دولي
الداخل الفلسطيني في مواجهة المخطط الاستيطاني الأخطر لتهويده
**القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 جولية 2016
لم تسكت الجماهير الفلسطينية يوم أن أعلن الاحتلال الصهيوني مخططاته الماكرة للاستيلاء على أكثر من 20 ألف دونم من أرضنا المحتلة عام 1948م (أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها)، يومها خرجت الجماهير في الثلاثين من آذار (مارس) عام 1976م غاضبة من جرائم الاحتلال، وقدمت الشهداء والجرحى، رفضًا لمرسوم صهيوني جديد صدر رسميًّا في منتصف السبعينيات، أطلق عليه اسم مشروع "تطوير الجليل" والمقصود منه "تهويد الجليل"، إذ خصصت الأرض المسروقة للمستوطنات في سياق مخطط تهويد الجليل، علمًا بأن الاحتلال صادر ما بين عامي 1948م و1972م أكثر من مليون دونم من أراض القرى في الجليل والمثلث. المخططات الصهيونية للاستيلاء على أرضنا في السبعينيات تتكرر اليوم تحت مسميات التطوير، وهذا التطوير يقضي على المساكن الفلسطينية، ومَنَع الفلسطينيين من زراعة وفلاحة أرضهم، ووضع هذه الأراضي تحت السيطرة "الإسرائيلية المباشرة".
هذه المخططات التهويدية لم تتوقف يومًا بحق الداخل الفلسطيني عام 1948م، بل زاد وتيرتَها الاحتلال الذي يصدر كل يوم قرارات استيطانية تعسفية بحق أرضنا، ويصادر حريات الفلسطينيين، ويهدد مرارًا بتنفيذ عمليات التهجير القسري لفلسطينيي الـ48 الذين يعانون الويلات بسبب معاملة الاحتلال لهم، والتفكير الصهيوني في تهجيرهم من أرضهم وسرقة وتهويد كل أراضي الـ48، وعلى رأسها الجليل الفلسطيني المحتل. وحديثا أعلن الكيان الصهيوني نيته تنفيذ مخطط استيطاني كبير، هو الأخطر والأشرس منذ 40 عامًا، يستهدف السيطرة على أربعة آلاف دونم من الأراضي الفلسطينية المحتلة في الداخل وتهويدها.
وحسب المعلومات الموثقة لدى المركز العربي للتخطيط؛ فإن المخطط الاستيطاني الإسرائيلي ينص على إقامة كسارات ومقالع ومحاجر إسرائيلية في البلدات التي يستهدفها، ومنها -إضافة إلى مرج ابن عامر-سهل طمرة والدامون وأراض ببلدات يافا الناصرة، ومجد الكروم، وطمرة، ويضاف إلى عشرات المخططات الأخرى الأقل خطرًا منه، ومناطق مجاورة لبلدات سكانية في يافا والناصرة من المفترض أن تقام عليها مشاريع إسكانية، وهو ما يعني وقف التوسع العمراني في هذه المناطق بصورة كاملة. إن الكيان الصهيوني قام بالأساس منذ عام 1948م وقبلها بعشرات السنين على سرقة أرضنا الفلسطينية، وإقامة المستوطنات الصهيونية، وقد بدأها بالمستوطنات الزراعية (الكيبتوسات)، ثم بدأ الصهاينة منذ أواخر القرن التاسع عشر السعي الحثيث إلى بناء المزيد من المستوطنات على أرضنا، وبدأ الصهاينة يعدون الخطط الخبيثة ويبعثون برسائل المطالبة والاستغاثة والتذلل إلى الإمبراطورية العثمانية والبريطانيين من أجل الموافقة على هجرتهم إلى أرض فلسطين، ومنحهم وطنًا قوميًّا على أرضنا، وحصل الصهاينة في عهد الاحتلال البريطاني لأرض فلسطين منذ عام 1936م حتى الانسحاب البريطاني عام 1948م على الكثير من التسهيلات من الاحتلال البريطاني، إلى أن مكنوا من السيطرة الكاملة على أرض فلسطين .
إن عيون الاحتلال الصهيوني تركز هذه الأيام على أرضنا المحتلة عام 1948م، وعلى الوجود والهوية لفلسطينيي عام 1948م الذين يعدهم الصهاينة الخطر الكبير على الكيان العبري، لذا يعمل الصهاينة على إعداد المئات من المخططات التهويدية للأراضي في الداخل المحتل، والأهداف كثيرة، وعلى رأسها وقف التمدد العمراني والتوسع في البلدات الفلسطينية في الداخل، والهدف الآخر التمكن من بناء المئات من الوحدات الاستيطانية، وذلك لتصبح هذه الوحدات الاستيطانية أمرًا واقعًا ثم تصبح "مدنًا صهيونيةً كبيرة وجزءًا من الأرض، وإن سياسات تهويد الأراضي تمنع الفلسطينيين من استخدام أراضيهم، وتوضع حراسات أمنية صهيونية مشددة على هذه المساحات الواسعة من أرضنا حتى تنفيذ المخططات وبناء الثكنات الاستيطانية، وإسكان من يطلق عليهم "المستوطنون الجدد"، مع العلم أن الكيان يستقبل أسبوعيًّا المئات من "المهاجرين" من أمريكا وروسيا ويهود أفريقيا، ويسكنون في ثكنات استيطانية صغيرة تمهيدًا لتجهيز أمورهم وأوراقهم ودمجهم في أجهزة العمل بالكيان العبري واستيعابهم في المدن المحتلة الكبيرة.
إن الأرض الفلسطينية تئن من مخاطر المخططات الاستيطانية التي تستهدف تهويدها ومصادرة الآلاف من الدونمات الزراعية، فلم يتوقف الاستيطان يومًا، ولم يكن الكيان صادقًا يومًا بوقف الاستيطان، ويواصل الاحتلال كذبه العلني وخداعه للمجتمع الدولي، ويواصل سرقة الأرض وبناء الثكنات الاستيطانية عليها، وهذا المخطط جزء من مئات المخططات الاستيطانية.