنية واختارت الوقوف إلى جانب الإرادة الشعبية ورفضت الانقلاب''، وختم البيان بالتنويه بدور وسائل الإعلام في تنوير الرأي العام والانحياز إلى الشعب في خياره الحر وتفاعله مع حكومته من أجل حماية الديمقراطية في تركيا''.

 

عبد العالي رزاقي: ''حماية المؤسسات المنتخبة من مهام الشعب وليس الجيش''

برر المحلل السياسي عبد العالي رزاقي خلفيات مسعى القيام بالانقلاب في تركيا بكونه يحمل بعدين، الأول قال بأنه يتعلق بوجود علاقة بين أطراف في مؤسسة الجيش التركي والكيان الصهيوني، ولذلك، يضيف المتحدث في رده على سؤال لـ"الرائد" حول خلفيات الأحداث التي عاشتها تركيا ليلة الجمعة إلى السبت، فآن التوتر الحاصل في علاقات تركيا مع الكيان الصهيوني منذ مدة والعودة المحتشمة مؤخرا في تطبيع العلاقات، كلها تعتبر أحداثا ساعدت هذه الأطراف على التعجيل في إظهار نيتها المبيّتة منذ عقد ونيف، وهي الإطاحة بالنظام السياسي الشرعي الذي منحه الشعب عبر صناديق الاقتراع فرصة اعتلاء سدّة الحكم.

وأضاف الأستاذ جامعي يقول في هذا الصدد بأنه وبالإضافة إلى تلك الأحداث، فقد كانت لمبادرة الرئيس التركي أردوغان الرامية إلى تطبيع علاقات تركيا مع روسيا، مؤخرا، وهو ما يعتبر خطا أحمر بالنسبة لأمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني في علاقتها مع تركيا، التأثير على تسارع الأحداث وإظهار مسعى الإطاحة به.

أما الشق الثاني، يضيف محدثنا، فيتعلق بتزامن الانقلاب مع وضع أمني دولي عصيب خصوصا أنه تزامن بيوم واحد فقط مع ما حدث في فرنسا، وأسبوعا فقط بعد انسحاب سفراء عدة دول بينها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من أنقرة، وبذلك، يمكن القول، يشير رزاقي، إلى أن العملية مدبرة من طرف المخابرات الأمريكية والأوروبية والموساد سواء بالدعم أو التخطيط.

وعن أسباب فشلها، قال المتحدث أن السبب الرئيسي يعود أساسا إلى دور الشعب التركي في حماية نتائج الانتخابات الحرة والديمقراطية ومؤسسات دولته، وهي رسالة واضحة إلى كل الدول العربية. أما بخصوص تدخل الجيش في السياسة، فإن المؤسسة العسكرية لها الحق بالمطالبة بانتخابات ديمقراطية وليس فرض مرحلة انتقالية مهما كان شكلها.

 

عبد الله جاب الله: "تدخل الجيش في السياسة لا يأتي بخير"

تحدث رئيس جبهة العدالة والتنمية، الشيخ عبد الله جاب الله، في تعقيب له على ما حدث في الساعات الماضية في تركيا، بالقول أن الدرس التركي في فشل الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب شرعيا هو درس لكل الأنظمة العربية التي وصفها بـ"الغاشمة" والتي قال بأنها تسلب حق الشعب وخياراته.

وندد الشيخ جاب الله، في تصريح لـ"الرائد"، بهذه المحاولة قائلا: "أن تدخل الجيش في السياسة لا يأتي بأي خير بل هو شر كله، لأن هذا التدخل سيكون استبداديا". وعرج المتحدث على ما حدث في الجزائر خلال فترة التسعينيات كنموذج على ذلك، قبل أن يقول أن ما حدث في تركيا من مسعى للانقلاب على الشرعية هو درس لقوى العلمنة التي لا تصدق بالديمقراطية ولا تؤمن بها، بل هي عندها محض شعارات فقط.

 

جيلالي سفيان: ''انقلاب تركيا مغامرة فاشلة وغير مقنعة لأن السلطة شرعية''

بدوره قال رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، في تعقيب على ما عاشته تركيا في الساعات الماضية من مساع للإطاحة برئيس منتخب، من قبل الجيش، بالتأكيد على أن ما حدث شيء عجيب خاصة وأن هذا الانقلاب، يضيف المتحدث في تصريح لـ"الرائد"، كان من جماعة قال بأنها لا تمثل مؤسسات الدولة.

ووصف جيلالي سفيان القيادي في قطب المعارضة بأن الذي أدار مسعى الانقلاب في تركيا عمل معزول لفئة معارضة، قبل أن يصف ما حدث بـ"المغامرة غير المقنعة تماما وفاشلة"، وأضاف محدثنا يقول: "يمكننا القول أن ما حدث في تركيا يبرز دور الانتخابات الشفافة والديمقراطية وتدخل الشعب في حماية خياراته وأصواته، وهو عكس ما يحدث في الدول العربية".

وأضاف يؤكد على أن هذا الدرس لا يمكن إسقاطه على بعض الدول، وأعطى مثالا كالجزائر التي عاد وتحدث عن وجود سلطة غير شرعية وعن وجود تزوير في الانتخابات، قبل أن يقول أن مطالبة بعض الأطراف بتدخل الجيش (مثلما حدث قبيل رئاسيات 2014) هي دعوات للمؤسسة العسكرية لتحمل مسؤوليتها بسبب ما وصفه بـ"ضعف النظام"، وهي دعوات للضغط على السلطة من أجل الذهاب إلى انتخابات شفافة وديمقراطية ليس إلا.

 

موسى تواتي: "عهد الانقلابات انتهى منذ أمد بعيد"

في حين أكد رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، على أن ما حدث في تركيا يعتبر خطأ جسيما لا يمكن للمجموعة الدولية أن تسمح به، فعهد الانقلابات على الشرعية قد ولى وانتهى منذ أمد بعيد، على حدّ تعبيره، قبل أن يؤكد على أن الأنظمة يجب أن تمتثل للانتخابات الديمقراطية والشفافة واستقلالية القضاء.

ودعا المتحدث بالمناسبة الأنظمة العربية إلى ضرورة الاستفادة من الدرس التركي، داعيا إياها إلى ضرورة الذهاب إلى أنظمة ديمقراطية عبر انتخابات شفافة وبناء مؤسسات الدولة، والجزائر التي تتجه في مسار لجعل السلطة سلطة الشعب عليها، يضيف تواتي، بناء نظام اقتصادي وسياسي في مستوى ما وصلت إليه حكومة تركيا، وهي مراهنات كيف نبني ديمقراطية حقيقية يحميها الشعب.

يونس. ش

من نفس القسم الوطن