دولي

نتنياهو بإفريقيا... تمدد إسرائيلي وانكماش عربي

**القلم الفلسطيني

 

 

كما يفعل زعماء الدول العظمى جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عددا كبيرا من قادة الدول الأفريقية للقائهم دفعة واحدة، كما طالبت "إسرائيل" بمنحها صفة دولة مراقب في الاتحاد الأفريقي على غرار دول وكيانات كبرى كالهند والصين وتركيا والبرازيل واليابان، والاتحاد الأوروبي.

وقد نبهت زيارة نتنياهو إلى أربع دول أفريقية ذات ثقل كبير بداية يوليو/تموز الحالي، للمخططات الإسرائيلية في القارة السمراء. وجاءت الزيارة -التي وصفها نتنياهو بالتاريخية-تحت شعار حالم مفعم بالشاعرية، "إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل"، وبدأها بأوغندا ثم كينيا ورواندا لينتهي به المطاف في إثيوبيا. ولا يمكن وصف هذه الزيارة بأقل من أنها زيارة بالغة الخطورة وتحمل في طياتها الكثير من الدلائل والمعاني، وقد تعمد نتنياهو الإعلان بأنها تصادف الذكرى الأربعين لمقتل شقيقه في عملية عنتيبي قبل 40 عاما خلال عملية تحرير طائرة ركاب كانت الجبهة الشعبية الفلسطينية قد اختطفتها إلى أوغندا آنذاك. وربما رأى نتنياهو أن التوقيت مناسب للتمدد بأفريقيا في ظل انهيار كبير لمنظومة النظام العربي؛ فالعراق منشغل في حرب طائفية، وكذلك سوريا، وتنشغل دول الخليج بحرب اليمن، وليس الحال بأفضل في ليبيا ومصر والسودان والصومال. أما الجامعة العربية فلا تكاد تسمع لها ركزا، رغم أن من مهام أمين عام الجامعة العربية السياسية توجيه نظر مجلس الجامعة أو الدول الأعضاء إلى مسألة يقدر الأمين العام أهميتها. وفي زيارة نتنياهو أبدت "إسرائيل" استعدادا لتزويد جيوش جنوب السودان وأثيوبيا وكينيا وتنزانيا بمساعدات عسكرية تشمل طائرات بدون طيار، وسفنا سريعة، ومرشدين عسكريين، ومركبات مدرعة ووسائل تعقب إلكتروني.

وتستهدف المساعدات العسكرية الإسرائيلية في تلك المناطق ضمان قواعد لأسلحة الجو والبحرية الإسرائيلية على امتداد خليج عدن وشرق المحيط الهندي. وتتخذ "إسرائيل" من الصراعات المسلحة في أفريقيا مدخلا لتفعيل نفوذها السياسي والأمني، فلم تكن إسرائيل بمنأى عن الصراع في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، كما لم يغب الدور الإسرائيلي عن الصراع المسلح بين جنوب السودان وشماله قبل إعلان دولة الجنوب. ورعت "إسرائيل" تمرد جنوب السودان منذ بدايته، وتدرب كل قادة التمرد في "إسرائيل". وفي أول زيارة رسمية ومعلنة لرئيس جنوب السودان سلفا كير إلى "إسرائيل" في ديسمبر/كانون الأول 2011، قال كير للرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز: "لقد وقفتم إلى جانبنا طوال الوقت، ولولا الدعم الذي قدمتموه لنا لما قامت لنا قائمة"، وجاء كلام سلفاكير تعليقا على قول بيريز إن علاقة بلاده بقادة انفصال الجنوب بدأت أثناء حكومة ليفى أشكول في منتصف ستينيات القرن الماضي عندما كان بيريز نائبا لوزير "الدفاع". وفيما يخص الأهداف السياسة، فقد اعتبرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الهدف الأساسي من زيارة نتنياهو، هو عدم الاعتماد على أوروبا كلاعب مركزي ووحيد في الساحة الدولية، وأن تعزيز العلاقات مع أفريقيا يدعم "إسرائيل" في المحافل الدولية، خاصة أنه في فترة سابقة كانت أفريقيا عاملا مساعدا للقضية الفلسطينية، وتضع "إسرائيل" نصب عينيها أن عدد سكان أفريقيا سيبلغ خلال عقود مقبلة 2.5 مليار نسمة، وهو ما لا ينبغي تجاهله. وتأتي محاولات "إسرائيل" الحصول على وضعية عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي لتحسين مكانتها الدولية وقدرتها على مواجهة التحركات الفلسطينية في الأوساط الدولية، فضلا عن أن العضو المراقب له حق المشاركة في الاجتماعات، كما يحق له تقديم المقترحات والتعديلات والمشاركة في المناقشات.

أما اقتصاديا؛ فإن "إسرائيل" تسعى لفتح أسواق جديدة في ظل أزمة اقتصادية عالمية وإقليمية، وتعلم "إسرائيل" أن أفريقيا قارة صاعدة، وقد تم تصنيف سبع دول منها ضمن قائمة أعلى عشرة دول في العالم من حيث معدلات النمو. وتوحي "إسرائيل" للأفارقة بأنها بوابة رئيسية لأسواق المال العالمية، ولذلك تنظر عدد من الدول الأفريقية إلى "إسرائيل" باعتبارها بوابة لتمتين علاقاتها مع الغرب، خصوصا مع المؤسسات المالية الدولية طمعا في الحصول على المساعدات. وأخذ الحضور الاقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا أشكالا مختلفة؛ ففي ساحل العاج على سبيل المثال، تقوم "إسرائيل" على إنجاز محطة للطاقة الحرارية باستخدام الغاز الطبيعي بكلفة 500 مليون دولار. وفي أثيوبيا من المقرر أن تتولى شركة كهرباء "إسرائيل" إدارة كهرباء سد النهضة المثير للجدل وإقامة محطات توليد الكهرباء الخاصة به.

ياسر محجوب 

من نفس القسم دولي