الوطن

ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أهم مفاتيح نجاح النموذج الاقتصادي الجديد

خبراء يدعون الحكومة لضمان "نسيج مناولة" يرافق القطاعات المعول عليها ويؤكدون:

 

عبد المالك سراي: غياب المرافقة تسبب في فشل أداء المؤسسات الصغيرة
كمال رزيق: الحكومة مطالبة بالتعجيل في إصدار القانون التوجيهي لتطوير هذه المؤسسات 
 
أجمع خبراء اقتصاديون أن الحكومة وبعد توجهها نحو نموذج اقتصادي جديد يرتكز على قطاعات بديلة عن قطاع النفط مطالبة أكثر من أي وقت مضي بدعم وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إذ تحتاج هذه القطاعات البدلية التي يعول عليها كدعامة جديدة للاقتصاد الوطني ضمن هذا النموذج الجديد إلى "نسيج مناولة" من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تدعمها بالمنتجات المختلفة، ما يعني ان غياب هذه الأخيرة وضعف إنتاجيتها يعني فشل هذا التوجه الجديد ككل.
لا يزال حجم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر دون المستوي المطلوب بحسب المعايير العالمية، فدولة مثل الجزائر، يصل عدد سكانها إلى أربعين مليون نسمة، تحتاج إلى وجود ما لا يقل عن مليوني منشأة صغيرة ومتوسطة، كما أن ضعف أغلب هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعقد الوضع أكثر ويزيد من حدة الأزمة التي تعيشها الجزائر، ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن نقص في عدد هذه المؤسسات، أو تراجع إنتاجيتها من شأنه أن يؤثر على النموذج الاقتصادي الجديد التي تعتزم الحكومة البدء فيه قريبا بهدف إعطاء دينامية أكبر للاقتصاد الوطني خارج قطاع المحروقات. إذ يحتاج هذا النموذج إلى "نسيج مناولة" من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يدعم القطاعات التي يعول عليها وعلى راسها السياحة الفلاحة والصناعة بالمنتجات المختلفة، ما يعني أن الحكومة مطالبة بالتحرك سريعا من أجل تشجيع وترقية هذه المؤسسات الموجودة على أرض الواقع وتشجيع الشباب على خلق مؤسسات جديدة تكون قادرة على العمل بالموازاة مع مساعي تنويع الاقتصادي الوطني التي فرضتها الأزمة النفطية، وحسب الخبراء فان أولي الإجراءات التي يجب أن تتخذ في سبيل تطوير إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو توفير محيط ملائم بتقديم تسهيلات لرفع العراقيل البيروقراطية التي تحول دون إنشاء مؤسسات مع مرافقة هذه المبادرة بتخفيف شروط منح القروض لدى البنوك، مع تقليص المعاناة المفروضة من طرف الإدارة على القدرات المبدعة للمؤسسات وكذا خلق صناديق مالية تساهم في تحمل مخاطر الاستثمارات الجديدة وإنشاء برامج دائمة لدعم الصادرات وحمايتها وضماناتها، بالإضافة إلى ضرورة تأهيل الجامعة الجزائرية ومراكز البحث المتخصصة وكذا النظام الوطني للتكوين المهني بطريقة يمكن لها أن تلعب دور  في إعداد برامج تطوير وتنسيق بين مختلف المشاريع في طور الإنجاز من أجل نجاعة اقتصادية أكبر في المشاريع، والأهم من كل هذا ضمان مرافقة ومتابعة الدولة لهذه المشاريع وتقديم مزيد من الدعم خاصة للمشاريع الناجحة والتي تثبت قدرتها في دعم التنمية المستدامة 
عبد المالك سراي: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لم تحقق بعد الأداء النوعي بسبب غياب المرافقة
وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي الدولي عبد المالك سراي أن نجاح النموذج الاقتصادي الذي تحاول الجزائر تطبيقه من أجل الخروج من أزمة التبعية لقطاع المحروقات مرهون بعدة عوامل من بينها مدي حضور وقوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مشيرا أن التحفيزات التي جاء بها قانون الاستثمار الجديد غير كافية من أجل تطوير هذه المؤسسات كون أغلب بنود القانون صبت في اطار تشجيع الاستثمارات الأجنبية الكبرى في حين أن الاستثمار المحلي يعاني عراقيل أكثر من تلك التي يعانيها الاستثمار الأجنبي، وفي هذا الصدد شدد سراي ف أتصال هاتفي مع "الرائد"  على ضرورة الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيعها بهدف الوصول إلى أكثر من مليوني مؤسسة وطنية منتجة حقيقية خالقة للثروة، ليتسنى لها توفير العمل لطالبي الشغل و دفع المناولة قصد تقليص الواردات مشيرا إلى أنه على الحكومة الجزائرية تقديم التسهيلات المصرفية والجمركية اللازمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كي يصل إنتاجها إلى مستوى الجودة العالمية، وقال سراي ان الشركات الصغيرة والمتوسطة لم تحقق بعد أداء نوعي رغم أن عددها في السوق الوطنية أرتفع السنوات الخيرة ، ليشير إلى أن الأولوية حاليا تتمثل في الاعتماد على عملية التكوين، إلى جانب مرافقة هذه المؤسسات بصفة مستمرة ومتواصلة من أجل تطوير الخبرة بالدرجة الأولى مع دعم البحث وتشجيع المنافسة إلى غاية الوصول إلى مستوى الإنتاجية المطلوب، وأشار ساري  أن هناك المئات من المؤسسات التي تفلس سونيا في قطاعات متعددة رغم أن هذه القطاعات تعاني من نقص في مؤسسات المناولة ما يعني أن الاشكال قائم على مستوي ضعف تسيير وخبرة اغلب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من جهة وصعف بل غياب مرافقة الدولة.
كمال رزيق: على الحكومة الإسراع في الأفراج عن القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 
من جهته تساءل الخبير الاقتصادي والمالي كمال رزيق عن مصير القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذي أعلن عنه وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب منذ مدة بالموازاة مع إعلانه عن مشروع قانون الاستثمار، وقال رزيق في تصرحات للرائد أنه على الحكومة الإسراع في الأفراج عن هذا القانون من أجل تغيير نمط عمل عدة هيئات مكلفة بتعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثل الوكالة الوطنية لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمجلس الوطني الاستشاري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كون هذه الهيئات حسب رزيق لا تقوم بعملها على اكمل وجه مشيرا أن عملية ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي انطلقت في 2012  والتي لم تحقق أهدافها المرجوة. مضيفا أنه على أن القانون الجديد سوف إعطاء إطارا أفضل لخلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة وكذا حماية هذه المؤسسات من الزوال، من جانب اخر قال رزيق أن هدف الحكومة المتمثل في خلق حوالي 1 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة خلال الخماسي المقبل 2015-2019 صعب تحقيقيه رغم إصدار ترسانة من القوانين، كون الصعوبة تكمن في كيفية بقاء هذه المؤسسات نشطة وفعالة في السوق، موضحا أن أسباب ارتفاع عدد الشركات المفلسة يعود بالدرجة الأولى إلى سوء التسيير الداخلي، ودعا رزيق في هذا الصدد إلى خلق  محيط ملائم لإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة  من خلال ترسيخ ثقافة المقاولة في ذهن فئة السكان المؤهلين للتوجه نحو هذا النوع من النشاط. ووضع حد للعراقيل التي تعرفها عملية أنشاء هذه المؤسسات منها ضرورة تقليص المعاناة المفروضة من طرف الإدارة على القدرات المبدعة للمؤسسات، ومعالجة مشكلة التمويل التي يوجهها صغار المستثمرين عند تأسيس أو توسيع مشروعاتهم، وحل قضية الديون العالقة خصوصا بالنسبة للمؤسسات المستثمرة في الإنتاج والقادرة على زيادته بجدولة الديون بفوائد منخفضة و تفعيل برامج دعم فوائد القروض للصناعة والحرف والسياحة والزراعة والتكنولوجيا من خلال رفع سقف الاقتراض وخفض الفوائد  وكذا خلق صناديق مالية تساهم في تحمل مخاطر الاستثمارات الجديدة وإنشاء برامج دائمة لدعم الصادرات وحمايتها وضماناتها. 
س. زموش

من نفس القسم الوطن