دولي

مهرجان الحجارة: الوجه الآخر لرام الله

القلم الفلسطيني

 

 بعيدًا عن مهرجانات الألوان والصور النمطية التي يعززها الإعلام (لغايات مختلفة) عن رام الله، تظهر الصورة المرفقة مقطعًا من الشارع رقم 443 وجدار الفصل العنصري وأبراج المراقبة لحراسته وحمايته، إلا أنها لم تستطع أن تثني موقع "والا" الصهيوني من وصفه بالشارع "الأكثر خطورة في البلاد". وذلك بسبب تزايد هجمات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في الأسابيع الأخيرة على الشارع، بالإضافة لعدة عمليات طعن حصلت مؤخرًا، مما دفع الجيش لإرسال تعزيزات لحمايته وتركيب وسائل مراقبة وحماية جديدة. وطوال فترة انتفاضة الأقصى كان المستوطنون يتجنبون المرور من خلاله بسبب كثرة عمليات إطلاق النار، فضلًا عن الحجارة والزجاجات الحارقة، وقام جيش الاحتلال بمنع مرور الفلسطينيين عليه لمدة عشر سنوات من 2004م إلى 2014م حيث سمح بالمرور على قسم بسيط منه (4 كيلومترات). بعد انتفاضة الأقصى توقفت عمليات إطلاق النار إلا أن أعمال رشق الحجارة والزجاجات الحارقة استمرت وإن كان بوتيرة منخفضة، إلا أنها تصاعدت بشكل كبير بعد حرب غزة الأخيرة (وهذه أحد إنجازات الحرب) وبالأخص في الأسابيع القليلة الماضية. وهذا الشارع الذي يمر في قسمه الأكبر من قرى جنوب غرب الله له أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للكيان الصهيوني. فما هو الشارع رقم 443؟ وما أهميته؟ يبلغ طول الشارع 31 كيلومتر، يمر بمسافة 15 كيلومتر داخل الضفة الغربية (منطقة جنوب غرب رام الله)، وهو يصل مستوطنات شمال القدس مع مستوطنة موديعين (غرب رام الله) وصولًا إلى اللد ومنطقة "تل أبيب". يبدأ الشارع من المنطقة الصناعية الاستيطانية عطروت شمال القدس، ثم يتجه غربًا مرورًا من جانب قرى شمال غرب القدس: بير نبالا والجديرة وبدو وبيت سيرا وقطنة وبيت اكسا، ومن عند قرى جنوب غرب الله: بيتونيا وبيت عور التحتا والفوقا وصفا وخربثا المصباح وبيت لقيا وصولًا إلى مستوطنة موديعين. الهدف من الشارع أن يكون بديلًا أقصر لشارع رقم واحد والذي يصل "تل أبيب" مع القدس، وذلك من أجل تخفيف أزمة السير على هذا الشارع الحيوي، وأيضًا (وهذا الأهم) من أجل إقامة القدس الكبرى وإقامة تواصل سكاني بين "تل أبيب" والقدس. فطوال 67 عامًا لم ينجح قادة الكيان الصهيوني بإقناع أغلب الصهاينة بمغادرة منطقة "تل أبيب" الكبرى (والتي يعيش فيها أكثر من نصف اليهود في فلسطين)، وهذا يهدد المشروع الاستيطاني في كامل فلسطين. فجاءت فكرة إقامة مستوطنة موديعين (وشقيقتها مستوطنة مكابين) على أراضي غرب رام الله (وقسم منها مقام داخل فلسطين المحتلة عام 1948م) لتتوسط الطريق بين "تل أبيب" والقدس، بحيث تغري المستوطنين بموقعها المتوسط هذا، ولتخلق نقطة تواصل ديموفرافي هامة بين المدينتين. عدد سكان المستوطنة داخل فلسطين المحتلة عام 1948 (موديعين ومكابين) بلغ 85 ألف عام 2012م، فيما الجزء الواقع داخل الضفة (موديعين عيليت) بلغ 55 ألف مستوطن. وفضلًا عن الأهمية في تشجيع الاستيطان خارج منطقة "تل أبيب" وتشجيع الاستيطان في القدس، فإن مستوطنة موديعين تقوم فوق آبار الغاز والنفط التابعة لغرب رام الله، والتي يقوم الاحتلال بنهبها ليل نهار. وعليه فإن عمليات المقاومة على هذا الشارع تعرقل الصورة الزاهية التي تحاول إغراء المستوطنين للقدوم إلى مستوطنات شمال القدس أو إلى موديعين، وحسب موقع "والا" فإنه في الفترة الأخيرة أصبح الكثير من المستوطنين يفضلون المرور عبر الطريق رقم واحد رغم أنه أطول ورغم أزماته المرورية على المرور من طريق 443 الخطير. لهذا يلعب شبان القرى التي تقع على جانبي هذا الطريق دورًا محوريًا في عرقلة المشروع الاستيطاني الصهيوني بجوانبه المختلفة: إقامة القدس الكبرى، وزيادة العمق السكاني للمستوطنين خارج "تل أبيب". صحيح أنهم لم يستطيعوا وقفه، وصحيح أنه لم يقتل منذ زمن مستوطنون على هذا الطريق، وصحيح أنهم لا يتصدرون الإعلام الفلسطيني (الإعلام العبري يتصدرونه 1

وخصوصًا في الأسبوع الأخير)، إلا أنهم يضعون كوابح للمشروع الاستيطاني ويمنعونه من التمدد بإمكانيات بسيطة (الحجر والزجاجة الحارقة). لذا من الأولى أن نهتم بمهرجان الحجارة في جنوب غرب رام الله على الاهتمام بمهرجانات الألوان والعبثيين في مقاطعة رام الله. 

ياسين عز الدين

من نفس القسم دولي