دولي
عودة العلاقات التركية مع الاحتلال ... ماذا استفادت غزة؟
وسط تشجيع دولي وإقليم مشتعل
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 جوان 2016
تقاطعت المصالح التركية مع دولة الاحتلال مجددا، وسط تشجيع دولي وإقليم مشتعل، ومحاولات باءت بالفشل من أجل إنهاء حصار قطاع غزة، وكانت العلاقات التركية-الإسرائيلية قد شهدت قطيعة بعد حادثة سفينة مرمرة التركية التي كانت تقل 581 من المتضامنين مع غزة سنة 2010 متوجهة لفك حصار غزة فهاجمتها بحرية الاحتلال وقتلت 10 من ركابها، وظلت تركيا تشترط على دولة الاحتلال الاعتذار وتعويض الضحايا وفكّ حصار غزة بينما تدهورت العلاقات إلى شبه قطيعة تدخلت فيها كثير من الأطراف إلى أن بدأت ملامح اتفاق تظهر اعتذرت فيه "إسرائيل" علناً وقبلت بدفع 20 مليون دولار كتعويض للضحايا مع تخفيف حصار غزة.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم من أنقرة ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من روما، عن بدء المرحلة الأولى من اتفاق تطبيع العلاقات والذي بموجبه سيتم تبادل السفراء وإدخال مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر. وعلى رقعة الشطرنج المتعارف عليها في الشرق الأوسط يمكن القول إن كل من "إسرائيل وتركيا حققا مصلحتهما بعودة التطبيع بين البلدين فلا شيء في السياسية اسمه الربح المطلق".
ويؤكد د. ناجي البطة المختص في الشئون الصهيونية أن "التفكير بمنطق سياسة دولة ليس فيه معادلات صفرية أو معادلة أبيض-أسود ومعه فالدولتان هما رابحتان لأن إسرائيل مأزومة بسبب مشاكل المنطقة، وشعورها بالعزلة والملاحقة بسبب جرائمها، وتركيا بحاجة للتوغل أكثر في سياسة الغرب". ويتفق محمد مصلح الباحث في شئون الاحتلال مع القول بأن الاتفاق يحمل مصلحة مشتركة للبلدين لأن مصالحهما استراتيجية على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي وهما جزء من منظومة حلف الناتو ويضيف: "حزب العدالة بهذا الاتفاق سيبقى سنوات طويلة في الحكم بعد أن اضطرب داخلياً كثيراً وعلاقته المتباينة مع أوروبا قربته من إسرائيل، كما أن تركيا بحاجة لممارسة دور في الشرق الأوسط خاصة قضية فلسطين". نتنياهو الذي صنع مجده بهذا الاتفاق كان متأكد دوماً أن تركيا مهمة له في كافة السبل سواء على الصعيد الإقليمي أو المحلي بعد أن امتلكت تأثيراً على غزة في زمن حزب العدالة.
ويقول مصلح الباحث في الشئون الإسرائيلية إن "نتنياهو عانى من قطيعة دولية بسبب جرائم وسياسة إسرائيل التي استمرت لسنوات، في الوقت الذي كانت أمريكا تضغط فيه على الجانبين لضمان المصلحة الاقتصادية الأمنية، فهما حليفيها في المنطقة". ويتابع: "إسرائيل أعادت شريك أمني قوي واستعادت حليف استراتيجي كانت تمده بالسلاح وقطع الغيار علاوةً على الاتفاقيات الاقتصادية والتبادل التجاري والمصالح السياحية وغيرها". اما الإسعاف الأولي القادم من تركيا لغزة هو إنساني بالدرجة الأولى وسياسي بالدرجة الثانية مستقبلاً، وقد بدأت الأخبار من أيام تتحدث عن اشتراط تركيا إقامة محطة كهرباء ومحطة تحلية من البحر لحل أزمات غزة مع ضمانات بخطط إمداد إنساني من تركيا لميناء اسدود ثم غزة. ويقول ناجي البطة إن تركيا كدولة تتصرف وفق مصالحها العليا، وأنها فعلت لغزة ما لم يفعله كثير من الفلسطينيين، وأن اختراقها في حصار غزة كان إنسانياً في ملفات الصحة والمياه والكهرباء.
وثمة من يرى أن "إسرائيل قبلت بالشروط التركية بالنسبة لتخفيف حصار غزة أملا في التقاط ما تسميه إسرائيل بوادر حسن نية من حماس؛ قبل الولوج في ملفات مهمة مثل الجنود المفقودين، والطوق الأمني على غزة، الذي قد يبدأ النقاش فيه من بوابة تركيا وقطر". ويرى المحلل مصلح أن "حماس بحاجة لتخفيف طوق غزة الأمني، وأن الاتفاق يعزز من دور تركيا الإقليمي، في حين تستفيد حماس من وجود مكتب تمثيل دبلوماسي وسياسي لها في تركيا".