دولي

نحو خطوة صريحة وجريئة لحسم ملف المصالحة وانطلاق القطار الفلسطيني!

القلم الفلسطيني

 

 

بعد عشر سنوات من خضيض المصالحة بات واضحاً أن المصالحة قرار إسرائيلي يجري تنفيذه عبر البوابة المصرية، بإدارة مباشرة من رأس السلطة الفلسطينية، وأنه لا ضوء في نهاية النفق بل قاع سحيق مظلم. ولم يعد ثمة شك أن جهات متنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية المنتهية الصلاحية القانونية والوطنية وقيادة السلطة المنتهية الصلاحية القانونية والوطنية قد اختارت أن تتجه بإرادة استراتيجية حاسمة أنها لن تسمح بتغيير معادلتها السياسية القائمة على برنامج م ت ف القاضي بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي والحصول على دولة فلسطينية بالمواصفات الإسرائيلية من خلال الضغط السياسي الدولي. لم يبدأ الانقسام بالحسم العسكري الذي قامت به حماس في 2007؛ إذ كان ذلك هو التعبير العملي الأكثر قوة في مسيرة الانقسام الفلسطيني بين رؤيتين متناقضتين في التعامل مع الاحتلال. لم يبدأ الانقسام بالحسم العسكري الذي قامت به حماس في 2007، إذ كان ذلك هو التعبير العملي الأكثر قوة في مسيرة الانقسام الفلسطيني بين رؤيتين متناقضتين في التعامل مع الاحتلال. وقد تعاملت السلطة الفلسطينية بمنطق الاحتواء الناعم والخشن في تعاملها مع القوى الفلسطينية الرافضة لمنهجها السياسي، وأصرت أن تتعامل بمنطق أمني، ولم تسعَ للاحتواء السياسي على قاعدة وطنية بل على قاعدة برنامج اتفاق أوسلو الذي دفع بالقضية الفلسطينية إلى الكارثة في مجال الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. إن ما كان يدفعنا للإصرار على مسار المصالحة هو رؤية استراتيجية تجعل وحدة الشعب وسيلة لتحقيق أهدافه الوطنية، إذ لا تحرير مع الاختلاف الداخلي والانقسام السياسي، وأننا يجب أن نبحث عما يجمعنا ولو كان خيطاً رفيعاً؛ واعتقدنا أن الشعب الفلسطيني لا يقبل منا أن نكون منقسمين متفرقين، بل إن الدول الصديقة باتت تعدّ دعم الحقوق الوطنية الفلسطينية في ظل الانقسام مضراً بها ويظهرها أنها طرف خارجي يتدخل فيما لا يعنيه. وقد كان مفهوماً أن الدول المعادية وعلى رأسها الكيان الإسرائيلي يعنيها أن يكون داخل الشعب الفلسطيني من يدعم رؤاها ومصالحها بوضوح لا التباس فيه ولا شك، وهو ما أتقنته القيادة المتنفذة في السلطة الفلسطينية التي تمكنت من تعطيل جميع المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتعطيل القوانين من أجل فرض رؤيتها، وتحظى بإسناد عربي ودولي كبير في طريقتها لفرض سياسات القوى الدولية الممولة لها. وقد بات مكشوفاً للجميع أن السلطة الفلسطينية هي مصلحة إسرائيلية وأمريكية ودولية، وهي مشروع أمريكي إسرائيلي له أدواره الأمنية والتشغيلية في النيابة عن الاحتلال في إدارة المناطق الفلسطينية الأكثر كثافة سكانية، وإخماد أية تطلعات وطنية تحررية. وبات واضحاً أنه لا سبيل لتحرير ديارنا إلا بقرار فلسطيني واحد يعلن بوضوح أنه لا يملك إلا خياراً واحداً؛ وهو التحرير الكامل للأرض والإنسان، وأن المجتمع الدولي هو أحد أسباب الكارثة الفلسطينية وأنه لم يقدِّم في الحقيقة سوى إطالة عمر الاحتلال وشقّ الصف الوطني. رؤية الحل: إننا بحاجة إلى قرارات استثنائية جريئة تنقلنا بقوة إلى الأمام، وأن نقلب الطاولة المكسورة، ونكسر الكراسي من حولها، ونرسم مساراً جديداً لرؤية بلا طاولات، فلا جلوس إلا في ميادين المواجهة وثغور الرباط.

 وتتضمن رؤية الحل إعلان فشل كل محاولات المصالحة لعدم صلاحيتها وطنياً، وحل جميع اللجان المتفرعة عن تلك المحاولات، وإعفاء جميع فرق التفاوض. وبلغة واضحة قاطعة يتم إعلان وقف شامل لأي مطالبة تتعلق بالسلطة أو الانتخابات الرئاسية والتشريعية أو تشكيل منظمة التحرير، وإعلان نهاية الحديث فيها، وأنه لا نقاش إلا في ملف التحرير والاستقلال، وأن الشعب مسؤولية المحتل، ولسنا نوابا للمحتل في تقديم الخدمات له. ونعلن بوضوح أن مسار الثقة الوطنية لن يُعطَى إلا للمقاتلين في الميدان، وأن الاعتماد الوطني سيتم على أساس الموقف من العدو المحتل؛ فإما أن تكون مع الشعب والقضية والتحرير وإما أن تكون مع الاحتلال. ويجب العمل بوضوح على عزل مراكز النفوذ الصهيوني داخل الحركات الوطنية ولاسيما داخل حركة فتح التي ما زالت تعلن انحيازها للمقاومة في أدبياتها السياسية والشعبية والتعبوية وتتملّص من برنامج قيادتها المتصهين. هذه أفكار أولية يمكن أن تكون مقدمة لنقاش وطني، وأملي الكبير ألا نندفع ثانية وراء تحليلات سقيمة أثبتت التجارب سخفها وسقطها، وأن نتجه صوب الهدف العالي من جديد بلا انحناءات ولا التواءات.

 

 

 د. أسامة الأشقر

من نفس القسم دولي