الوطن

الأحزاب تدخل في عطلة اختيارية وسياسيون يحذرون من انعكاساتها على التشريعيات القادمة

حالة من الجمود تشهدها المبادرات السياسية والحراك الحزبي

 

 

تعرف مختلف التشكيلات السياسية غيابا شبه كلي عن الحراك السياسي القائم اليوم في الجزائر، سواء في شقه الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي، وتكتفي أغلب الأحزاب، موالاة ومعارضة، بإرسال فاكسات تعبر من خلالها عن مواقفها من بعض الأحداث التي تحدث هنا وهناك، وترسل من خلالها مواقفها ورسائلها للداخل والخارج. ويرى مراقبون بأن مختلف التشكيلات السياسية موالاة ومعارضة تكون قد دخلت في عطلة إجبارية، يرى الكثيرون بأنها ستطول بعد طي ملف القوانين العضوية المنبثقة عن التعديل الدستوري ودخول مرحلة التشريعيات القادمة، وسط تحذيرات من الانعكاس السلبي الذي قد يتبعه هذا الجمود.

البعض يعقب على هذه الحالة بالقول بأنها أجندة عادية للأحزاب خلال هذه المرحلة من السنة، في حين يرى البعض الآخر بأن التشريعيات التي على الأبواب مطلع السنة القادمة تحتم على هؤلاء التكثيف من الظهور والحراك من أجل ترتيب البيت الداخلي، وحشد الأنصار لهذا المعترك الانتخابي الذي سيكون صعبا على الكثيرين بسبب شروط جاء بها قانون الانتخابات الجديد، ويجزم البعض الآخر بأنه وبعد أن اختارت السلطة فترة شهر رمضان التي تعرف عادة ركودا في الحياة السياسية من أجل تمرير مجموعة من القوانين التي وصفت بالمهمة والخطيرة، على غرار القوانين المنبثقة عن التعديل الدستوري وقانون واجب التحفظ بالنسبة للعسكريين، كما اختصر النشاط السياسي في شكل حرب بين السلطة والإعلام، عنوانها العريض الحريات، وتفاصيلها معارك يراها الكثير من المراقبين والسياسيين مقدمة لما هو آت، وانعكاسا لمخاض عسير لم ينزل حمله بعد.

يقول في هذا الصدد الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، أن "الركود السياسي الحاصل في الجزائر والذي تشهده عديد الأحزاب السياسية يعود أساسا إلى الانسداد الذي تسببت فيه السلطة، من خلال اتخاذها قرارات منفردة عكرت صفو الجو السياسي"، مضيفا أن "السلطة لا تزال ومن خلال نظرتها الأحادية الضيقة تسيير الشأن العام".

وأوضح محمد ذويبي، في تعقيب له على الموضوع، أن "غياب الحريات الفردية والسياسية والإعلامية بالجزائر هو الذي يعكر صفو هذه الإجراءات التي تستخدمها السلطة في كل مرة، والتي كرستها في التعديل الدستوري الأخير بنظرة أحادية، وكذا الإجراءات القانونية التي استخدمتها مؤخرا من خلال تمرير عديد مشاريع القوانين التي تكرس، حسبه، التزوير والإقصاء المسبق"، مؤكدا أن "السلطة وبانتهاجها هذه الطريقة الأحادية تريد فرض منطقها المتمثل في فرض منطقها بعيدا عن الصندوق وتغييبا للإرادة الشعبية".

وأفاد محمد ذويبي أنه "وفي حال ما بقيت السلطة على موقفها المعهود بإبقاء حالة الانسداد على حاله، فإن كل شيء سيبقى معطلا ومتوقفا، ما سيؤثر لا محالة على الأداء الاقتصادي والاجتماعي مستقبلا"، معتبرا أن "التنمية الاقتصادية في الجزائر مرتبطة أساسا بالعملية السياسية من خلال إشراك كافة الفاعلين في الساحة السياسية دون إقصاء أي طرف"، متسائلا "هل يعقل أن تقوم تنمية اقتصادية ببلادنا في ظل غياب عملية سياسية مفتوحة"، موضحا أن "التجارب تؤكد دائما أنها تبقى مرهونة بالانفتاح السياسي والحريات المكفولة بالاستقرار".

واعتبر المتحدث أن "لم شمل المعارضة قد أقلق فعلا السلطة بدرجة كبيرة بعد أن عاشت طيلة عشرية على تناقضات وخلافات الطبقات السياسية"، مضيفا أنه "أصبح للمعارضة وعي ومسؤولية كبيرة بعدما أدركت التحديات التي تواجه الجزائر، ما جعلها تطور فكرها وأداءها السياسي وتعمل لإرساء قواعد الممارسة السياسية عن طريق خارطة طريق لإخراج الوطن من التأزم"، معتبرا أن "المعارضة موجودة وموحدة ولها رؤية عن الوضع مستقبلا وما على السلطة إلا أن تتجاوب معها وتتفادى المناورات ومحاولة التوظيف، التي تريد من خلالها ربح بعض الوقت بدلا من وضع سياسة حقيقية بمنهجية سليمة تشترك فيها جميع الأطراف في تسيير الشأن العام بمشاريع جادة".

في حين يرى القيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، أن "الركود السياسي بالجزائر يرجع أساسا إلى طبيعة أجندات الساحة السياسية ورهاناتها"، مستطردا أنه "ومع ذلك فلا تزال بعض الأحزاب ومنها حركة مجتمع السلم "حمس" تواصل نشاطاتها يوميا على كافة المستويات البلدية والولائية والوطنية، ومنها الحركية التي عرفتها الحركة ومؤسساتها خلال شهر رمضان". وأشار المتحدث في سياق متصل إلى أنه "إضافة إلى الحراك البرلماني حول حزمة القوانين التي تم تمريرها في حالة الاستعجال ومحاولة السلطة خنق الحريات الأساسية والاعتداء على الحقوق السياسية والمدنية، ومحاولة غلق الحياة السياسية والتحكّم في العملية الانتخابية وتقنين التزوير المسبق عبر قانون الانتخابات"، مؤكدا أنه "يفترض في السلطة وأحزابها ممن يدّعون الأغلبية وتسيير الشأن العام أن يتحمّلوا المسؤولية السياسية تجاه تدهور الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، والوصول إلى حالة الركود السياسي كحصيلة سلبية للوضع العام، لا أن تتحمّلها أحزاب المعارضة

أمال. ط / هني. ع

من نفس القسم الوطن