الوطن

بن صالح يكتفي بانتقادات ضمنية لهولاند ويرفض تجريم الاستعمار

على خلفية تصريحاته الأخيرة في ذكرى مجازر 8 ماي 1945

 

ردّ رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، على تصريحات الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بمناسبة الذكرى الـ71 للانتصار على النازية في 8 ماي 1945، بقوله "ما نلاحظه للأسف اليوم هو أن ذهنيات بعض المسؤولين السياسيين والبرلمانيين - من حسن الحظ أنهم ليسوا كثرا في الضفة الشمالية للمتوسط - لم تهضم فكرة الجزائر المستقلة"، واكتفى الرجل الثاني في الدولة بتوجيه انتقادات ضمنية للرئيس الفرنسي الذي دعا الفرنسيين قبل أيام إلى الافتخار بتاريخ 8 ماي الذي يصادف ارتكاب بلاده مجازر في الجزائر العام 1954.
وحرص بن صالح، في افتتاح ندوة خاصة بمجازر 8 ماي 1945، نظمها مجلس الأمة، صباح أمس، بمقره بالعاصمة، على نعت الأخيرة بـ"أبشع الجرائم" التي ارتكبت ضدّ الشعب الجزائري، بل "جرائم إبادة جماعية حقيقية". ويلفت أنه يحرص على وصفها كذلك لتوجيه رسالة إلى "الذين من وراء البحر يريدون طمس الحقيقة والتستر على ماضيهم الكئيب في الجزائر" و"سعيهم لتلميع مشهده المقيت".
واستنكر المتحدث دعوة هولاند، دون أن يذكره، على شبكة التواصل الاجتماعي الفرنسيين إلى الاعتزاز والفخر بتاريخهم بمناسبة 8 ماي قائلا: "ما نلاحظه للأسف اليوم هو أن ذهنيات بعض المسؤولين السياسيين والبرلمانيين (من حسن الحظ أنهم ليسو كثرًا) في الضفة الشمالية للمتوسط لم تهضم فكرة الجزائر المستقلة ولا تتحرج (إلى اليوم) من إطلاق نداءات تدعو الشعب الفرنسي فيها إلى الاعتزاز والفخر بتاريخه بمناسبة 8 ماي !! بل وجدنا من هؤلاء من تجرأ على مناشدة الفرنسيين الاعتزاز بالدور الإيجابي للاستعمار في الجزائر!".
وفيما يشبه الردّ على الخطاب الرسمي الفرنسي الذي يردد في الآونة الأخيرة أن على الجزائر وفرنسا تجاوز الماضي والنظر إلى المستقبل، قال بن صالح: "إذا كان المستقبل يعتبر هامًا في العلاقة ما بين الدول، فإن المصارحة بالحقيقة تبقى لازمة ولا تتقادم مع الأيام ولا تمحى بالتصاريح الظرفية التي سرعان ما يأتي ما يعاكسها". وقال رئيس مجلس الأمة، "إننا في نفس الوقت لا نزال نفاجأ بين الحين والآخر ببروز توجهات من أنصار الفكر الاستعماري الاستعلائي الحاقد لا تزال تحن إلى اليوم على ذلك الماضي الاستعماري الغابر". واعتبر أن "الاستقلال لم يكن منحة مجانية وأن من حق الجزائريين التذكير بالحقائق والتعريف ببشاعتها حتى تبقى راسخة في الأذهان"، مضيفا: "وإذا كان المستقبل يعتبر هاما في العلاقة ما بين الدول، فإن هذا المستقبل يجب أن يبنى على أرضية صحيحة وصلبة خالية من التجاويف التحتية".
وشدد رئيس مجلس الأمة قائلا أن تنظيم هذا اليوم الدراسي جاء "لكي يعلم أولائك الذين من وراء البحر يريدون طمس الحقيقة والتستر على ماضيهم الكئيب في الجزائر من خلال سعيهم لتبييض صفحات سلوكياتهم المجرمة"، وتتمثل هذه السلوكيات حسب المتحدث "بوجه الخصوص في تزييف أعمالهم النكراء ضد الشعب الجزائري وسعيهم المتواصل لطمس الحقيقة الاستعمارية والتستر على أفعالهم، التي لا تزال إلى اليوم تصرخ بقوة في وجه الراغبين في طي صفحة الماضي عبر سعيهم لتلميع مشهده المقيت". واعتبر أن هذه المجازر كانت "لحظة حاسمة في تاريخ الجزائر كونها فجرت الغيظ والحقد الاستعماري على الشعب الجزائري، وفي نفس الوقت مهدت الطريق لسياسة غير محسوبة العواقب وجرتها في وحل حرب إبادة حقيقية، دفع شعبنا فيها الثمن غاليا"، مشيرا إلى أن "هذه السلوكيات وهذه السياسة أعطت درسا للشعب الجزائري وجعلت نخبته تفكر في مراجعة النفس والتحضير لثورة نوفمبر الخالدة وخوض الكفاح المسلح لانتزاع الاستقلال الوطني". 
ولم يتطرق بن صالح في كلمته للمطالب الجزائرية المتكررة الداعية إلى إعادة بعث البرلمان لمشروع قانون تجريم الاستعمار، الذي يكون على الأقل ردا على قانون تمجيد الاستعمار الذي أقره البرلمان الفرنسي، وهو المقترح الوحيد الذي تم إدراجه من قبل النواب كمقترح، غير أنه لم يتم الفصل فيه.
 
خولة. ب

من نفس القسم الوطن